قضايا المرأة

السرّ وراء ارتداء بيلي إيليش لملابس فضفاضة!

السرّ وراء ارتداء بيلي إيليش لملابس فضفاضة!
شارك الموضوع

في عام 2016، قامت بيلي إيليش البالغة من العمر حينها 14 عامًا، وهي مغنية أمريكية وموسيقية مقيمة في لوس أنجلس، بتحميل أغنيتها الأولى”Ocean Eyes” على SoundCloud في وقت متأخر من الليل.

كانت في ذلك الوقت، تتخذ الغناء كهواية فقط.

وعندما استيقظت في اليوم التالي، كانت أغنيتها تنتشر كالنار في الهشيم، استمع إليها الآلاف عبر منصات مختلفة وتلقت إيليش إشادات عديدة من وراء الأغنية!

 وعلى إثر ذلك، قامت هذه المراهقة التي سجلت للتو أغنية من أجل التسلية في غرفة نومها، بالتوقيع مع Darkroom و Interscope Records، ومن عند هؤلاء بزغ نجم بيلي إيليش بقوة!

تلقت إيليش في ذلك الوقت أولى صدماتها الإنسانية، عندما وصلت إليها تعليقات سخيفة بشأن جسدها وما يظهر منه والمخفي منه أيضًا!

بيلي إيليش نجمة البوب المراهقة

على عكس نجوم البوب ​​الآخرين، مثل: ديمي لوفاتو ومايلي سايروس وسيلينا غوميز، لم تكن إيليش في بداياتها مدعومة من أي شبكة تلفزيونية وبدلًا من ذلك، اعتمدت على استقلالية بعض المنصات التي قدمت مسارات جديدة في دعم نجومية الجيل الأول من الأطفال و المراهقين الذين نشأوا في العصر الرقمي المجنون!

لقد كانت منصة يوتيوب بمثابة خط البداية لنجوم مثل Justin Bieber و Alessia Cara و Charlie Puth، كل من هؤلاء استطاع تكوين جماهير غفيرة بعد الساعات الأولى لأول أغنية!

بدأت إيليش حياتها الموسيقية عبر منصة SoundCloud، وهي منصة كانت معروفة في بدايات تأسيسها بدعم فناني الهيب هوب، وكان من غير المعتاد أن تحقق مراهقة مثلها كل هذه الضجة!

لقد كانت إيليش هي التي تشارك في كتابة وإنتاج الموسيقى مع شقيقها فينياس أوكونيل Finneas O’Connell، الذي تلقى تعليمه في المنزل مع أخته طوال طفولته، يعتقد فينياس أن التواصل الدائم بينه وبين أخته هو السبب في نبوغهما وتميزهما عن سائر أقرانهما!

وبالنسبة لبيلي، فهي تعارض دائمًا أن يشاركها غيرها في إبداعها، هذه الحرية الإبداعية كانت تراها ضرورية لصانعها فقط، وفي مقابلة لها عام 2018 ، قالت إيليش:

ماذا سيكون الجحيم، سوى أن تجعل غيرك شريكًا في إبداع تصنعه أنت وحدك؟!

الملابس الفضفاضة خيار متعمّد

اضطرت بيلي إيليش إلى تحمل سخافات كثيرة من قبل الكثيرين على وسائل التواصل الاجتماعي وفي حياتها الواقعية حول ملابسها الفضفاضة، كانوا يرسلون إليها من بين سطور هذه السخافات، رسائل خفية بأنهم يعتقدون أنها يجب أن تُظهر المزيد من جسدها!

وقد كشفت إيليش أن ملابسها الفضفاضة وأسلوبها الفريد في ارتداء الملابس، هو خيار متعمّد لتجنب الوقوع كضحيّة للتمييز على أساس الجنس أو التنمّر، قالت إيليش: “لا أريد أن يعرف العالم كل شيء عني، لا أحد يمكن أن يكون له رأي عنّي!”

وإذا كنت امرأة، من السهل عليك الشعور بكونك تحت رحمة اختيارات الآخرين، يحدد الآخرون قيمتك بناءًا على صورة جسدك في كثير من الأحيان، وهذه تجربة بشعة!

وباعتبارنا عانينا جميعًا بشكل أو بآخر من تعليقات البعض عن أجسادنا في الماضي، فأنا أعلم أن سماع آراء الآخرين عن جسدكِ يمكن أن يكون مصيدة ذهنية مخيفة!

قالت بيلي إيليش في مقابلة لها مع مجلة Elle:

تجعلني تعليقاتهم غاضبة، يجب أن أرتدي قميصًا كبيرًا، حتى لا تشعر أنت بعدم الارتياح تجاه ثديي.

“لهذا السبب أرتدي ملابس فضفاضة، لا أحد يمكن أن يقول شيئًا عني في هذه الحالة، مثل: إنها نحيفة، إنها سمينة، لديها مؤخرة رفيعة، أو لديها مؤخرة سمينة، لا أحد يستطيع أن يقول أي شيء من هذا؛ لأنهم لا يعرفون ما دامت ملابسي فضفاضة!”.

لكن يبدو أنه حتى قرار ايليش بارتداء ملابس فضفاضة، لم تكن طريقة فعالة بالشكل الكافي في ظل فضول الكثير من الحمقى والمتنمرين.

ومع ذلك، فمن نواحٍ عديدة، أضاف قرارها بارتداء الملابس الفضفاضة حالة من الزخم الإعلامي لمناقشة موضوعات حرية الجسد باستفاضة!

وهو أمر مثير للحزن أيضًا وكاشف لكلّ الأعباء النفسية التي تضطر لتحملّها كل امرأة وفتاة في هذا العالم عن جسدها الطبيعي.

الثقافة الشعبية ضد المرأة

تصمم بيلي إيليش في أغنياتها على وضع الأمور في نصابها الصحيح فيما يتعلق بصورة الجسد ومخالفة مفاهيم العار في الثقافة الشعبية، تلك الثقافة الركيكة التي تتورط كل مرة في إدانة المرأة بلا داعي!

وعبر أغنياتها، تدعم بيلي إيليش الفتيات لاسيما المراهقات منهن بشكل ملائم؛ ليواجهن تحديات المجتمع طول الوقت، وهي تقوم بتوجيه هؤلاء الفتيات في كلمات أغنياتها لئلا يعرن اهتمامًا بهراء المجتمع وسخافاته!

تقول إيليش:

قد يتملكك هذا الشعور عندما تكون صغيرًا أنك أكبر من عمرك، فقد تشعر أنك ناضج جدًا وتعرف كل شيء، ينسى الناس أنك غدًا ستكبر وستدرك أن الهراء الذي يحاولون إقناعك به كان صعبًا عليك قبوله عندما كنت أصغر سنًا!

سيفاجئك مدى عُمق بعض نصوص أغنيات بيلي، تقول في أغنيتها المنفردة لعام 2019 بعنوان ‘عندما كنت أكبر سنًا’:

‘ في دمي، الذكريات تحترق مثل نار الغابة، الأمطار الغزيرة تحوّل أي محرقة جنائزية إلى طين في الفيضان

وتقول أيضًا: ‘كنت لتتعاطف مع كل الأشرار، ما زلت ضحية في حقي، لكن أنا الشرير في عيني

الأغنية مستوحاة من الفيلم الدرامي ‘روما’، حيث تتناول قصته العديد من المواضيع المتعلّقة بالحسرة والبؤس، وهذا ما يمكن ملاحظته في كلمات أغنية بيلي أيضًا.

 وفي ظل ثقافة شعبية قد تجد مبررًا لأعمال العنف المنزلي وضرب النساء بسبب وبدون سبب ووجود السبب لا يشرعن الجريمة بالطبع، تجد أغنيات إيليش طريقتها الخاصة في محاولة لخلق حوارات عالمية حول مواضيع مسكوت عنها في أغلب الثقافات، حول الكراهية الدفينة للمرأة والخوف من تحرّر قواها الكامنة.

إن مثل أغنيات بيلي إيليش تعالج أحيانًا مثل تلك القضايا كما لو أنها من ضمن فريق المُعالجين المتخصصين في إيقاف نزيف الكثيرين والكثيرات من اليافعين وإن كان على المستوى العاطفي أو كنوع من التضامن الوجداني والتضميد الروحي لجراحهم من بعيد!

إقرأ أيضًا لنفس الكاتب

بيلي إيليش كسفيرة النسوية على المنصات الموسيقية

مرّت النسوية في تاريخ الموسيقى بمجموعة متنوعة من المنعطفات، فعلى سبيل المثال، موسيقيات مثل دوللي بارتون وكيتي ويلز استطعن إعادة عدسة الجماهير إلى الموضع الذي يمكن من خلاله التقاط الصورة الصحيحة عن المرأة!

 وقد شاركت أريثا فرانكلين وبيونسيه وميسي إليوت وغيرهم في تطوير الحركة النسوية عبر غناء نصوص متقاطعة من قضايا تمسّ الجنس والعرق في وقت كانت الموضوعات النسوية غير ذات اهتمام إلى حد كبير في موسيقى البوب.

وتواصل بيلي إيليش إبراز القضايا النسوية في موسيقى البوب ​​الحديثة، على سبيل المثال في أغنيتها المنفردة Your Power، وهي الأغنية الثالثة من ألبوم Happier Than Ever.

حيث تتناول الأغنية موضوع هام جدًا عن علاقة يستخدم فيها الشريك الذكر سلطته للسيطرة على رفيقته، حيث تقول بعض كلمات الأغنية:

اعتقدت أنني كنت مميّزة، لقد جعلتني أشعر كما لو كان خطأي،

كنت أنت الشيطان، فَقدْت جاذبيتك

هل يُبقيك ذلك متحكمًا؟ حتى تُبقيها في قفص!

وهي بذلك تستدعي موضوعات حساسة وموجودة في كلّ مكان تعاني منها النساء والفتيات اليافعات على وجه الخصوص عن القوة والامتيازات المجانية التي يعتقد الرجل والشاب اليافع أنها من حقّه فقط لكونه ذكر، فيُقحم الطرف الآخر في علاقة مُسيئة ومؤذية.

الذي يُضفي التألق على مثل هذه الأغنيات هو أن إيليش لم تبلغ بعد من العمر أرذله، لتستطيع التعبير عن مثل هذه الموضوعات الدرامية بكل هذه الجرأة!

ولكن لا يجب أن ننسى أن بعض الحكمة والنضج لا تأتي بعدد سنوات عمرك بل بقساوة تجاربك الإنسانية وقدرتك على التعلّم منها.

كما أن جزء كبير من جاذبية Eilish هو أن موسيقاها تُخاطب معظم مخاوف وهموم جيلها، وهو ما سنلاحظه مثلاً في أغنية All The Good Girls Go To Hell التي تتحدّث بشكل غير مباشر عن أزمة تغيّر المناخ.

ولقد عبّرت بيلي إيليش في مقابلتها الأخيرة مع مجلة Vogue عن ثورتها على كل مفاهيم المجتمع ضد المرأة والتي لا تقتصر فقط على انتقاد جسدها بل أيضًا شخصيتها وأعمالها ورؤيتها للحياة!

إن قدرة بيلي إيليش على تناول قضايا أكبر تتعلق بعنف المجتمع تجاه النساء وقبح النظام الأبوي الذي يستغل المرأة لإجبارها على الإيمان بمفاهيم عفى عليها الزمن يجعل منها سفيرة نسوية حقيقية عبر المنصات الموسيقية وناشطة إنسانية وبيئية بطريقتها الخاصة!

شارك الموضوع
فريق يارا

فريق المحرّرين بموقع «يارا».