حياة

المرض النفسي حقيقة وليس عيبًا وكل امرأة معرّضة

المرض النفسي  حقيقة وليس عيبًا وكل امرأة معرّضة
شارك الموضوع

المرض النفسي لا يفرق بين الرجل والمرأة في الغالب، فقد قام الباحثون في دراسة واسعة لتفتيت العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية المختلفة التي قد تؤثر على الصحة العقلية لكل من النساء والرجال، فوجدوا أن بعض الاضطرابات النفسية تنفرد بها النساء بشكل كبير وبمعدلات أكبر من وجودها عند الرجال مثل الاكتئاب و القلق المرضي. 

ناهيك عن بعض الاضطرابات الأخرى على سبيل المثال الاضطرابات النفسية في أوقات تغير الهرمونات، مثل اكتئاب الفترة المحيطة بالولادة، واضطراب ما قبل الطمث، والاكتئاب المرتبط بانقطاع الطمث وغيرها.

حتى عند التطرق لأنواع أخرى من الاضطرابات العقلية التي يشترك فيها كلا الجنسين، كالفصام وإضرابات ثنائي القطب نجد معدلات إصابة النساء بتلك الأمراض تفوق بكثير معدل إصابة الرجال وتكون أعراضها واضحة أكثر على النساء.

كيف تواجه المرأة حقيقة إصابتها بالمرض النفسي؟

يشير معهد أبحاث صحة المرأة في جامعة نورث وسترن إلى أن النساء أكثر عرضة من الرجال للشعور بالخجل والعار في الإفصاح أو طلب المساعدة عندما يتعلق الأمر بالصحة العقلية أو النفسية. وقد يكون ذلك نتيجة لاعتماد النساء على آراء وأحكام العالم الخارجي في تقديرهم لذواتهم أكثر من الرجال.

لذلك في الغالب يكون معدل النساء اللواتي يخضعن للعلاج بعد ظهور أعراض المرض العقلي والنفسي قليل جدًا. ويرجع ذلك إلى “الوصمة الداخلية أو الوصمة الذاتية” التي تنتج عن تكوين صورتهم الذاتية من خلال كيفية تصور الآخرين لهم.

 تجد النساء صعوبة في التحدث عن مشاعرهن و كذلك استيعابها، مما قد يؤدي إلى بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب واضطرابات الأكل وغيرها. 

فنجدهم يعبرون عن آلامهم العاطفية من خلال إيذاء النفس أحيانًا وهذا يكون واضح وبشدة عند بعض الفتيات المراهقات، في حين أن الرجال أكثر ميلًا إلى تصريف هذه المشاعر المكبوتة بطرق عديدة على سبيل المثال اللجوء إلى العنف ضد الآخرين. 

الحواجز الإجتماعية  تُطبق بقبضتها على الصحة النفسية للمرأة

تتعرض النساء بشكل خاص لتحديّات حقيقية بسبب المجتمع المحيط بهم والذي يزيد من خطر اختلال الصحة العقلية والنفسية وذلك لما تتمتعن به من دور قد يراه البعض تقليدي و ممل لكنه أيضًا مستهلك لطاقتهم وحيويتهم.

ومن أبرز تلك الحواجز الإجتماعية التي قد يؤثر بعضها على الصحة النفسية للنساء: كون النساء هم مقدمو الرعاية الرئيسيون لأطفالهم وعائلتهم وقد يهتمون بأقارب آخرين معالين أيضًا، يمكن أن تؤثر هذه الرعاية والمسئولية على الصحة العاطفية والصحة البدنية والنفسية لهن. النساء في الغالب يعملون في الوظائف ذات الدخل المنخفض والمركز المتدني وأكثر عرضة للعيش في فقر من الرجال.

غالبًا ما تلعب النساء أدوار متعددة فقد يكونون أمهات وشركاء ومقدمي رعاية ويعملون أيضاً، مما يؤثر كل ذلك على الصحة النفسية.

يعتبر الاعتداء الجسدي والجنسي على الفتيات والنساء كابوس مفزع ذو تأثير طويل المدى على صحتهن العقلية والنفسية، خاصة إذا لم يتم تلقي الدعم حول هذه الانتهاكات.

بعض أنواع المرض النفسي التي قد تعاني منها النساء

بين الواجبات المنزلية المملة والمرهقة أحيانًا ومسؤوليات المرأة تجاه عائلتها والمجتمع تجعلها وبدون شك عرضة للضغوط والأمراض النفسية الخطيرة وهذا ما تؤكده الأبحاث.

الإكتئاب

تحدثنا سابقًا أن الإكتئاب يصيب النساء أكثر من الرجال. ولكنك قد لا تعلم أن واحدة من كل أربع نساء تعاني من الإكتئاب وتحتاج إلى العلاج. أسباب ذلك غير واضحة، ولكن يعتقد أنها تشمل عوامل اجتماعية سبق وذكرناها أيضًا مثل الفقر والعزلة وعوامل بيولوجية مثل التغيرات الهرمونية التي تعاني منها النساء.

وتشير الدراسات أيضا أن 20 ٪ من النساء من فئة كبار السن الذين يعيشون في المنزل لفترات طويلة يعانون من أعراض الاكتئاب، وترتفع النسبة إلى 40٪ لكبار السن الذين يعيشون في دور الرعاية. 

القلق المرضي

الضغوطات والمسؤوليات الكثيرة التي تعاني منها النساء تلعب دور فعال في زيادة إصابتهم باضطرابات القلق غير الاعتيادي. فالدراسات تشير أن حوالي 60٪ من الأشخاص الذين يعانون من الرهاب أو الوسواس القهري هم من النساء الذي يؤثر على حوالي 22 من كل 1000 امرأة، مقارنة بـ 13 من كل 1000 رجل.

إيذاء النفس

غالبًا ما نرى المراهقات يتجهن إلى استخدام تلك الأساليب المؤذية لأنفسهن محاولة منهن للإطاحة ببعض المشاعر المكبوتة بداخلهن، ولا يجدن مصرف غير إيذاء الذات. وتشير الأبحاث إلى أن واحدة من كل 12 فتاة تلجأ إلى هذه الأساليب المؤذية.

اضطرابات الأكل

على الرغم من أن اضطرابات الأكل تدور حول الأكل ووزن الجسم، إلا أنها غالبًا ما تتعلق بالتحكم بالمشاعر والتعبير عن الذات أكثر من كونها تتعلق بالطعام. فنجد أن النساء المصابات باضطرابات في تناول الطعام  يجدن في ذلك وسيلة للتعامل مع ضغوط الحياة ومشاكلهن النفسية. 

بالنسبة للبعض، يصبح الطعام مصدرًا للراحة والتغذية، أو طريقة للتحكم في الإجهاد أو التخلص منه. وبالنسبة للآخرين، قد يبدأ فقدان الوزن كوسيلة للفت إنتباه الأصدقاء والعائلة. اضطرابات الأكل ليست حمية أو مشاكل تختفي ببساطة بل أحياناً تحتاج إلى علاج مناسب وتدخل سريع.

اضطراب ما بعد الصدمة

تتعرض النساء لمواقف وصدمات مزعجة ومخيفة، من الطبيعي أن تشعر فيها بالضيق والخوف والقلق و يختلف ذلك حسب طبيعة الصدمة أو الموقف. 

بالنسبة للغالبية تتلاشى هذه المشاعر في غضون بضعة أيام أو أسابيع كحد أقصى. لكن بعض النساء يستمرون في الشعور بهذه المشاعر لأشهر أو سنوات طويلة، يستمرون فيها بإعادة إحياء الموقف والشعور بنفس الأحاسيس المزعجة التي سبق وتعرضن لها و يسمى هذا النوع من الأمراض باضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). 

تتأثر النساء باضطراب ما بعد الصدمة أكثر من الرجال، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تعرض النساء لمزيد من العنف الجنسي والجسدي. فخطر الإصابة بهذا الاضطراب هو 20.4٪ للنساء و 8.1٪ للرجال.

 الدعم الاجتماعي هو المساهم الأكبر في تحسين الصحة النفسية للمرأة

نحاول دائم بناء شبكة اجتماعية قوية من حولنا سواء من العائلة أو الأصدقاء للجوء إليهم في أوقات التوتر والضيق والحاجة، لا يمكننا إنكار أهمية وجود الدعم الاجتماعي أو الأسري في حياتنا فهو يمنحنا القوة للاستمرار بعد التعرض للصدمات أو الأحداث المخيفة لدى البعض.

الباحثون وعلماء النفس دائمًا ما يتحدثون عن أهمية وجود دعم إجتماعي قوي لتخطي الأزمات المستمرة والأحداث المزعجة، وتم ربط الدعم الاجتماعي الضعيف بالاكتئاب.

فالشعور بالوحدة يزيد من خطر الاكتئاب والانتحار وتعاطي الكحول وأمراض القلب والأوعية الدموية وتغيير وظائف الدماغ

لذلك تكوين النساء الكثير من الصداقات الحقيقية والداعمة حولهن يساعد على حماية صحتهن العقلية، وتوفير مصدر للدعم لتخطي الأزمات المختلفة، خاصة في الأوقات الصعبة أو في أوقات الفقد والتغيير. 

فإذا كان النساء تتمتع بصحة عقلية سليمة، بشكل عام يمكنهم التعبير عن مشاعرهن أكثر من الرجال وغالباً ما يكون لديهن شبكات اجتماعية أقوى من الأصدقاء والعائلة. 

الدعم الاجتماعي وتلقي المساعدة من الآخرين يساهم في تخطي الأزمات والمواقف الصعبة والمفزعة، نحتاج للدعم دائماً ونسعى لتكوين شبكة قوية نلجأ إليها، ولا ننسى أننا أيضاً شكل من أشكال الدعم لأنفسنا ولمن حولنا.

فدعمك يمكن أن يلعب دورًا في منع اختلال الصحة النفسية والعقلية لمن حولك وخاصة للنساء الموجودات في محيطك الأكثر عرضة للاضطرابات العقلية والمرض النفسي.

جرّب قراءة هذا المقال أيضًا

المراجع
Women and mental health
Women and Mental Health-Overview
Social Support for Psychological Health
شارك الموضوع
هاجر سويفي

كاتبة ومدونة.