يُحذّر خبراء الصحة النفسية من مخاطر “إدمان” مطالعة صفحات الإنستغرام باعتبار ذلك يؤثر بشدة على الرضا النفسي، لاسيما للمرأة عن نفسها!
وقد استنزفت الشعبية الجارفة لإنستغرام ما يمكن تسميته “ترويج الجسد”، وكأن كل فتاة وامرأة على صفحات إنستغرام أصبحت عارضة أزياء مهمتها إشباع فضول الجميع، وهو أمر غاية في الخطورة!
إنستغرام صورة غير حقيقية للجسد
يعد إنستغرام حاليًا أحد أبرز الشبكات الاجتماعية المشهورة في الأوساط الشبابية وهو يسمح لمستخدميه بمشاركة الصور ومقاطع الفيديو وقد استقطب نحو نصف مليار شخص بداية من عام 2010.
ولعل ذلك يعطيك صورة واقعية لحجم الخطر الذي يهددّنا بداخل بيوتنا.
وأخطر ما يتعلق بإنستغرام هو إمكانية معالجة الصور وتغييرها لصور أخرى عن نفس الشخص، بحيث تعطي انطباعًا وكأنه أكثر وسامة وأكثر رشاقة، بخلاف ما لو قابلته في الحقيقة!
وكثيرًا ما يلقي الصحفيون والنقاد باللوم على بعض المشاهير الذين لا يتوقفون عن استخدام تقنيات تحسين الصور وتنقيحها، ليبدو الواحد منهم في صورة مثالية يوميًا!
وإذا علمت أن بعض الفتيات يقضين نصف يومهن في مقارنة أنفسهن بأخريات على صفحات إنستغرام ستدرك أن الأبعاد الاجتماعية لذلك أعمق بكثير، وقد لا نتداركها إلا بجلسات العلاج النفسي في بعض الحالات!
فلاتر إنستغرام… هل هي طبيبنا المثالي؟
ليس من الصعب فهم زيادة أعداد أولئك النساء اللاتي يرغبن في استخدام “فلاتر إنستغرام” لتنعيم الجلد أو ملء الشفاه أو تحسين خط فك الأسنان وعظام الخد.
لقد بدا وكأن الهوس بإنستغرام بمثابة طبيب تجميل يمنحكِ كل ما تريدين من مواصفات مثالية بضغطة زر واحدة!
والمتأمل في أحوال المرأة والفتاة العربية سيلحظ بسهولة ارتفاع معدلات العمليات التجميلية والعلاجات غير الجراحية مثل: حقن البوتوكس والفيلر.
إلا أن المثير للدهشة بدرجة أكبر هو لجوء العديد من النساء إلى هذه العمليات التجميلية إلى فلاتر أنستغرام ليحصلن على المزيد من اللمسات الجمالية!
ولا شك من أهمية دور بعض المدوّنين والمؤثرين الذين لا يتوقفون عن مناشدة الجميع عبر صفحات التواصل الاجتماعي على فيسبوك وتويتر بالذات لنشرة الدعوة للرضا عن صورة الجسد الحقيقية وتقبّل عيوب الجسد.
إقرأ أيضًا
بل والدعوة لغلق صفحة إنستغرام تمامًا، إذا وصلت آثارها لحدود المرض النفسي!
وينصح الكثيرون من أطباء التجميل بعدم الإيمان بمعتقدات إنستغرام حول الجسد المثالي، ويشددون على أهمية تأكيد كل شخص على أحقيته بالشعور بالسعادة، حتى إذا وصل الأمر إلى أن يردد لنفسه مجموعة من التعبيرات الإيجابية بشكل يومي، مثل:
“نعم، أنا أستحق الحب، وأحترم ما أنا عليه الآن” أو “لست مضطرًا لأن أكون مثاليًا، لأكون محبوبًا أو مقبولًا بين الناس!”
ومما يفيد للغاية في ذلك الصدد، إلغاء متابعة الحسابات والصفحات التي تجعلك تشعر باستمرار بالسوء تجاه جسدك أو بشرتك أو تؤثر على تقديرك لذاتك، كن انتقائيًا بشأن نوع المنشورات التي تريد أن تملأ وقتك بها!
والنصيحة الأهم بالنسبة للنساء هي ضرورة أن تحيط كل امرأة نفسها بالنساء الواثقات من أنفسهن، إذ تعمل النساء الواثقات على دعم بعضهن البعض، تظهر كل منهن، كأنها طبيبة الأخرى، دون حديث عن تنافسية مزعومة سخيفة من مجرد صورة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي!
منصة مُلائمة للقلق والاكتئاب
من سنوات معدودة، تصدرت إيسينا أونيل وهي مراهقة أسترالية كان لديها أكثر من نصف مليون متابع على صفحتها عبر إنستغرام، عناوين الصحف الأجنبية بعد أن أعلنت أنها ستغلق صفحتها للأبد لأنها لم تجد عليها سوى القلق والاكتئاب!
وعن أول مشاركة لها على إنستغرام، وهي صورة شخصية لها حصلت على ما يقرب من 2500 إعجاب، تقول أونيل: “أتذكر أنني تحققت، بقلق شديد من عدد الإعجابات لمدة أسبوع كامل منذ تحميل الصورة”… “لقد حصلت على 5 إعجابات في البداية، ثم بدأ صعود أرقام الإعجابات، أما الآن فهو يصادف اليوم الذي تركت فيه جميع وسائل التواصل الاجتماعي وأركز فقط على مشاريع الحياة الواقعية!”.
ومن اللحظة التي اعترفت فيها إيسينا أونيل بذلك بدأ سيل جارف من الاعترافات الشبابية بالدور المخيف لإنستغرام في تفتيت صخور الثقة بالنفس وكشف الغطاء عن ركام لا نهاية له من مشاعر القلق التي يمكنك أن تلمسها وأنت تقوم بتحميل منشور ثم لا يحصل حتى على إعجاب واحد!
وتظهر الآثار الكارثية لهذه القضية عندما يقوم البعض بالتقاط ما قد يزيد عن 20 صورة أو أكثر ليحصل على أفضل صورة ممكنة له على إنستغرام ثم يمسحها ويقوم بتحميل صورة مرة أخرى!
ميشيل أوباما ضد سياسات إنستغرام
في أكثر من لقاء لها، شجعت ميشيل أوباما، زوجة الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما بناتها على عدم الانشغال بنظرة الآخرين عبر منصات إنستغرام وغيره لهن معللة ذلك بأن الجسد ملكية خاصة لصاحبه وحده!
وقد قالت السيدة الأمريكية الأولى السابقة إن ابنتيها ماليا وساشا عانين من تعليقات الآخرين السخيفة حول أجسادهن، ولم تُخف ميشيل أوباما حقيقة ازدرائها لمشاعر الذكوريين الذين يعطون لنفسهم الحق في انتقاد جسد فتاة صغيرة كانت أو كبيرة!
ولقد كان لكل من ماليا، طالبة جامعة هارفارد وساشا، طالبة جامعة ميتشيغان، تجارب عصيبة في الماضي بشأن أفكار من حولهما عن الجمال.
وهو الأمر الذي ارتبط في وقت ما بصفحات إنستغرام التي تؤجج مشاعر متعارضة عن الأخريات اللاتي يمتلكن جمالًا يبدو زائدًا عن الحد!
تقول ميشيل أوباما:
لقد وصفوني بأنني غير أمريكية، وهذه الأشياء تلتصق بكِ، تحدث الرجال عن حجم مؤخرتي، صوري كانت محل جدل لدى البعض، هذه الأشياء مؤلمة، وتجعلك تتساءلين نوعًا ما، ما الذي يراه الناس غير مألوف؟ نعم، أنا امرأة سوداء في أمريكا، وأنت تعلم، نحن لسنا دائمًا نشعر بالجمال، لذلك لا يزال هناك ذلك الإرث من الأفكار البالية التي نحملها على ظهورنا، ولذلك أقول: إن حب وقبول جسدك يتطلب الكثير من الجهد!
إقرأ لنفس الكاتب
وبشكل شخصي، تنصح ميشيل أوباما في مؤتمراتها ولقاءاتها عبر برامج البودكاست، ألا ننجرف خلف أوهام الآخرين.
وألا ندع منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام وغيره، تفرض علينا رؤى أخرى غير حقيقية عن أجسادنا وحياتنا.
نحن فقط من يملك الحق في أجسادنا، دون أن يكون للآخرين أي حق في التشكيك في ذلك أو الإلقاء بأي تعليقات حول كيف ينبغي أن نلبس أو كيف يجب أن يبدو جسمنا أو وزننا.
هذا يعني أن على كلّ واحد أن يبدأ رحلته الحقيقية لتقبّل الذات دون الحاجة لرفض أو قبول شخص آخر.