حياة

بشرى لمرضى السكري من النوع الأول

بشرى لمرضى السكري من النوع الأول
شارك الموضوع

السكري من النوع الأول هو مرض مناعة ذاتية حيث يُهاجم الجسم عضو البنكرياس المسؤول عن إنتاج هرمون الأنسولين الأساسي في السماح للسكر بدخول الخلايا لإنتاج الطاقة التي يحتاجها الجسم.

كان يُعرف سابقًا باسم السكري الشبابي أو السكري المعتمد على الأنسولين، يحصل حين يفشل الجهاز المناعي عن طريق الخطأ لأسباب غير معروفة لحدود الساعة في التعرّف على البنكرياس كأحد أعضاء الجسم فيهاجمه مُتسبّبًا في تدمير خلايا بيتا المُنتجة للأنسولين.

مما يجعل صاحب الحالة مصابًا بمرض مزمن له تداعيات صحيّة خطيرة مدى الحياة ويتطلّب حقن أنسولين متعدّدة بشكل يومي.

وفي ظلّ عدم وجود علاج دوائي يوفّر الشفاء التاّم للملايين من مُصابي السكري من النوع الأول في العالم، يبقى هؤلاء مطالبين بالمراقبة المستمرة لمستوى السكر في الدم، حساب الكربوهيدرات في كلّ وجباتهم، وأخذ حقن يوميّة من الأنسولين الضروري لهم للبقاء على قيد الحياة.

أول حالة شفاء في العالم من السكري من النوع الأول

براين شيلتون هو أول شخص يُعالج من مرض السكري من النوع الأول في العالم، وهو الخبر الذي أكّده مقال نشرته نيويورك تايمز الشهر الماضي.

فقد تفاجأ العلماء والخبراء بالإمكانيات المذهلة التي يحملها علاج جديد يستخدم الخلايا الجذعية التي تنتج الأنسولين.

براين كان يشتغل كساعي بريد حين طلب منه رئيسه التقاعد في سن 57 آنذاك بعد ربع قرن في خدمة البريد، بسبب نوبات فقدانه الوعي دون سابق إنذار أثناء عمله.

جرّاء حالات هبوط السكر في الدم المعروفة باسم Hypoglycemia، وهي من ضمن المُعيقات الدائمة لمرضى السكري المعتمد على الأنسولين، حيث تحؤول بينهم وبين مزوالة أنشطتهم المعتادة وعملهم بشكل طبيعي.

تمكّن جسم براين من التحكّم في مستوى الأنسولين والجلوكوز في الدم على نحو عادي بدون حقن، بعد أن خضع لدراسة إكلينيكية كمتطوّع دَعت إليها شركة فيرتكس الأمريكية لصناعة الأدوية.

وتمّ حقنه بخلايا جذعية نمت منها خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين التي يفتقر إليها جسمه.

الشركة كانت تعمل على اختبار فاعلية علاج قام بتطويره على مدى عقود باحث في تطوّر خلايا البنكرياس بعد إصابة طفليه بهذا الداء المدمّر.

الصعوبات في تخليق خلايا مُنتجة للأنسولين كانت عديدة، كان من بينها جدل المصدر الوحيد للخلايا الجذعية من الأجنة أو المتوفين حديثًا، والذي تمّ التوصل إلى حلّ حاسم بخصوصه.

حيث يمكن الآن تطوير خلايا جذعية من تحويل خلايا الجسم العادية كخلايا الجلد مثلًا الى خلايا البنكرياس التي تفرز الأنسولين.

إلى جانب مشكلة أخرى تتمحور حول كيفية منع الجهاز المناعي من مهاجمة الخلايا المزروعة مرّة أخرى كما فعل في السابق، حيث أن الأجسام المضادة تكون ماتزال كامنة في دم المريض، وهو إشكالية أخرى عمل الباحثون على إيجاد حل مبتكر وواعد لها.

وقد كان قد أكّد أيضًا خبر شفاء أول حالة من مرض السكري النمط الأول، الدكتور أسامة حمدي؛ أستاذ الباطنة والسكر بجامعة هارفارد في منشور مُفصّل على صفحته الرسمية على فيسبوك، وفي حوار له مع الإعلامي عمرو أديب في برنامجه ‘الحكاية’ على MBC MASR.

مرض مرهق وآمال كبيرة

الدراسة مستمرّة وستستغرق ثلاث إلى خمس سنوات لتأكيد فاعلية هذا العلاج الجديد، أي أنها ستنتهي بالكامل بمراحلها الثلاث قبل حلول عام 2028، حيث تشمل 17 شخصًا يعانون من حالات شديدة من مرض السكري من النوع الأول.

نجاح أول حالة خضعت للتجربة والخبر بحد ذاته يحمل في طيّاته الكثير من الأمل لمرضى هذا النوع من السكري، الذين أرهقهم هذا الداء المزمن.

ويحذّر الخبراء أن هذا العلاج ليس لمرض السكري من النوع الثاني، وهو الأكثر شيوعًا بين مصابي السكري في العالم، حيث يذهب الكثير من الأطباء والمختصين إلى اعتبار هذين النوعين كمرضين مختلفين تمامًا.

إنها حياة جديدة تمامًا، إنها مثل معجزة.

هذا ما قاله صاحب أول حالة شفاء من السكري النوع الأول، بعد ما أخبره فريق الباحثين بالنتائج المبهرة للعملية التي قام بها قبل أيام قليلة.

غادر المستشفى، وتناول هو وزوجته وجبة طعام، وقام بقياس نسبة السكر في دمه ليجده قد بقي في المعدل الطبيعي، ولكن يبقى عليه أن يأخذ بعض الأدوية لتعزيز جهازه المناعي.

يعتبر مرض السكري من النوع الأول السبب الرئيسي للفشل الكلوي والإصابة بالعمى، إضافة إلى خطر بتر أرجل المصابين والموت أثناء النوم بسبب انخفاض نسبة السكر في الدم.

كما أنه من المعروف أن احتمالية الإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية تزيد عند الأشخاص الذين يعانون من السكري، ويبقى الجهاز المناعي الضعيف من أكبر التحدّيات لديهم، خاصة في ظلّ ظروف الوباء الحالية.

لا تنحصر صعوبة هذا المرض في تأثيراته الصحيّة فقط، بل تمتّد إلى أبعد من ذلك، فتكاليف الإدارة اليومية للمرض مرتفعة جدًّا وتُثقل كاهل المرضى أو ذويهم ممن يحملون مسؤولية رعاية طفل مصاب بالمرض.

بعد مائة عام من اختراع الأنسولين المُصنّع في كندا الذي يُبقي الملايين أحياءًا ومُتعايشين مع المرض، ينتصر العلم مرة أخرى بإيجاد علاج نهائي واعد، سيُنهي معاناة الكثيرين ويرسم البسمة على وجوههم، كما فعل مع براين شيلتون، أول حالة شفاء من السكري من النوع الأول.

شارك الموضوع
فريق يارا

فريق المحرّرين بموقع «يارا».