طريق ريادة الأعمال النسائية مليئة بالأشواك ولكن هناك أمل.
تمثل ريادة الأعمال النسائية مصدرًا داعمًا للنمو الاقتصادي بشكل كبير، بل وطريقًا فتح الكثير من فرص العمل ودعا الكثيرات إلى الابتكار والمزيد من إثبات تواجدهن في المجتمع.
ولكن مازال الطريق غير ممهد أمام رائدات الأعمال خاصة في العالم العربي وتوجد فجوة اقتصادية كبيرة بين الرجل والمراة في هذا المجال.
عقبات رائدات الأعمال كثيرة رغم اتجاه الكثير من المجتمعات إلى الإيمان بضرورة مشاركة أكبر وأكثر فاعلية وتمكين للمرأة في العمل، مما يساهم في دعم الاقتصاد المحلي ومن ناحية أخرى الحد بنسبة كبيرة من المشاكل التي تجابه الأسرة في المنطقة العربية مثل الفقر والطلاق والعنف المنزلي.
ورغم إدراك الكثير من الحكومات لأهمية دور المرأة الريادي، إلا أن التفرقة الاقتصادية والاجتماعية التي لحقت بالمرأة منذ بداية التاريخ لها آثارها الاجتماعية حتى الآن.
حيث يشير تقرير رائدات الأعمال لعامي 2018/2019 الصادر عن المرصد العالمي لريادة الأعمال إلى أن التفاوت الأكبر بين الجنسين من حيث امتلاك شركات قائمة يكمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا حيث تتخطى نسبة التفاوت 40%.
في حين أن نسبة النساء اللاتي أسسن شركات 25% فقط من الشركات الناشئة في المنطقة حسب تقرير صادر عن منصة ومضة لريادة الأعمال.
عقبات في طريق نجاح رائدات الأعمال العربيات
وقد يقول البعض أنه من الطبيعي لأي عمل جديد أو شركة ناشئة أن تواجه المزيد من التحديات، ولكن في الغالب إن النساء تواجه تحديات إضافية خاصة في العالم العربي مما يستنفذ نشاطهن ومواردهن وطاقتهن.
1. محدودية التمويل
يعتبر الجزء المالي من أهم التحديات التي تجابه المشاريع الريادية في بدايتها بشكل عام فلا يجد الجميع مستثمرين أو ممولين لدعمهم في البداية.
ولكن المشاريع النسائية تواجه عائق إضافي من القيود المجتمعية والتحيز الثقافي والجنسي الذي يحرم الكثيرات من الحصول على قروض أو تمويل، حيث توجد بعض النوايا المدفونة بالميل نحو تمويل الأعمال التجارية التي يملكها الذكور دون النساء.
ولكن هناك بارقة أمل حيث تعمل الكثير من البرامج والمبادرات في الوطن العربي على الحد من تلك الأزمة.
إلى جانب عدة مؤسسات تبذل الكثير من أجل تمكين المرأة وإعدادها بشكل جيد لسوق العمل مثل رابطة المرأة العربية، والاتحاد النسائي العام في دولة الإمارات، وجمعية سيدات الأعمال البحرينية وغيرها من المؤسسات التي تدعم ريادة المرأة وتعمل على تدريبها وتطويرها بشكل عملي.
كما أعلن البنك الدولي في الفترة الأخيرة عن مبادرتين جديدتين تقومان بتسهيل حصول رائدات العمال في الشرق الأوسط على تمويل الشركات الناشئة ودخولهن أسواق التجارة الإلكترونية.
كما اتجهت بعض الدول إلى اتخاذ إجراءات فعلية من أجل دعم المراة في الأعمال التجارية منها دولة مصر التي أطلق فيها البنك المركزي المصري مبادرة الشمول المالي الذي يسهل حصول المرأة على التمويل الكافي بهدف تمكينها مجتمعيًا وتجاريًا.
2. تحقيق التوازن بين المسئوليات
يفرض المجتمع على المرأة العاملة أن تحقق التوازن المثالي بين مسئوليتها العملية وواجباتها المنزلية، فهي قد تكون أم وزوجة إلى جانب مهامها المهنية.
ولهذا التباين بين قدرات امرأة إلى أخرى ليس بالمقبول في المجتمع، مما يجعل تحقيق التوازن بين كفي المعادلة صعب للغاية.
وبالتالي فإن فكرة اقتحام المرأة مجال ريادة الأعمال ليس مقبولاً اجتماعيًا بشكل كبير، بل قد يُحارب بشكل ضمني في العديد من المجتمعات العربية حيث تطغى ثيمة الأسرة المحافظة والمرأة منزلها ‘أحسن لها’.
فقد تعمل طوال اليوم في خدمة أسرتها ولكن لا تعمل لنصفه في خدمة آخرين تجاريًا، فإنه بحسب التقارير الدولية فإن المرأة تقوم بثلثي العمل في العالم، ولكنها لا تحصل إلا على 10% من الدخل العالمي، وتنتج نصف أغذية العالم ولكن لا تملك سوى 1% من الأراضي الزراعية.
وفي حين قررت العمل واستطاعت الموازنة بين واجباتها فتجد على عاتقها الكثير من الضغوطات التي تدفعها نحو ترك العمل أو الاختيار بينه وبين أسرتها، مما يحملها المزيد من العبء.
3. محدودية المعرفة
رغم النجاح الكبير الذي حاولت المرأة افتراسه من فم الأسد في المجتمع العربي، إلا أنه ما زال هناك عائق محدودية المعرفة الذي يحول دون وصولها لأهدافها في سوق العمل بشكل كامل
وما زال الوصول إلى المعارف الحديثة والمعلومات المتطورة التي تساعدها في مشروعها محدود للغاية مثل دراسات تقييم الجدوى والمعلومات الخاصة بفرص الاستثمار، ويرجع هذا إلى البيئة التنافسية التي تنصر الرجل في هذا الجانب.
4. المعوقات الحكومية والتشريعات القانونية
تواجه رائدة الأعمال المزيد من الصعوبات خلال سيرها في طريق الإجراءات الروتينية من استخراج التراخيص في المصالح الحكومية مثل الأمانة والبلدية، ووزارة التجارة، والغرف التجارية، ومكتب العمل.
مما يسبب المزيد من الإرباك لها، ويعطلها فضلاً عن إهدار المزيد من الوقت والمجهود الذي قد يسبب اليأس لبعضهن.
مقال ذو صلة
5. الخوف من الفشل
ليست ريادة الأعمال طريقا ممهدا مفروشًا بالورود، بل قل المخاطر والصعوبات تملأ جوانبه من كل ناحية، ولذلك فالخوف من الفشل في ظل ما سبق هو هاجس يحول دون تحقيق المرأة لحلمها.
خاصة أن عالم المال والأعمال ملئ بالمفاجآت والتحديّات غير المتوقعة، التي تجعلها قد تفقد الثقة في نفسها بأي وقت، وفي ظل عدم وجود الدعم والمساندة من حولها والتشكيك الدائم في قدرتها على الإنجاز.
مما يجعل هذا الخوف مرض خطير ينخر في العظام، ينتج عنه الفشل في العمل حتى لو كان من المفترض لها النجاح.
6. انعدام الدعم
سواء من الجانب العائلي أو اللوجيستي، حيث تعاني المرأة العاملة في المجتمع العربي من غياب الدعم الأسري والعائلي بشكل عام، إلى جانب تناقص الدعم المالي، وانعدام الدعم النفسي.
فضلاً عن اللوجيستي والذي يتمثل في عدم وجود تبادل للخبرات بين المؤسسات الكبيرة والمتوسطة وأصحاب المشاريع، وقلة البرامج التدريبية التي تؤهلهم لسوق العمل، كل هذا يجعل الكثيرات يتنحين عن مشروعهن وقد يؤخرن بدء أعمالهن لفترات.
7. البيئة السلبية والسامة
لا يستطيع أي من كان أن يبدع وينتج في بيئة مليئة بالسلبيات تحطم أي حلم، وتتكاثر مثل هذه المواصفات في المجتمع العربي.
خاصة في ظل هيمنة الذكور على سوق العمل، والقيود التقليدية التي تقيد طموح المرأة، ففي بعض البلدان تُقيد المرأة بضرورة وجود ذكر يكون شريك لها في المشروع و يقوم بالتفاوض والصفقات.
مما يصيب أي رائدة أعمال بالإحباط والرغبة في التوقف بعد البدء، كل هذا يحد من قدراتها ومشاركتها في الاقتصاد القومي.
ورغم أن الطريق محفوف بالأشواك إلا أنه ما زالت هناك بارقة أمل، تجعل كل تلك المعوقات لينة أمام الإرادة والعزيمة.
وفي ظل امتلاك المرأة للعديد من القدرات التي تمكنها من النجاح في مجال ريادة الأعمال مثل تعدد المهام والقدرة الكبيرة على التواصل، استطاعت الكثيرات التغلب على كل تلك المعوقات ومشين على الأشواك حتى نلن النجاح.
ومن هؤلاء نجد رائدة العمال المصرية، والرئيسة التنفيذية لشركة «Eventtus» لمنظمي الفعاليات، مي مدحت، تلك التي برزت في الآونة الأخيرة بعد أن تم احتضان مشروعها وادي السيليكون فى كاليفورنيا.
بل وتُوج نجاحها بلقائها الرئيس الأميركي باراك أوباما ومارك زوكربيرج، مؤسس «فيسبوك»، وجلوسها بجانبهم مع 4 من رواد الأعمال الشباب، للحديث عن تجربتها الناشئة فى مجال الأعمال.
ولم تصل مي إلى هذا النجاح بسهولة فقد مرت بتحديات كبيرة، منذ استقالتها من إحدى الشركات العالمية الكبرى عام 2011 لتحقق حلمها بتأسيس شركة «Eventtus».
وقد واجهت في طريقها كثير من العقبات منها البيروقراطية والتميز في الإجراءات، وكذلك صعوبة الحصول على التمويل ولكنها تمكنت في النهاية من خلال إيمانها بذاتها من تحقيق الحلم.