مع دخول شهر رمضان تكون مائدة الإفطار بمثابة مكافأة منتظرة بعد يوم طويل وشاق من الصيام، تتحول فيها المرأة لبطل خارق مسؤول عن إسعاد جميع أفراد الأسرة والعائلة، فرمضان لا يخلو من العزائم والولائم للأصدقاء والأحباب.
قد ترى أنت المتعة في التلذذ بهذا الطعام الشهي أما المرأة ترى أنه واجب إضافي وقع على عاتقها، وخاصة المرأة العاملة المطالبة بتحقيق توازن بين عملها وبيتها وتربية أطفالها ومجاملة الأصدقاء والعائلة، فيكون السؤال هنا أين حق رمضان عليها؟ وهل بقي وقت وطاقة لديها لأداء مناسك العبادة؟
الاستعدادات لاستقبال شهر رمضان حمل كبير لربة الأسرة والمرأة العاملة
تتميز الأيام القليلة التي تسبق بدء الشهر الكريم بروح خاصة يعرفها المسلمين، تغير من نفوسهم الشحناء وتبعث بداخلهم روح من التسامح والتآخي والمحبة، أما بالنسبة لربة المنزل بجانب هذه المشاعر الروحانية العظيمة تتزاحم معها بعض المشاعر المتضاربة والتوتر بشأن المهمة الصعبة التي يجب القيام بها على أكمل وجه، حتى لا تفسد راحة المنزل وسعادته باستقبال شهر رمضان الكريم.
قالت إيمان أحمد، لصحيفة ديلي نيوز إيجيبت أن الأعمال المنزلية خلال شهر رمضان تزداد بشكل كبير بسبب تعدد الوجبات والأصناف التي يجب على النساء تحضيرها في هذا الشهر.
وأضافت أن رمضان لديه عادات معينة في بلدتها، على سبيل المثال، الناس يصنعون المزيد من الطعام خلال هذا الوقت من العام لأنه تقليد، كما تتجمع العائلات في منزل كبير وتقوم الزوجات بطهي الطعام، و ينسقون فيما بينهم نوع الطعام الذي يجب إعداده.
وتابعت أن المنزل يجب أن يكون نظيفًا تمامًا قبل بداية شهر رمضان. وأشارت إيمان أيضًا إلى أن بعض أصناف الطعام يجب أن تكون متاحة على موائد الطعام بغض النظر عن فقير أو غني فتوفرها أمر لابد منه في رمضان، بما في ذلك الأطباق الرمضانية التقليدية، ويجب أن يكون هناك نوع من الدواجن ونوع من اللحوم.
بجانب أن رمضان هو شهر للأعمال الخيرية، بما في ذلك إطعام الفقراء، وهذا أيضًا يقع على عاتق المرأة.
وفيما يتعلق بمساعدة الأزواج في الاستعدادات لشهر رمضان، قالت أنه حسب تقاليد بلدتها، من العار على الرجال مساعدة النساء في هذه الأمور.
وسائل الإعلام ترسّخ للأدوار النمطية للمرأة في رمضان
الضغط الشديد الذي تضعه وسائل الإعلام دائمًا ما يثير الغضب، الصورة النمطية التي يعكسها وخاصة في رمضان بالطبع ظالمة وغير منصفة أبدًا، ومسؤوليات المرأة لا تقتصر على الالتزامات العائلية والأعمال المنزلية الشاقة التي تتضاعف في رمضان، فالمرأة تعاني كثيرًا خلال هذا الشهر لعدم وجود أي وقت لاحتياجاتها الروحية والدينية.
فعندما نقرأ أي مقال عن المرأة في رمضان، نجده يتحدث عن كيفية الطبخ بكفاءة أو كيفية عمل توازن بين الأسرة والعمل وتعليم الأطفال تقاليد رمضان. أما عند الإطلاع على المقالات من هذا النوع الموجهة للرجل فسنجد أنها تناقش كيفية أداء المناسك الدينية والروحانية بكفاءة عالية في رمضان والخروج من هذا الشهر بأكبر استفادة.
علينا أن نكون منصفين، فللمرأة دور كبير في عكس هذه الصورة النمطية، فغالبًا ما نشاهد أن أكبر اهتمامات النساء في رمضان يرتكز على مشاهدة المسلسلات الرمضانية وبرامج الطبخ، بالرغم من وجود برامج تثقيفية ودينية كثيرة يمكن الاستفادة منها، فالسؤال هنا:
هل حقًا المرأة ضحية الصورة النمطية للإعلام العربي أم أن المرأة نفسها هي التي رسمت إطار هذه الصورة؟
من الحملات الإعلانية التسويقية في رمضان 2020 التي أثارت جعلتني أفكر عميقًا، هي الحملة الإعلانية للفوط الصحية أولويز بعنوان حملة #كل_اللي_نفسك_فيه، لا أنكر أنهم دائمًا ما يعكسون فكرة حساسة بالنسبة للمرأة ولكن هذه السنة، قد جعلتني أفكر قليلاً، هل هذا النوع من الإعلانات سيكون محفز للمرأة على تحقيق أحلامها، أم أنه يضع عليها عبء جديد ، ويخبئ السم في العسل كما يقال، فيطالبها الموازنة بين الأسرة والعمل كشرط للنجاح وتحقيق الأحلام.
إعادة توزيع الأدوار داخل المنزل أصبح أمر ضروري
عند النظر للرجل الشرقي يصبح الأمر صعب أن نراه داخل المطبخ، يساعد في الأعمال المنزلية، فالاعتقاد الشائع هو أن المطبخ هو مملكة المرأة وحسب، يمكننا أن نفسر هذا كتطبيق لنماذج الأدوار التقليدية للجنسين، حيث الرجال هم المعيلون والنساء يعتنين بالمنزل والأعمال المختلفة المتعلقة به.
قد يهمّك هذا المقال أيضًا
لنكن واقعيين، قد نجحت هذه الصورة النمطية في خلق جو عائلي مريح وتعاون بين الرجل والمرأة ونجاح منظومة العائلة لفترات عديدة سابقة، ولكن الآن الأمر اختلف باختلاف وتعدد اهتمامات المرأة العربية، فنراها اليوم عاملة، وكاتبة، وناشطة، تمتلك هواياتها الخاصة، فقد انضمت أكثر من 50 مليون إمرأة إلى القوى العاملة منذ عام 2000 وتشكل النساء غالبية الطلاب في جامعات العالم الإسلامي.
قد لا نختلف أن عائلتها مركز اهتماماتها ولكن إدراك أنها أيضًا لها الحق في الخروج من إطار الأعمال المنزلية أمر لابد منه.
وعند التطرق للدين الإسلامي لم نجد أي أوامر أو تعاليم تحدد الصورة التي يرسمها المجتمع والتي يحملها البعض للدين، وبالتالي، لا توجد الصور النمطية القائمة على نوع الجنس عن كون المرأة وحدها مسؤولة عن الأعمال المنزلية في النصوص الإسلامية، بل هي انعكاس للثقافة وسوء التفسير على مر العصور.
فالرسول صلى الله عليه وسلم أكبر معلم لنا في كيفية مشاركة المرأة في الأعمال المنزلية، فنراه كان يقوم بخياطة حذاءه الخاص، وإصلاح ملابسه وغيرها من الأعمال المنزلية التي كان يساعد بها زوجاته.
إن الثقافة التي تربينا عليها لم تعد صالحة وعلى ما يبدو أنها كانت ظالمة للمرأة لعقود من الزمن حيث زجت بها في سجون وهمية لتتحمل مسؤولية أعباء يمكن للرجل أن يقوم بها أيضًا.