حياة

القوة العاطفية للانطوائيين خلال الوباء

القوة العاطفية للانطوائيين خلال الوباء
شارك الموضوع

بحث جديد يظهر مرونة الانطوائيين في الحياة خِلال كوفيد-19.

يعد السؤال عن كيفية تأثير الشخصية على القدرة على تجنب الشعور بالوحدة أمرًا مهمًا لفهم كيف يمكن للناس الحفاظ على صحتهم العقلية أثناء جائحة كوفيد-19 وتأثير ذلك على الحياة اليومية.

في وقت مبكر من الوباء، كانت هناك تكهنات بأن الانطوائيين قد يكون لديهم ميزة في تجنب الشعور بالوحدة بسبب حقيقة أن رفاهيتهم تعتمد بدرجة أقل على التفاعل الاجتماعي مما يعتمد عليه نظرائهم من الأشخاص الودودين والمنفتحين.

ومع ذلك، في ذلك الوقت، كان هناك القليل جدًا من البيانات القوية لدعم هذا الادعاء لأن عمليات الحظر والحجر الصحي والتباعد الاجتماعي كانت ظواهر جديدة.

ربما تعرف أشخاصًا تعتبرهم انطوائيين بشكل كبير في حياتهم ما قبل الوباء، بدوا راضيين عن أسلوب حياتهم الهادئ. ربما كنت تنظر إليهم بقلق على صحتهم العقلية لو كنت تظن أن افتقارهم للمشاركة الاجتماعية قد يعرضهم لخطر الشعور بالوحدة.

الآن، ومع ذلك، إذا كنت شخصًا يتمتع بدرجة عالية من الانفتاح، فقد تتمنى أن تكون لديك قدرتهم على نيل الرضا من الأنشطة الفردية أو الهادئة.

وفقًا لأحدث دراسة تستند إلى البيانات التي تم جمعها على مدار عدة أشهر بعد بدء الوباء، يقترح دانييل أ.جبلر وزملاؤه (2020) من جامعة برن أن الانطوائية يمكن أن تكون بالفعل سمة مفيدة للمساعدة على تجنب الشعور بالوحدة.

ومع ذلك، يؤكد المؤلفون أن السمة وحدها لا تكفي لتوفير الحماية. تتضمن معادلة التكيف مع ضغوط حياة الوباء، بنفس الأهمية، الاستراتيجيات التي يستخدمها الناس لتنظيم عواطفهم حتى يتمكنوا من إبعاد الوحدة.

كتب باحثو جامعة برن أن هناك نوعين أساسيين من استراتيجيات تنظيم المشاعر التي يميل الناس إلى استخدامها عند مواجهة المواقف الصعبة. هناك تلك التكيفية، حيث تساعد الناس على الشعور بتحسن. الفئة الثانية هي تلك غير التكيفية، من حيث أنها فقط تؤجج لَهِيب المشاعر غير السارة.

على هذا الأساس، سعى فريق البحث السويسري إلى اختبار مزيج من استراتيجية تنظيم العاطفة مع الشخصية في التنبؤ بمن سيكون أكثر عرضة للمعاناة من العواقب النفسية لكوفيد من الشعور بالوحدة وضعف الصحة العقلية.

عيّنتهم على الإنترنت التي تضمنت 466 مشاركًا (80% إناث، ومتوسط ​​العمر يعادل 32 عامًا) عاشوا جميعًا في سويسرا خلال الفترة من مارس إلى أبريل 2020، وهو الوقت الذي أُغلقت فيه معظم الشركات والمطاعم وتم حظر التجمعات لأكثر من خمسة أشخاص.

على الرغم من أنه تم اختبار المشاركين مرة واحدة فقط، استمرت الدراسة على مدى 6 أسابيع، وبالتالي تمكنت من قياس “الوقت” كعامل.

من بين هذه العينة من المواطنين السويسريين، أشار النصف تقريبًا إلى أنهم يعملون الآن في مكتب من البيت، وقال 42% إنهم يعملون أكثر من المعتاد، و 18% إما فقدوا وظائفهم أو اضطروا للتخلي عن العمل مؤقتًا. كان إجمالي 42% منهم في علاقة عاطفية دائمة، و 21% لديهم أطفال.

لقياس الشعور بالوحدة، قسم فريق البحث حالة الفرد السلبية هذه إلى ثلاثة مكونات: الحميمة (تفتقر إلى الرفقة)، والترابطية (تفتقر إلى الأشخاص للتحدث معهم)، والجماعية (الشعور بضعف القواسم المشتركة مع الآخرين).

بالتفكير في نفسك الآن، ربما تشعر أنك ستحرز درجات أعلى في مقياس أو آخر من مقاييس الوحدة هذه كنتيجة لدرجة عزلتك خلال فترة الوباء.

لقياس الرفاهية، استخدم المؤلفون تقييم تابع لمنظمة الصحة العالمية (WHO) مكون من 5 عناصر والذي طلب من المشاركين الإشارة إلى عدد المرات التي مروا فيها بمشاعر مثل المزاج جيد أو الاسترخاء أو النشاط في الأيام السبعة الماضية.

بالإضافة إلى ذلك، يقيس جوبلر وآخرون المدمج في مقياس حصيلة الرفاهية الدرجات على معياريين ثابتين للقلق والاكتئاب. قدم اختبار موجز عبر الإنترنت درجات عن الانطواء/الانبساط وكذلك العصابية، وهي سمة أخرى يعتقد المؤلفون أنها قد تكون ذات صلة بالدراسة.

أخيرًا، تناول المؤلفون تنظيم العاطفة، وطلبوا من المشاركين تقييم استخدامهم لاستراتيجيات تنظيم العاطفة التكيفية وغير التكيفية. مرة أخرى، فكر في نفسك، إلى أي مدى ستقول أنك تستخدم كلًا مما يلي عندما تغرق في المشاعر السلبية؟

1. أفكر في خطة لما يمكنني فعله بشكل أفضل.

2. أقول لنفسي أن هناك أشياء أسوأ في الحياة.

3. ما زلت أفكر في مدى فظاعة ما مررت به.

4. أشعر أن الآخرين مسؤولون عما حدث.

5. أعتقد أنني يجب أن أقبل أن هذا قد حدث.

6. أفكر في أشياء ممتعة لا علاقة لها بها.

7. أشعر أن الآخرين مسؤولون عما حدث.

8. أعتقد أنني أستطيع أن أتعلم شيئًا من الموقف.

9. أنا مشغول بما أفكّر به وأشعر به حيال ما مررت به.

انعكست استراتيجيات العاطفة الأكثر تكيفًا على هذا المقياس في درجات توافق عالية مع البنود 1 و 2 و 5 و 6 و 8. تنعكس الاستراتيجيات الأقل تكيفًا في البنود 3 و 4 و 7 و 9.

بند أخير ليس في هذا المقياس طلب من المشاركين تقييم استخدامهم للقمع العاطفي، وهي إستراتيجية أخرى غير تكيفية، مع عناصر مثل “عندما أشعر بمشاعر سلبية، أتأكد من عدم التعبير عنها”.

إقرأ أيضًا

كشفت النتائج أن أولئك الذين يتمتعون بدرجة عالية من الانطوائية والذين كانوا قادرين على الاعتماد على هذه الاستراتيجيات التكيفية المنظمة للعاطفة كانوا في الواقع أفضل قدرة على الحفاظ على رفاهيتهم والتخلص من الشعور بالوحدة.

كان أداء المنفتحين أقل جودة خلال فترة الدراسة ويرجع ذلك في المقام الأول إلى أنه بدلاً من استخدام استراتيجيات تنظيم العاطفة التكيفية، كانوا يميلون إلى قمع يأسهم.

الأشخاص الذين يعانون من العصابية عانوا أيضًا خلال فترة الدراسة بسبب المستويات الزائدة من القلق والتوتر.

قد يكون الانطواء ميزة لدرء الشعور بالوحدة إذن، ولكن فقط عندما يقترن بالقدرة على الاستفادة من قدراتهم الداخلية الخاصة لاستعراض المشاعر السلبية في ضوء أكثر إيجابية.

في الواقع، كشفت النتائج الإجمالية أنه كلما  أكمل المشاركون المعايير لفترة أطول في الوباء، كلما زاد احتمال أن تحافظ استراتيجيات تنظيم الانفعالات التكيفية على صحتهم العقلية.

بشكل عام، دعمت النتائج أيضًا الجِدَال النظري الذي تَشَبّث به المؤلفون بأن الشخصية وحدها لا يمكنها التنبؤ بمن سيتكيف بشكل أفضل مع ظروف الحياة المتغيرة.

كما خلصوا إلى “دراستنا تشير إلى أن الشخصية قد لا ترتبط بشكل موحد بالرفاهية، ولكن قد يتغير الارتباط اعتمادًا على أحداث حياتية معينة أو الظروف المحيطة”.

باختصار، شخصيتك كمنطوٍ أو منفتح ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على قدرتك على التعامل مع تقلبات الحياة.

ما يبدو أكثر أهمية للنجاح هو الطريقة التي تنظم بها عواطفك عندما تضغط هذه التقلبات على مواردك.

محتوى مترجم
Psychology Today
التاريخ2020/10/27
الكاتبSusan Krauss Whitbourne
شارك الموضوع
أمنية حسين

كاتبة ومترجمة.