تربية وعلم نفس

العمل من المنزل: الآباء في معضلة حقيقية!

العمل من المنزل: الآباء في معضلة حقيقية!
شارك الموضوع

ما هي بعض النصائح المفيدة للآباء الذين يعملون من المنزل مع أطفالهم؟

في زمن الجائحة، بات هذا هو السؤال الأعظم لمعضلة العمل من المنزل في ظل وجود أطفال خاصة إن كانوا صغارًا، رغم أنه ليس من الضروري ربطه بالأزمة إلا أن الوباء والحجر الصحي والإغلاق الكلّي أو الجزئي للمدارس أو دور الرعاية النهارية الخاصة بالأطفال جعل الأمر أكثر تعقيدًا لكلّ الآباء العاملين، سواء كانوا يعملون من المنزل من قبل أو أصبحوا كذلك تكيّفًا مع ظروف الأزمة.

وظيفتين بدوام كامل

تربية ورعاية الأبناء مهمة مُجهدة وتوصف بكونها وظيفة بدوام كامل، أضف على ذلك وظيفة تقوم بها عن بعد في نفس الوقت فيصبح الأمر مهمة مستحيلة بكل المقاييس.

يقدّم سيناريو الفيديو الآتي مجموعة أشخاص عُرض عليهم عمل يتضمن وصف وظيفي شبه مستحيل تقريبًا، وظيفة بدون فترات راحة، وبدون أجر، وبدون دعم تقوم بها ملايين الأمهات ونسبة ضئيلة فقط من الآباء، تصوّر أن نسبة كبيرة من هؤلاء يقومون بهذا إلى جانب عمل من المنزل يشكّل الدخل الأساسي لهم.

باعتقادي هذا الموقف يستدعي أن يكون الوالد مُتقن لمهارتين أساسيتين وهما إدارة الوقت Time Management وتعدّد المهام Multitasking.

تُعرّف مهارة إدارة الوقت على أنها عملية تنظيم وتخطيط كيفية تقسيم وقتك بين أنشطة محددة، الأمر الذي يُتيح لك الإدارة الجيدة للوقت والعمل بذكاء، وليس بجهد أكبر. فتُنجز المزيد في وقت أقل، حتى عندما يكون الوقت ضيقًا والضغوط عالية.

ولكن مع العمل من المنزل للآباء الأمر ليس بتلك السهولة، في ظلّ وجود صغار في نفس المساحة التي تعمل فيها لا وجود لشيء اسمه تخطيط أو تنظيم، على الأقل بالطريقة الشائعة.

لذلك ينبغي التخلّي عن التصوّر التقليدي لمفهوم إدارة الوقت والاستعداد لتقبّل وجود عامل الفوضى في الحياة اليومية والمساحة الشخصية بالتوازي مع تطبيق إدارة الوقت.

أما بالنسبة لتعدّد المهام، فتلك – مع كامل احترامي لكل الآباء – هي القدرة الخارقة التي تمتلكها الأمهات بجدارة واستحقاق بعد عصور من التطوّر السوسيو ثقافي.

ومع ذلك، جعل الوباء من هذه القدرة المكتسبة ورقة ليست بالرابحة تمامًا أمام تعاظم المسؤوليات التي يتوجب القيام بها في آن واحد.

وهنا يتوّجب عدم المراهنة على مهارة واحدة فقط، بل محاولة المزج بينهما والخروج باستراتجية ذكية للتكيّف مع مهمة رعاية أطفالك والقيام بعملك في نفس الفترة الزمنية.

بالإضافة إلى جرعات كبيرة جدًّا من المرونة والقدرة على التأقلم مع متغيّرات اليوم التي سيكون الأبناء العامل الأساسي في جلبها، فمع رعاية الصغار أو إن كانوا كبارًا حتى، هناك دائمًا ما هو جديد وما سيحتاج انتباهك وتعاملك العاجل، فهذا ما ستحتاجه أكثر إذا كانت مهمة التعليم المنزلي تنصب على عاتقك أيضًا بجانب كل هذا، نعم، بعض الآباء خاصة الأمهات سيُصابون بالجنون حقًا، وأغلبهم سيتعرّض للإجهاد العاطفي والجسدي.

في مقال على نيويورك تايمز، تقول الكاتبة أنها مع أطفال تتراوح أعمارهم بين عام وثلاثة أعوام تقوم بعملها عن بُعد في الصباح الباكر وفي وقت متأخر من الليل، أو في الدقائق المسروقة.

إقرأ أيضًا

ليس هناك وصفة سحرية لعمل توازن مُريح بين المهمتين، لذلك أية خطوات عملية لإنجاح الأمر تتطلّب الاستمرارية، النفس الطويل وخفض سقف التوقعّات بخصوص الإنتاجية، لأن يومك سوف ينتهي وتبقى الكثير من المهمات المعلقة التي تحتاج إعادة تخطيط جديد في اليوم التالي، الآن وفي ضوء كل ما سبق، هذه بعض النصائح العملية المفيدة.

حلول مقترحة قابلة للتطبيق

1. خطّط لأسبوعك أو يومك، ولا تدع خيبة الأمل تنال منك حين تضطر لإعادة التخطيط أحيانًا خلال اليوم الواحد.

2. حدّد أولوياتك بشكل يوميّ.

3. خصّص وقتًا للرعاية الذاتية مهما كان نوعها أو كانت بسيطة، مثل سماع موسيقاك المفضلة لمدة 5 دقائق، أو ممارسة رياضة لمدة ساعة واحدة أسبوعيًا.

4. لا تنس تمضية وقت ذو جودة مع الأبناء بدون أن تقوم بمهمة أخرى في آن واحد، لا يهم المدة الزمنية بل مدى انتباهك لهم وحضورك في اللحظة، سيُساعد ذلك في إشباع حاجتهم النفسية والعاطفية إليك ومنعهم من إثارة المتاعب لجذب انتباهك.

5. قم بعملك على دُفعَات إن أمكن في الأوقات التي تضمن فيها توفّر مساحة من الهدوء وعدم الإزعاج، وغالبًا ما سيكون ذلك في وقت متأخر و في الصباح الباكر.

6. استثمر بعض الوقت لتعليم الأبناء استراتيجيات التعلّم الذاتي أو self-directed learning التي يقتضيها التعلم عن بعد في أزمنة الوباء والأزمات، سيُفيدك ذلك على المدى الطويل، حيث لن تكون مضطرًا لحضور جميع الحصص الدراسية معهم ولو أن المتابعة المستمرّة لهم جدّ ضرورية.

شارك الموضوع
زهرة غماني

مديرة التحرير ومؤسسة مجلة «يارا».