قضايا المرأة

في الحرب ضد الوباء، قادة العالم من النساء يتفوّقن على الرجال

في الحرب ضد الوباء، قادة العالم من النساء يتفوّقن على الرجال
شارك الموضوع

أظهرت دراسة لجامعة ليفربول أن البلدان التي تضم قادة نساء استطاعت التقليل من الآثار الكارثية لأزمة كورونا مقارنة بالدول التي يقودها الرجال.

واعتمدت الدراسة على تحليل إحصائي لـ 194 دولة، ففي الوقت الذي يمكن أن تكون أزمة كورونا سبب في خسارة الرئيس الأمريكي انتخابات الولاية الثانية، تلقت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل الثناء وزادت شعبيتها.

كانت 19 دولة فقط يقودها نساء من أصل 194 دولة، قام الباحثون بإنشاء مقارنة باسم “الجار الأقرب” بناء على إجمالي الناتج المحلي وعدد السكان ومتوسط الأعمار والإنفاق الصحي والمساواة.

حيث تمت المقارنة بين ليو فرادكار رئيس وزراء إيرلندا مع جاسيندا أردين رئيس وزراء نيوزيلندا، بينما قورنت شيخة حسينة واجد رئيسة وزراء بنغلاديش مع عارف علوي رئيس باكستان. وقورنت آنا برنابيتش  رئيسة وزراء صربيا مع بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل.

“القادة النساء منحن بلدانهن ميزة خلال أزمة كورونا”

كما تقول البروفيسورة “سوبريا غاريكيباتي” أن  نتائج مجابهة فيروس كورونا في البلدان التي تقودها السيدات كانت أفضل، ويرجع ذلك إلى ردود الفعل السياسية الاستباقية التي اعتمدوها، وفق الورقة البحثية التي تحمل اسم في الدراسة التي بعنوان “قيادة الحرب ضد الوباء.. هل يهم الجنس حقا؟”.

“أعتقد بشدة أننا سننجح في هذه المهمة في حال نظر المواطنون جميعًا إليها على أنّها مهمتهم”، واجهت المستشارة أنجيلا ميركل شعبها في أول خطاب متلفز منذ 15 عامًا.

واعتبرت السياسية التي تحمل درجة الدكتوراه في الفيزياء أن هناك طريقًا وحيدًا للانتصار على فيروس كورونا، وهو إبطاء انتشار الفيروس، وعلى كل مواطن أن يتحمل مسؤوليته.

من البطة العرجاء إلى الصدارة

وقالت ميركل إن ألمانيا تمتلك واحدًا من أفضل الأنظمة الصحية في العالم، لكنها ستنهار إذا توجه عدد أكبر مما تتحمله، ودعت الألمان بقولها: “دعوني أخبركم، هذا الأمر خطير، كل شخص في ألمانيا عليه حماية الأكثر ضعفا”.

خطاب أنجيلا ميركل الفريد في توازنه بين خطابات زعماء العالم حول كورونا كان نموذجًا في التوازن بين التعاطف والحسم الذي أحدث فرقا في استجابة المواطنين وتحمل مسؤولياتهم تجاه الأزمة.

الدراسة رصدت استعداد القادة السيدات للمخاطرة باقتصاد بلدانهن مقابل حماية الأفراد، وهو ما أدى إلى العبور السليم نسبيا للأزمة مقارنة بدول يقودها زعماء رجال، اختاروا فتح الاقتصاد وتخفيف القيود.

وقالت البروفيسورة “سوبريا غاريكيباتي” أن القادة السيدات استجبن بشكل أسرع وحاسم لمواجهة أزمة كورونا ما قلل الإصابات والفيات بتلك البلدان، وفي جميل البلدان التي تقودها النساء تقريبا قاموا بإغلاق الاقتصاد قبل القادة الرجال في البلدان المماثلة، رغم الآثار المدمرة اقتصاديا لهذه القرارات، ولكنه ساعد على إنقاذ الأرواح.

“البطة العرجاء” هي الخانة التي وضعت فيها أنجيلا ميركل لسنوات طويلة ويشير إلى السياسي الذي يقضي ولايته الأخيرة ولا يريد الترشح مرة أخرى، ورغم الضعف السياسي لآداء المستشارة الألمانية في السنوات الأخيرة لكن أزمة كورونا لم تعدها إلى الصدارة فحسب، بل زادت شعبيتها.

القناة الألمانية الأولى أجرت استطلاعا أكد أن شعبية مركل وصلت إلى أعلى مستوياتها، بفضل قيادتها وأسلوبها في التعامل مع أزمة كورونا.

أما في الولايات المتحدة الأمريكية، تشير استطلاعات الرأي إلى العكس تمامًا، حيث تتراجع شعبية الرئيس الأمريكي في ما يسمى بالولايات المتأرجحة.

وهي استطلاعات تم نشرها في مؤسسات إعلامية مؤيدة لسياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية التاريخية ضد منافسه بايدن، الذي يستغل هو ومؤيديه ارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة الأمريكية في كل الخطابات السياسية والدعاية للانتخابات، وتصف ترامب بأنه “يقتل الشعب الأمريكي”.

إقرأ أيضًا

 مديح ومقارنات

وارتبط مديح المستشارة الألمانية في الصحف الأمريكية والبريطانية بتوجيه اللوم والمقارنات للبيت الأبيض وأسلوب الرئيس دونالد ترامب الذي يكبد بلاده أرقام قياسية يومية من الإصابات بكورونا، واستياء في بريطانيا من عدم حذو أسلوب السيدة ميركل.

يقول أندرياس نيك، عضو البرلمان الألماني في حديثه لـ دويتشه فيله:

ميركل تعلمت من الفيزياء الاعتماد على النهج البراغماتي وتحديد الهدف بدقة، فهي تحلل الأمور وتقدرها بحرص، كما أنها لا تسعى للمجد الشخصي.

وأفادت الدراسة أن الدول التي يقودها رجال مثل الولايات المتحدة الأمريكية واسبانيا وألمانيا وإيطاليا والبرازيل والمملكة المتحدة، كانت سيئة للغاية في إدارة الأزمة، وسجلت أعلى معدلات في الإصابات والوفيات بفيروس كورونا.

في الوقت الذي سجلت فيه الدول التي تقودها النساء مثل ألمانيا والدنمارك ونيوزلندا وتايوان وأيسلندا وفنلندا، عددا أقل بكثير من الوفيات والإصابات.

قيادة الحرب ضد الوباء

“حان الوقت للعمل بجد والذهاب مبكرًا”، وفق رئيس وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن، حيث فرضت نيوزيلندا إغلاقا قبل وقت طويل من خروج أزمة كورونا عن نطاق السيطرة في العالم، منذ الخامس عشر من مارس الماضي.

وتؤكد الدراسة أن هذا الشكل المنهجي لقيادة النساء كان أفضل من الرجال وجنّب البلاد الكثير من ويلات الوباء بإصابات فيروس كورونا.

واعتمدت الدراسة على بيانات الدول منذ بداية الوباء وحتى 18 مايو الماضي، مؤكدة على أن التحكم في الناتج المحلي الإجمالي للفرد والسكان في البلدان التي تقودها النساء أفضل بكثير من البلدان التي يقودها الرجال.

بل أصبحت الأدلة تشير إلى أن النساء يصنعن قادة أفضل وأكثر تعاطفًا في طليعة الخطاب السياسي في السنوات الأخيرة، وأثناء الوباء.

في يونيو 2020 ، قالت المرشحة الرئاسية الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون إن هناك “علاقة” بين الدول التي تقودها النساء والاستجابات الإيجابية لفيروس كورونا.

وقال الرئيس السابق باراك أوباما أيضًا في (ديسمبر) 2019 إنه “واثق تمامًا من أنه لمدة عامين إذا كانت كل دولة على وجه الأرض تدار من قبل النساء، فسوف ترى تحسنًا كبيرًا في جميع المجالات في كل شيء تقريبًا”.

شارك الموضوع
محمود علي

صحفي مصري، عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية التلفزيونية والمطبوعة والمنصات الإلكترونية.