اليوغا هي ممارسة تجمع بين العقل والجسد، حيث تشتمل على تمارين التنفس والتأمل والوضعيات المصممة للاسترخاء وتقليل التوتر.
عرفت قديمًا إلا أنها قد بدأت تشتهر في عالمنا العربي في الفترة الأخيرة، قد يرجع ذلك لاختلاط ممارسة اليوغا ببعض الخرافات الأخرى.
فلا يجب أن تسمح بضيق آفاق الآخرين أن يشكل أفكارك ومعتقداتك بشأن الأشياء من حولك فبدلًا من ذلك عليك أن تخوض التجربة بنفسك، لاكتشاف ولمس أعماق روحك وتنظيم تنفسك والحصول على الرشاقة والخفة التي تبحث عنها.
فاليوغا هي اتحاد للروح والعقل والجسد وبالتالي فهي طريقة رائعة للعمل على مرونتك وقوتك، عند النظر للحياة عمومًا بطريقة الأقطاب السالبة والموجبة.
فاليوغا أنسب علاج لإيجاد نقطة التوازن بينهم، بين الحزن والفرح، بين القلق والصفاء، بين الإجهاد والراحة فهي تجمع بين تلك الأقطاب المتناقضة للوصول لمكان متزن، متناغم ومعتدل.
فوائد صحية لممارسة اليوغا يدعمها العلم
دائما ما نسمع عن الفوائد العديدة للصحة العقلية والجسدية التي سنحصل عليها عند ممارسة اليوغا، لا يمكننا إنكارها أو التشكيك فيها وفقا لتجارب كثيرة حولنا.
ولكن دائمًا ما ننتظر رأي العلم والمتخصصين لحسم الأمر، فهل حقًا لليوغا فوائد صحية علميًا؟
اليوغا تقلل من الإجهاد والتوتر
محاولة تقليل التوتر والضغط الزائد والبحث عن صفاء الروح من أكثر الأسباب التي تجعل بعض الأشخاص يتجهون لممارسة اليوغا، ولحسن الحظ هناك بعض الدراسات والتجارب الواقعية التي تثبت قدرة اليوغا على تقليل الإجهاد والتوتر الناتج لأي سبب كان.
فقد أظهرت دراسات متعددة أن ممارسة هذا النشاط يمكن أن يقلل من إفراز هرمون الكورتيزول وهو المسئول الأساسي عن الشعور بالإجهاد.
تم إجراء برنامج لممارسة اليوغا لمدة ثلاث أشهر، على 24 إمرأة يشعرن بالتوتر العاطفي المهلك والمسبب للفتور والشعور بالاكتئاب، فبعد الانتهاء من البرنامج تم ملاحظة أن مستوى الكورتيزول انخفض كثيرًا.
وبالتالي تم الحصول على مستويات أقل من الإجهاد والقلق.
يمكنها تقليل الالتهاب وبعض الأمراض المصاحبة له
بجانب فوائد اليوغا المذهلة المتعلقة بالصحة العقلية والنفسية، يمكننا إخبارك بشيء آخر أعتقد بأنه قد يجعل ممارسة اليوغا عادة جديدة في نمط حياتك.
لممارسة اليوغا قدرة على تقليل الالتهاب الذي قد يجعلك أكثر قابلية للإصابة ببعض الأمراض الخطيرة الأخرى كمرض السكري والقلب والسرطان.
فقد أظهرت دراسة أجريت عام 2014 أن ممارسة 12 أسبوعًا من اليوغا قللت بالفعل من الالتهاب لدى الناجيات من سرطان الثدي الذين يعانون من التعب المستمر وأوجاع في الجسد.
إضافة إلى أنها ساهمت في خلق حالة من التوازن الفكري لديهن. وارتبطت مؤخرًا ممارستها كوسيلة للتعافي والحماية من مرض السرطان.
تعتبر نتاليا حسنية واحدة من النساء الناجيات والتي غيرت ممارسة اليوغا حياتها وطريقة تعاملها مع المرض بعد تلقي تشخيصها بمرض سرطان الثدي عام 2014، فكان هذا الخبر صدمة كبيرة لها لعدم وجود أي تاريخ وراثي لهذا المرض في عائلتها.
نتاليا كانت تعاني في صغرها من تفكك أسري نتيجة انفصال والديها فكان لهذا أثر كبيرحيث شكّل لديها دافع وإلهام لمساعدة الأطفال على تخطي التحديات النفسية والاجتماعية.
يمكنها تحسين صحة القلب
إن قرار إدماج ممارسة اليوغا في جدولك الأسبوعي، قد يساعدك في جني بعض الفوائد لصحة القلب ونبضاته المتسارعة مع سنوات عمرك المتزايدة.
دراسة أجريت على بعض الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 40 عامًا، أثبتت أن ممارسة اليوغا لمدة خمس سنوات أدى إلى تحسين ضغط الدم وتقليل معدل نبض القلب لديهم.
ممارسة اليوغا المصاحب لنظام غذائي صحي من شأنه أن يغير حياتك بشكل كبير، على الأقل ستتخلص من الإجهاد الذي يعتبر سبب أساسي للإصابة بأمراض القلب.
إقرأ أيضًا
تساعدك في التغلب على مشاكل النوم
غالبًا ما تبدأ المعاناة المرتبطة بعدم تنظيم ساعات النوم إذا كنت تعاني من الأرق أو الاكتئاب وفي بعض الحالات يكون بسبب السمنة أو ارتفاع ضغط الدم، سواء بزيادة عدد ساعات النوم فوق المعتاد أو بمواجهة صعوبة في النوم بطريقة مريحة وكافية لصحة جسمك.
مهما اختلفت الأسباب المتعلقة بالنوم فإن دمج اليوغا في روتينك الرياضي، من شأنه أن يساعدك في الحصول على نوم أفضل ومريح. فقد ثبت أن اليوغا تزيد من إفراز هرمون الميلاتونين، وهو هرمون مسئول عن تنظيم النوم والاستيقاظ.
وهناك دراسة أخرى توضح آثار اليوغا على النوم لدى مرضى سرطان الغدد الليمفاوية، ولليوغا أيضا دور فعال في تقليل اضطرابات النوم، وتحسين جودته ومدته وبالتالي تقليل الحاجة إلى الأدوية المساعدة على ذلك.
يمكنها تحسين التنفس
تتضمن معظم أنواع اليوغا تمارين وتقنيات من شأنها التحكم في التنفس وتنظيمه، وهذا قد يساعد كثيرًا مرضى الرئة والقلب.
وجدت دراسة في عام 2009 أن ممارسة تمارين التنفس قد حسنت وظيفة الرئة لدى المرضى الذين يعانون من الربو الخفيف إلى المتوسط. فالحصول على تنفس منتظم يمكن أن يساعد في القدرة على التحمل وتحسين الأداء والحفاظ على صحة رئتيك وقلبك.
فهي تساعدنا في الوصول إلى ما يسمى “التنفس الواعي” وهذا هو جوهر اليوغا لأنه يساعدنا في التواصل مع الطاقة الخفية بالداخل، والتنقل من مستويات مختلفة في الوعي. وهذا ما يؤثر بشكل كبير على حالتنا العاطفية والعقلية والجسدية.
حل مناسب إذا كنت تعاني من الصداع النصفي
تكمن فوائد اليوغا التي لا تنتهي في التغلب على الصداع النصفي وتخفيفه، وهذا ما تم إثباته من قبل عدة دراسات سابقة. فالرعاية التقليدية وتناول الأدوية غير كافي للقضاء على الصداع النصفي.
فممارسة نشاط كهذا بشكل منتظم قد يساعد في تحفيز العصب المبهم، الذي يلعب دورًا مهمًّا في تخفيف الصداع النصفي.
دراسة أخرى أجريت على 60 مريضًا يعانون من الصداع النصفي باستخدام الرعاية التقليدية مع ممارسة اليوغا، أدت إلى انخفاض أكبر في تكرار نوبات الصداع وكثافته عن الرعاية التقليدية وحدها.
يمكنها تنظيم اضطرابات الأكل
قد يظن البعض أن اليوغا مرتبطة فقط بممارسة وأداء بعض الحركات، ولكن مفهوم اليوغا أوسع بكثير، فقد يتضمن أيضًا اليقظة الذهنية Mindfulness أثناء الأكل.
يعني هذا الانتباه إلى طعم ورائحة وملمس طعامك وملاحظة أي أفكار أو مشاعر أو أحاسيس تواجهها أثناء تناول الطعام أو أي نشاط تقوم به حينها.
فمن شأن هذه الممارسة أن تعزز عادات الأكل الصحية التي تساعد في التحكم في نسبة السكر الموجودة في الدم، وزيادة فقدان الوزن وعلاج سلوكيات الأكل المضطربة.
هل تصنف اليوغا كممارسة أنثوية؟
هناك بعض الألعاب والرياضات التي تم تصنيفها حسب الجنس المسيطر على ممارستها، على سبيل المثال كرة القدم شائعة في مجتمعنا العربي بين الرجال بالرغم من وجود فئة من النساء بارعات فيها، إلا أنها تصنف في الغالب كرياضة ذكورية، دائمًا ما يكون الغلبة للأكثرية في نهاية الجدل.
لما يتم النظر إليها كممارسة أنثوية، وهل تصنيف كهذا جعل الرجال وخاصة في الوطن العربي لا يتجهون لممارستها بالرغم من فوائدها المذهلة؟
من الجدير بالذكر أن أوائل من مارسوا اليوجا هم رجال هنود، وهذا أكبر دليل على أنها ليست ممارسة أنثوية بل يرجع الأمر للمفاهيم المجتمعية الشائعة لكون المرأة تحتل مكانة مهيمنة داخل عالم اليوغا الواسع وثقافة نمط الحياة الصحّي عمومًا.
كما أن البعض يرى ارتباطها بأديان أخرى كالهندوسية فيكون ذلك العامل الرئيسي للتخوّف من ممارستها أو حتى التعرف عليها وكأنها بمثابة دخول في دين الكفار والملحدين.
وهذا غير منطقي أو صحيح، فمثل هذا النوع من الوعي يعتبر متخلفًا ويجعل الإنسان متقوقعًا في فقاعته وغير قادر على الانفتاح والتطور لأنه يربطه بالانحلال الأخلاقي، الاستيلاب الثقافي أو الكفر والإلحاد.
بينما يمكننا التخلي عن أفكارنا النمطية قليلاً وندرك أن اليوغا ليست كُفرًا ولا هي مخصصة للنساء فقط.
الكوتش سامي من المغرب يمارس أنواع ووضعيات مختلفة من اليوجا بشكل يومي لمدة 10 إلى 15 دقيقة مما يساعده على التركيز وتحسين صحته بشكل عام.
وبالنظر إلى تاريخ اليوغا الحديث، من الواضح أن لم تكن مصممة بشكل جوهري للنساء، لكنها اكتسبت صفات وحركات نسائية لا يراها الرجل الشرقي مناسبة له.