الطفل العنيد دائمًا ما يكون مصدر إزعاج لكل من في البيت.
ويتمنى معظم الآباء لو أصبح أبناؤهم مطيعين وهادئي الطباع حتى يتمكنوا من نيل الراحة والهدوء اللذان ينشدونه في المنزل، فلا شك أن الطفل المهذب المطيع هو درة الأسرة.
ولهذا العناد هو سلوك مشين في نظر الكل مما يجعل هناك ضرورة للتعامل معه سواء بالترغيب أو الترهيب حسب ما يرتأي كل أب وأم.
ولكن في الواقع فإن الطرق التقليدية التي نشأنا عليها للتعامل مع عناد الطفل لم تعد تجدي بشيء.
بل إنها تزيد الأمر سوءًا ولهذا وجب علينا البحث والتقصي عن الطرق المثلى للتعامل مع الطفل العنيد.
مع العلم أن لكل طفل شفرته الخاصة، التي يجب علينا التعامل معها، فما يجدي مع أحدهم ليس بالضرورة يعطي نفس النتيجة مع ابنك، وهنا يجب أن ندخل الى أعماق طفلنا لنفهمه ومن ثم نتعامل معه.
من هو الطفل العنيد؟
بدأت ملاحظتي لعناد ابني من الصغر عندما كان يصمم على فعل ما يريد، وما يطرأ على فكره مهما كانت العواقب وكنت أحاول التعامل مع الأمر بسلاسة معتقدة أنه شيء طبيعي.
ولكن هنا قررت أن أتخذ موقف عندما طلبت معلمته في المدرسة حضوري لتحكي لي عن مشكلة جابهتها.
وقالت أنها طلبت من ابني أن يقوم بتنظيف الألعاب التي يلعب بها هو وصديقه، ولكنه رفض بشدة، لتعاقبه بالجلوس على أريكة الفصل دون حراك أو مشاركة في اللعب حتى يكون مستعدًا للتعاون.
وتجدي تلك الطريقة نفعًا مع كل الأطفال في غضون 10 دقائق، ولكن ابني كانت له قصة مختلفة حيث رفض تنفيذ ما طُلب منه حتى بعد مرور 30 دقيقة وظل جالسًا على الأريكة إلى انتهاء اليوم الدراسي.
ومن هنا يمكننا أن نعدد صفات الطفل العنيد، ولكن عليك أن تعرف أن ليس كل طفل يمارس الإرادة الحرة عنيد.
فالأطفال الذين يتمتعون بإرادة قوية هم أذكياء ومبدعين للغاية، لديهم رأي وفاعلون وكثيري الأسئلة التي قد يراها البعض تمرد.
أما الأطفال العنيدون فتشمل خصائصهم الآتي:
. متحدي في أغلب المواقف.
. يتمسك برأيه بشدة وليس على استعداد للاستماع لما يقوله الوالدين ولا يغير موقفه تحت أي ضغط.
. يصارع على السلطة.
. يسأل لماذا كثيرًا.
. صريح للغاية.
. لديه تركيز عالي كالحديد عندما يهدف لفعل شيء.
. مجادل بشدة.
. يتعرض لنوبات غضب أكثر من أقرانه.
. شخصيته قيادية بشكل واضح وقد تصل لحد التسلط.
. يسعى لاستقلاليته لحد يبدو فيه عنيفًا.
تربية طفل عنيد هدية من السماء
يحاول جميع الآباء أن يبتعدوا عن التفكير بأنهم سوف يسيطرون على طفل عنيد و قوي الشخصية وفي حالة ملكوا أحدهم فأنهم يرفضون ذلك ويقومون بتقويمه بغرض تحويله إلى طفل هادئ.
غير عالمين أنهم بذلك يخسرون الكثير، بل ويكسرون روحه ويغيرون من شخصيته الفريدة.
فقد قدمت إحدى الدراسات الهادفة لمعرفة خصائص الأطفال وظروفهم الناجحين في مستقبلهم المهني. تلك التي تم إجراؤها على عدد من الأطفال من سن 12 عامًا وتبنى الباحثون متابعتهم حتى سن 52 عامًا.
نتائج تؤكد أن الأطفال العنيدين في الصغر والذين قاموا بتحدي السلطة الأبوية ولم يكونوا مطيعين كانوا أكثر ميلًا لكسب المزيد من المال وأصبح بعضهم من رواد الأعمال أكثر من أقرانهم الأقل حماس.
كما أنه من المرجح أن الأطفال العنيدين يصبحون قادة عظماء مستعدين لفعل الشيء الصحيح بأي ثمن.
طرق ذكية وفعّالة في التعامل مع طفل عنيد
في الواقع إن الأطفال العنيدين لا يستجيبون عند إجبارهم على فعل ما نريده.
حيث يقول الباحثون أن الإجبار يقوض الفاعلية الأخلاقية لهم، وبالتالي فإن اختيارها يسبب الكثير من المشاكل، خاصة أننا بذلك نجعله يتنازل عن شخصيته التي خُلق بها ويقبلون تعليماتنا بشكل ظاهري فقط.
وعليك أن تعلم جيدًا أن الأبوة والأمومة بهدف تقديم انسان عظيم وناجح في حياته أصعب بكثير من جعله يفعل ما نريد الآن.
إعمل معه: الطفل هو كائن ذكي جدًا فهو يعلم ما بداخلك من مجرد نظراتك ويعلم جيدًا إذا كنت تتصرف هكذا لأنك ترغب بمصلحته أم مصلحتك الشخصية وفرض سيطرتك ليس إلا.
ولهذا فالعمل الجماعي هو من أهم الطرق لتربية الطفل العنيد، وبالتالي فهو سيعلم أنك بهذا تعمل معه لا ضده.
فعندما يشعر الطفل بأهميته في الأسرة وأن له دور فعّال فإنه سيكون على استعداد للتنازل عن إرادته الشخصية من أجل المصلحة العامة وليس من أجل الخوف والتهديد.
قم بوضع قواعد الأسرة والتعامل معه وتحقق من فهمه لها واستعداده لاحترامها، وهنا تظهر إيجابيتك في التواصل التي تعطي انطباعًا جيدًا لديه يقوده الى الرضا والسلوك الجيد.
كن دائمًا على اتصال: التواصل هو أولى خطوات التربية الفعالة دائمًا وأبدًا، وهي حاجة أساسية لكل طفل.
فالعلاقة القوية مع الطفل تجعله دائمًا متحمس لفعل المزيد ولا ينظر إلى تعليماتك باعتبارها حملاً على كتفيه، خاصة أنه عندما يشعر بأنك تجبره يتمرد عليك تلقائيًا.
فالعناد هو طبع غريزي لدى الكل، وعليك أن تدرك أنه عندما يفقد الطفل التواصل معك سيدفعه هذا للحصول على الاهتمام بأي طريقة كانت سواء بالكلام أو بالأفعال التي قد لا تفهمها أنت أنها تعبير عن فقد شيء مهم له.
تقول سوزان ستيفيلمان في كتابها Parenting Wihout Power Struggles أن:
إقامة علاقة لا تتزعزع مع الأطفال المُتَحدّين تجعل التعامل معهم أسهل.
خاصة أن الطفل العنيد لا يشعر بالرضا عندما تسلبه قوته، وهنا أنت تتجنب الدخول في صراع معه.
يمكنك ببساطة إخبار طفلك بما سيحدث خلال تلك النزهة وما تتوقعه منه بالظبط؛ “سوف نذهب إلى السوق معا لنشتري بعض الحاجيات ولكن عليك أن تعلم أنه لا مجال لشراء الحلوى” وبالتالي عندما يعرف طفلي ما أتوقعه منه قبلها فإن هذا سيجنبنا ما قد يحدث في لحظتها من انهيارات.
لا تعاقب بل وجّه: قد تُقابل بعدم الاحترام من طفلك العنيد، وهنا عليك أن تعلم أن العقاب والغضب والصراخ ليس بالسلوك المجدي بل سيفقدك علاقتك بطفلك.
وهنا الحل الأمثل هو توجيه الطفل نحو التصرف الأفضل، استخدم عبارات مناسبة أكثر لهذا الموقف عندما يتلفظ بشيء غير مناسب واعطه فرصة لتصحيح الخطأ مثل أن تقول؛ “حاول مرة تانية بشكل أكثر احترامًا” أو “كان الأفضل أن تقول …..”.
ومن هنا تقوم بتدريب طفلك على التعبير عن أفكاره ومشاعره بشكل إيجابي وطرق محترمة لشخصيته المنفردة التي من شأنها أن تنمي مهارات التواصل لديه.
الاحترام هو الطريق لقلب طفلك: كن هادئًا دائمًا، وبهذا سيتعلم طفلك منك الهدوء واعلم أنك عندما تحترمه سيكون رد فعله التلقائي احترامك لأنه يتعلم منك كل شيء ويقلدك بكل ما تفعله.
وهذا ما تؤكده بيتسي براون مؤلفة كتاب أنت لست The BOSS OF ME حيث أشارت لأهمية مبدأ “أولادك يراقبونك” ولكي تظهر احترامك لهم عليك أن تقدر مشاعرهم دائمًا ولا ترفض أفكارهم.
خاصة أن الطفل العنيد يملك شخصية حساسة أكثر من أقرانه، اطلب منه التعاون ولا تفرض أوامرك دون نقاش، دع لهم مساحة لعمل ما يخصهم وبهذا يشعرون بالثقة، لا تفعل عكس ما تقول، ولا تميّز بين أطفالك بل افرض القواعد للجميع وليس للعنيد فقط.
جرّب قراءة هذا المقال أيضًا
تربية طفل عنيد ليس بالأمر السهل ولا هو أمر يصعب نجاحه.
ولكن علينا أن نعلم أنه ليس هناك حل سريع، بالتالي يجب علينا التحلي بالصبر والتعاون من أجل تقديم شخص ناضج للحياة.
وذلك يحدث من خلال حصولي على رضا أطفالي وثقتهم ودفعهم لتكوين شخصيتهم المستقلة التي تقودهم ليكونوا قادة في المستقبل ورائدين مؤثرين في المجتمع.
وعلينا أن نتذكر أنه ليس لكوننا والدين وبالغين ليس هناك مجال للنمو والتعلم بل هذا ادعى عند سيطرتك على طفل عنيد لامتلاك شخصية أبوية ذات انضباط وقدرة أعلى على التعامل.