قضايا المرأة

التحرش بعبع يهدد المرأة، يفسد راحتها ويعيق أهدافها

التحرش بعبع يهدد المرأة، يفسد راحتها ويعيق أهدافها
شارك الموضوع

قد يرى البعض أن التحرش يقتصر فقط على اللمس أو المضايقة الجسدية، لكن مفهوم التحرش أكبر بكثير فيمكننا اعتبار الإيذاء اللفظي تحرش، المضايقة الإلكترونية التي بدت منتشرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة نوع آخر للتحرش، ابتزاز الآخرين للقيام بمهام لا يرغبونها خوفًا من فقد وظيفة مثلا يعتبر نوع خفي من أنواع التحرش.

ويمكنك ملاحظة أنني لم أحدد جنس المعتدى عليه، التحرش لا يقتصر على الفتيات أو النساء فقط بل كلا الجنسين يمكن أن يتعرض للتحرش بمختلف أنواعه، ولكن الشائع في مجتمعنا وبناءاً على السطوة والقوة التي يتمتع بها الرجل تجعله أقل عرضة للتحرش مقارنة بالنساء، وتلك القوة نفسها قد تعطي الحق لبعض أشباه الرجال بأن يمارسوا بعض أشكال التحرش والبلطجة ضد النساء.

للتحرش آثار وعواقب نفسية وخيمة غالبًا ما يستهان بها

لم أكن أدرك مدى تأثر الشخص الذي سبق وتعرض للتحرش!  هل فعلا يبالغون والأمر لا يستحق كل هذه المبالغة، هل مجرد لفظ خارج مؤذي يمكن أن يسبب الاكتئاب عند بعض الفتيات، بل قد تظل هذه الحادثة التي يراها البعض بسيطة، عالقة في ذهنها سنين لأنها لم تعالج بالشكل السليم.

لا أنكر أنني كنت أيضًا لا أرى أن الأمر يستحق كل هذا التهويل، أو لا دخل للفتيات في ذلك، يمكنهم تجاوز الأمر إن استطاعوا، حتى تعرضت إحدى صديقاتي لموقف شبيه، وكنت شاهدة على ذلك، لم أكن الضحية ولكن لا يمكنني القول أن إحساسها بالذعر والخوف قد وصلني تماماً، كنت أحاول أن أتمالك نفسي قدر الإمكان حتى أستطيع تهدئتها لتجاوز الموقف، أدركت حينها أن الأمر ليس بهذه البساطة أو السذاجة التي يراها البعض.

هل للضحية دور في تعرضها للتحرش كما يرى المجتمع؟

بالطبع هناك تناقض كبير بين قيم ومبادئ المجتمع والناس من حولنا وبين رأيهم المتعلق بحوادث التحرش خاصة إذا كانت الضحية من وجهة نظرهم لم تطبق الأحكام والقواعد التي يرونها حماية من أي تعرض غير لائق بأنوثتها.

لا أعترض مع ذلك بشكل كامل فأنا أتفق مع ضرورة الالتزام بقواعد الاحتشام الذي أؤمن به وأستطيع الآن أن استوعب تلك الأحكام جيدًا، ولكن لا أتفق مع كون المجتمع يضع تلك الأحكام كشرط لعدم الإساءة أو التحرش، بمعنى إذا تعرضت للتحرش بملابس مكشوفة أو غير محتشمة من وجهة نظر الآخرين لا حق لك بالمطالبة بحقك أو اعتبار نفسك ضحية من الأساس.

وأرى أن هذا أكثر ما يشجع المتحرشين على أفعالهم بل يجعلهم يبررون لأنفسهم فعلتهم الدنيئة، بل أكثر ما يضحكني حقاً، أولئك الذين يرون التحرش وسيلة للدفاع عن قيم المجتمع والدين أو إلزام الفتيات على الإحتشام.

للتحرش دور سلبي في تحقيق الأهداف المهنية للمرأة

من أكبر معوقات المسيرة العملية والمهنية للمرأة هو خوفها الدائم من المضايقة والتحرش خاصة إذا كانت تعاني من موقف أو حادثة سابقة تجعلها تفكر كثيرًا قبل الدخول في أي عمل أو دراسة جديدة، تضع في اعتبارها أولًا بعبع التحرش.

أعتقد أن هذا الإنذار الداخلي لدى الأنثى عموماً فطري بعض الشيء، لابد منه لحمايتها من أي خطر خارجي يمكنه الإطاحة براحتها وحياتها، ولكن إذا زاد عن الطبيعي فقد يسبب لها المتاعب ويضيع عليها فرص كثيرة كوظيفة رائعة، أو دراسة جديدة، سفر ومغامرة.

الخوف من التحرش من شأنه أن يجعل المرأة تعيش في سجن، تضعه هي لنفسها بناءًا على معتقدات المجتمع الخاطئة والظالمة لها.

شارك الموضوع
هاجر سويفي

كاتبة ومدونة.