الاكتئاب عند الرجل بات حقيقة علمية فلا داعي للهلع.
يصاب الرجال والنساء بالاكتئاب ولكن استعدادهم للتحدث عن مشاعرهم قد يكون مختلفًا بعض الشيء. قد يكون هذا أحد أسباب اختلاف أعراض الاكتئاب عند الرجل والمرأة وكذلك الطريقة التي يواجه بها الاكتئاب من كلا الطرفين.
فنرى أن كثير من الرجال يواجهون الاكتئاب بإنكار شديد ويجدون صعوبة في التحدث عن مشاعرهم السلبية، حتى لو كانوا يُحاولون تفريغ هذه المشاعر في أعمال عدوانية أحيانًا ولكن يبقى السبب الرئيسي باق دون محاولة لعلاجه أو التصدي له.
لذلك ضروري جدًا لأي رجل يعاني من الاكتئاب أو لاحظ ظهور أحد أعراضه الشائعة أن يطلب المساعدة قبل أن تصبح مشاعر اليأس مشاعر انتحار وإيذاء للنفس أو للآخرين.
يمكنك اللجوء لصديق أو شخص عزيز وإذا كنت ترى أن الأمر يستدعي زيارة لطبيب لا تتردد، فبمجرد تشخيص الحالة بشكل صحيح، هناك كثير من الطرق والإجراءات التي يتم اتخاذها لعلاج الاكتئاب وإدارته بنجاح ومنعه من العودة لحياتك مجددًا.
الاكتئاب عند الرجل قد يختلف عن الحزن العادي
بالرغم من أن الإكتئاب أكثر شيوعًا لدى النساء مقارنة بالرجال المصابون به، مع ذلك فإن عدد الرجال الذين يموتون بسبب الانتحار الناتج عن الاكتئاب هو أربعة أضعاف عدد النساء وذلك ما أثبتته الدراسات العلمية.
قد يكون سبب ذلك هو عدم قدرة الرجال على الاعتراف بإصابتهم بالاكتئاب والذي يصنف كأحد العوامل الخطرة المؤدية للانتحار لدى هذه الفئة. من المهم جدًا فهم اختلاف أعراض الاكتئاب بين الرجال والنساء، يمكن أن يساعد ذلك في توعية الناس بالاكتئاب بالنسبة لأنفسهم أو أحبائهم. التعرف على هذا المرض هو الخطوة الأولى نحو التعافي.
أعراض الاكتئاب عند الرجل
هناك بعض الأعراض للإكتئاب يشترك فيها كلًا من الرجل والمرأة منها الشعور بالحزن أو البكاء والشعور بالذنب أحيانًا، بجانب فقدان المتعة في أداء الأنشطة الممتعة، يصاحبه تغيرات في الشهية أو الوزن، مع قلة النوم، الشعور بالإثارة أو التعب الشديد، ومواجهة صعوبة في التركيز، فيُلاحظ تأخر واضح في التحصيل الدراسي أو الأداء الوظيفي للشخص المصاب.
علامات سلوكية
تظهر العلامات السلوكية للاكتئاب بشكل مختلف وأكثر وضوحًا لدى الرجال مقارنة بالنساء، فالرجال عرضة لإظهار نوبات الغضب والعدوانية الخطرة.
فقد يُلاحظ على الرجال المصابين بالاكتئاب أعراض سلوكية مثل: شرب الكحول وتعاطي المخدرات بكثرة، كذلك تجنب التجمعات العائلية أو الاجتماعية، العمل بهوس دون أخذ استراحات مناسبة، مع وجود صعوبة في مواكبة مسؤوليات العمل أو الأسرة، إلى جانب الانخراط في سلوكيات خطرة مثل المقامرة أو الجنس غير الآمن. وأحيانًا يصل الأمر إلى الإقدام أو محاولة الانتحار.
علامات عاطفية
دون شك يؤثر الاكتئاب على الحالة العاطفية للرجل كانخفاض المزاج مثلاً، قد يعبر عنه البعض أحياناً على أنه حالة من الحزن. قد يعاني بعض الرجال في التعبير عن هذه المشاعر ظاهريًا خاصة إذا شعروا أن الآخرين يمكن أن ينتقدوا اعترافهم بها وبالتالي، يمكن أن تظهر التغييرات في حالتهم العاطفية بطرق مختلفة مثل: الغضب والإحباط الشديد، العدوانية مع الآخرين والتهيج.
الاكتئاب عند الرجل وعلاماته الجسدية
قد يظن البعض أن هذا المرض مرتبط فقط بالصحة العقلية والنفسية للشخص ولكن أيضًا من المتوقع أن تنشأ بعض الأعراض الجسدية بسبب التأثير المُباشر على المواد الكيميائية في الدماغ؛ الاكتئاب عند الرجل من شأنه أن يغير مستويات السيروتونين و النورادرينالين، اللذان يتحكمان بشكل كبير في الشعور بالألم وتحسن المزاج.
فقد نجد الرجال المصابين بالاكتئاب يعانون من: ضيق في الصدر، آلام المفاصل والأطراف والظهر ومشاكل في الجهاز الهضمي، النوم المفرط أو القليل جدًا، أكل الكثير أو القليل، و فقدان الوزن غير المخطط له.
انتبه فقد توجد بعض الأشباح التي تتحالف مع الإكتئاب ضدك!
مثل أي مرض عضوي أو نفسي آخر لابد من وجود بعض العوامل المقصودة وغير المقصودة قد تجعل الاكتئاب يتفاقم ويزداد خطورة عند الرجال، وبالرغم من صعوبة تحديد السبب الرئيسي للإصابة لكن هناك بعض العوامل التي من شأنها تحفيز إصابة الرجال بالاكتئاب الحاد مثل:
العوامل الوراثية
الرجال الذين لديهم تاريخ عائلي من الاكتئاب قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به من أولئك الذين لا يعاني أفراد أسرتهم من المرض.
الإصابة بالأمراض العضوية
قد يكون الاكتئاب مصاحب للأمراض العضوية لدى الرجال أحيانًا، وهذا ما نشاهده بوضوح عند مصابي مرض السرطان أو السكري أو أمراض القلب. لذلك يجب أن يخضع المريض للعلاج النفسي لتفادي الاكتئاب ومساعدته في التغلب على المرض العضوي الخطير والمهدد لحياته أيضًا.
الإجهاد المجتمعي
هناك عوامل لا تخلو منها الحياة عمومًا وتؤثر على غالبية الرجال في مجتمعاتنا كالمشاكل المالية، وفقدان أحد أفراد الأسرة، أو العلاقة الشخصية الصعبة، أو حدوث تغيرات كبيرة ومفاجئة في الحياة، كالمشاكل في العمل، وغيرها من المواقف المرهقة التي قد تؤدي إلى الاكتئاب عند الرجل.
للدعم الإجتماعي دور كبير في العلاج ولكن يجب أن تكون المُبادر
قبل طلب المساعدة من الآخرين أو من طبيبك المعالج ما رأيك أن تخوض تجربة التعرف على الذات، فمعرفة نفسك يقصر عليك مدة العلاج والتعافي، يجب أن تكون على دراية واسعة عن المرض، كيف ومتى تعرضت للإصابة بالإكتئاب؟ هل هناك عوامل تسببت في ذلك؟ هل تمتلك الإرادة لتخطي هذه الأزمة؟
لا أعتقد بأن الأمر سيكون سهلًا، إن لم يكن هناك عزيمة بداخلك، حتى الأدوية المضادة للاكتئاب رغم أنها فعالة مع بعض المرضى وأثبتت نجاحها في الآونة الأخيرة، إلا أنها قد تفشل أحيانًا إذا لم تستجب أنت معها.
يحتاج الطبيب معرفة الأعراض التي ظهرت عليك، ومتى بدأت، ومدة استمرارها، ومدى تأثيرها، وما إذا كانت قد حدثت من قبل، حينها يقرر الطريقة المناسبة للعلاج. من المهم أن يكون مريض الإكتئاب منفتحًا وصادقًا.
كما أن للتشافي الذاتي دور هام للغاية في التعامل مع المرض النفسي عمومًا، خاصة إذا كان هناك إدمان سابق مع الكحول أو العقاقير غير الموصوفة أو المقامرة وغيرها من الأنشطة عالية الخطورة، والتي تسبب تآثير سلبي على الصحة النفسية وبالتالي تأخر مدة العلاج.
إقرأ أيضًا
الاكتئاب عند الرجل: ما بعد زيارة المختص
بعد زيارة الطبيب تكون الخطوة الثانية هي تكوين شبكة إجتماعية من المعارف والأصدقاء الموثوقين تكون قادرا فيها على الإفصاح بمشاعرك ومشاركة مشاكلك واضطراباتك النفسية المتكررة.
أتفهم كون الرجال يجدون صعوبة كبيرة في مناقشة مشاعرهم ويرون أن هذه الأمور قد تتعارض مع قوة الشخصية، ولكن سواء كنت على علم بذلك أم لا، فأنت على أي حال تنقل مشاعرك إلى من حولك، أنت فقط لا تستخدم الكلمات.
فالأشخاص الأقرب دائمًا ما يلاحظون وجود خلل ما من تغير تصرفاتك والبعض يستطيعون اكتشاف أعراض الإكتئاب بسهولة دون اعترافك به، وبدلاً من ذلك، يمكن أن يساعدك اختيار الإفصاح عما تمر به على الشعور بالتحسن.
الاكتئاب قد يكون حالة عادية وعابرة بسبب ضغوطات الحياة، وقد يكون تجربة مستمرة تُضيّق عليك الخناق.
سواء كان هذا أم ذاك، إنه حالة إنسانية محضة ولا تنتقص من رجولتك أبدًا و لا تستدعي الشعور بالعار أو الخزي بالتأكيد.
