قضايا المرأة

الوجه المنسيّ من شخصية وحياة الليدي ديانا

الوجه المنسيّ من شخصية وحياة الليدي ديانا
شارك الموضوع

الأميرة ديانا… مرّ 23 عامًا على رحيلها، ولا تزال ذكرى وفاتها مناسبةُ تتجدد، وتنتظرها بشغف الصحافة البريطانية لتكشف أسرارًا جديدة من حياة أميرة القلوب.

كان الأول من يوليو لعام 1961 لحظة ميلاد “كوكب ديانا”، حينما تم إعلان خطبتها للأمير تشارلز، لتعانقها الأضواء ولم تفارق سيرتها حتى الآن، مثل نجم يرسل بريقه للأرض لملايين السنين الضوئية.

فهي سيدة فريدة من نوعها، كان كل شيء يشي بحبها، وينهار أمام أنوثتها ورقة مظهرها. ولكن مظهر الرقة يحمل خلفه ثورة إنسانة حاولوا قمع إنسانيتها، فتمردت بقلب شجاع.

أنا لا ألعب وفقًا لكتاب القواعد، بل أفعل أشياء مختلفة.

ومع كل صفحة كانت تمزقها من بروتوكول العائلة المالكة كانت تخط صفحة جديدة لأطفالها وأحفادها من بعدها، لتترك تأثير طويل الأمد من التمرد تتشبع به عائلتها الصغيرة: ولديها وليام وهاري وزوجتيهما كيت وميجان.

وقت للتغيير وخروج عن المعتاد وسط العائلة المالكة

عاشت الأميرة ديانا حياتها كما تحب،  وخلعت رداء الأميرة الذي يجب عليها أن تلعبه.

وتقربت من أشخاص بسطاء ضمن نشاطها الخيري مثل مساعدة مرضى الإيدز ومستعمرات الجذام، وأشخاص يعانون من الوصم الاجتماعي، وجعلتهم يشعرون أنهم ليسوا وحيدين، ورغم رفض العائلة الملكية لكنها كانت ترى أنه “حان وقت التغيير”. 

كانت أميرة ويلز أول سيدة في القصر الملكي تمارس عمل خاص مدفوع الأجر قبل خطوبتها، حيث كانت تعمل معلمة روضة أطفال بدوام جزئي في لندن.

وبينما يهتم  القصر الملكي بالتفاصيل الصغيرة التي يعتبرها مقدسة، أثارت ديانا ضجة باختيارها خاتم الخطوبة من كتالوج مجوهرات “جاراد”، وهو خاتم متاح للجمهور، في حين تجري تقاليد القصر على أن تختار الأميرة خاتم يصنع لها خصيصًا حسب الطلب.

وعلى طريقة ديانا سار ابنها الأول ويليام، فطلب من زوجته كيت ميدلتون الزواج بخاتم والدته، تكريمًا لها، ويبلغ سعر الخاتم حاليًا 500 ألف دولار.

الأميرة ديانا رفضت ‘الطاعة’ وكتبت عهود الزواج بنفسها

كتبت الأميرة ديانا عهودها الخاصة في حفل الزواج.

وصنعت التاريخ حينما رفضت أن تقول أثناء عقد القران أنها “سَتُطيع” الأمير تشارلز، وحذيت حذوها كنتها بعد سنوات من وفاتها زوجة الأمير ويليام الابن الأكبر لها، حيث أزالت السطر الخاص بأنها سَتُطيع الأمير ويليام أثناء، تلك الجملة التي تلقى عادة في عقد القران.

أما ميجان ماركل زوجة الابن الأصغر الأمير هاري، فوضعت حجرًا آخر، واستخدمت الألقاب غير الرسمية أثناء عقد القران، ما كان بمثابة تغيير التقاليد الملكية، وحذفت هي الأخرى كلمة “الطاعة” من الوعود.

واستمرت أميرة القلوب في خلق التغيير والخروج عن المألوف حتى في اختيار المستشفى الذي وضعت فيه طفليها.

حيث وضعت طفلها الأول في جناح ليندو في مستشفى سانت ماري عام 1982، ثم الأمير هاري في نفس المستشفى، وهو عكس التقاليد الملكية بأن تلد الأميرة داخل القصر، كيت فعلت نفس الشيء، وأنجبت أطفالها الثلاثة بنفس الجناح.

وعدّلت ميجان ماركل قليلاً في خطتها، ووضعت الطفل الأول في مستشفى بورتلاند في لندن، بدلاً من المنزل.

ديانا كانت سيدة القصر وسيدة الكلمة الأخيرة، أراد زوجها الأمير تشارلز تسمية المولود الأول آرثر، فاختارت ويليام، وأراد تسمية الطفل الثاني ألبرت وسمته هي “هاري”.

إقرأ أيضًا

واجبات أمومة باللون الأخضر…

فضلت الأميرة ديانا حياتها الشخصية على المناسبات الملكية والرسمية، ورتبت مواعيدها على حسب احتياجات طفليها، ووضعت مواعيد أطفالها في جدول أعمالها باللون الأخضر.

وبعد زواجها تخلت الأميرة ديانا عن عملها كمعلمة للأطفال، من أجل التزاماتها الملكية، ورغم زخم حياتها الرسمية كانت ملمة بالتفاصيل لطفليها اللذين تركتهما لمربية لبعض الوقت شأن أطفال العائلات الثرية.

وكان من المتعارف عليه في العائلة الملكية تعليم الأطفال في المنزل، لكن ديانا أرسلت ويليام وهاري للمدرسة، وأصرت على التحاق ويليام أول وريث للعرش بمدرسة عامة في حضانة جين ماينور بالقرب من قصر كينسنجتون.

ويليام وزوجته كيت، فعلا نفس الشيء، وبمجرد بلوغ أميرهما الصغير “جورج” عامين ونصف، التحق بمدرسة خاصة، قريبة من القصر.

كانت تنشئة الأميرة ديانا لأطفالها متحررة من قيود الطفولة الملكية، فكانا يرتديان “الجينز” ويقفان في طابو الآيس كريم مثل باقي الأطفال، ويذهبان إلى ديزني لاند لركوب الملاهي.

أزياء وزينة الأميرة ديانا تنّم عن ذوق وثورة

الفستان الذي يكاد يصل للركبتين، والأكتاف العارية، والفستان الأبيض الخالي من أي نقوش بحمالات كتف رفيعة، جزء من الذوق الرفيع لامرأة تشع رقة وأنوثة.

لكن في ذات الوقت كانت جزء من ثورة ديانا وتمردها على قيود الحياة الملكية المحافظة والتي كانت ترفض ما تقوم به ديانا وأسلوبها في اختيار أزيائها.

وتحايلت ديانا بذكائها على أسلوب ملابسها القصير والعاري، باستخدام حقائب اليد في تغطية صدرها أثناء النزول من السيارة، وفق مصممة حقائبها “أنيا هندمارش”.

ورغم أن الأميرة ديانا لم تكن تتبع الموضة، لكن ما ترتديه كان يصبح الموضة خلال ساعات.

وأصبحت الفساتين السوداء من أكثر الفساتين مبيعًا في بريطانيا، بفضل حب ديانا للون الأسود، رغم أن ارتداء اللون الأسود لأميرات القصر كان في مناسبات العزاء فقط، لكنها كسرت ذلك النمط بامتياز.

وتظهر “كيت” كثيرًا بمجموعة من الفساتين المشابهة لفساتين ديانا التي تظهر كتفيها، ونفس الشيء تتبعه ميجان ماركل التي علقت بأنها “ليس لديها وقت للقواعد القديمة”.

وطبقا للتقليد الملكي يحق للرجال فقط ارتداء البنطال في المناسبات الرسمية، أما السيدات فيرتدين الفساتين، لكن حتى هذا التقليد كسرته الأميرة ديانا في لقائها الرسمي مع المغني الشهير بريان آدمز.

واتبعت في الحلي والمجوهرات نفس الأسلوب في الأزياء، ورغم الطباع الحادة للملكة إليزابيث، لكن ديانا كانت ترتدي قلادة من الزمرد والماس مملوكة للملكة، وفي إحدى المناسبات حضّرت من الإكسسوار تاج بدلاً من عقد.

غالبا ما فرضت الملكة إليزابيث ذوقها الخاص على أميرات القصر الملكي بالتقاليد البولندية.

لكن ديانا التي كسرت قواعد الملابس، كسرت أيضًا قواعد طلاء الأظافر.

فبدلًا من استخدام الألوان المحايدة، لم تخش أن تكون جريئة باختيار اللون الأحمر مثل لون فستانها، أما ميجان فتفضل أيضًا الألوان الداكنة والأحمر أو الأسود والبنفسجي في المناسبات.

الهدوء الذي يسبق العاصفة في مواجهة خيانة الزوج

تحدثت ديانا بصراحة كاشفة أسرار العائلة المنهارة التي يحكمها ثلاثة أطراف، ديانا، وتشارلز، وعشيقته كاميلا، التي ستصبح زوجته بعد وفاة ديانا. وكانت تعرّف إدراكها لخيانة زوجها مع كاميلا بـ “غريزة المرأة”.

غريزة المرأة جيدة جدًا؛ من الواضح أنني كنت أعرف ذلك من الأشخاص الذين اهتموا بزواجنا… كان هناك ثلاثة منا في هذا الزواج، كان مزدحمًا بعض الشيء.

وقالت إنها كانت تعرف علاقة زوجها جيدًا بكاميلا خلال لقاءها مع شبكة بي بي سي، ما جعل الملكة اليزابيث تطالبها بالطلاق.

لم تكن حياتها الزوجية مستقرة يومًا، لكنها حافظت على “الهدوء المميت”، إلى أن كشفت خيانة زوجها على صفحات الجرائد، ثم ظهرت بفستان أسود قصير بدون أكتاف وبطلاء أظافر أحمر اللون لتواجه الهجوم الإعلامي وتتصدر صورتها صفحات الجرائد  بعنوان “فستان الانتقام”.

وحاولت “كيت” أن تحذو حذوها، حينما ظهرت على غلاف مجلة “فوغ” البريطانية، لتكشف بعض التفاصيل عن حياة الأسرة الصغيرة.

أما ميجان فهي تمضي بقوة على ذات الطريق، وظهرت على غلاف مجلة “فانيتي فير” للحديث عن تفاصيل خطبتها للأمير هاري، ثم ظهرت في 2019 على غلاف مجلة “فوغ”، لتحرر عدد كامل هدفه “إحداث التغيير والتنوع”.

وتحدث هاري للمرة الأولى عن الصراعات النفسية التي يواجهها منذ وفاة والدته، وعن منظمته لمساعدة مرضى الصحة النفسية.

قد تكون أميرة القلوب تركت هذه الدنيا، ولكنّ شخصيتها المتميّزة تركت بالتأكيد مدرسة ودروسًا قيّمة للعديد من النساء.

وليس من المهم أن يكونوا أميرات ولا ملكات.

لأن الثورة على التقاليد البالية والأعراف غير المنطقية والصور التنميطية التي تهدف بالأساس إلى خلق قوالب متطابقة فلا تتيح لأي كان امرأة أم رجل، أميرة أو امرأة من عوام الناس الازدهار والتميّز بشخصياتهم الحقيقية والمنفردة، هو ذلك النوع من الثورات التي تكون حتمًا مشروعة ومطلوبة.

شارك الموضوع
محمود علي

صحفي مصري، عمل في العديد من المؤسسات الإعلامية التلفزيونية والمطبوعة والمنصات الإلكترونية.