حياة

الرجل أم المرأة، من يعبّر عن مشاعره بشكل أسرع ومن لديه ذكاء عاطفي أقوى؟

الرجل أم المرأة، من يعبّر عن  مشاعره بشكل أسرع ومن لديه ذكاء عاطفي أقوى؟
شارك الموضوع

الحب هو تلك المعضلة الأزلية التي تحير فيها البشر منذ وجودهم على الأرض.

وعندما تختلجنا الأفكار لوصف هذا الشعور الذي يهيم على أرواحنا لا نجد سوى الصمت .. وعند النظر إلى الفروق الشخصية بين كلا من الرجال والنساء في كيفية الوقوع في الحب، وكيف يعبر الطرفان عن مشاعره تجاه الشريك الآخر، نجد الكثير مما يمكن أن يُقال.

بالنظر إلى علم الأحياء والعلوم الإجتماعية، يمكننا اكتشاف أن كلا من الرجل والمرأة يميلان إلى إقامة علاقة حب قوية مع طرف آخر، ولكن الفروقات البيولوجية بين كلا منهما، جعلت طرق الوقوع في الحب تختلف.

نعم الحب هو الحب، ولكن من منهما يعبر عن مشاعره أولاً؟ ومن يسعى إلى دخول العلاقة بشكل جدي أسرع؟ 

فعلى الرغم من احتدام السجال بين الطرفين، والميل نحو فكرة قدرة المرأة على التعبير عن مشاعرها وإمساكها بزمام العلاقة العاطفية، وأن هرموناتها الأنثوية تدعمها في ذلك، إلا أن العلم الحديث قد دحض الكثير من تلك الأفكار. 

الحب، معانيه وأنواعه في اليونانية القديمة

الحب هو ذلك الشعور الذي يسكن أحشاء كل منا، نشرب من ترياقه جميعًا، نتلوّن لكي نناله ونموت من أجله، هذا الذي قال عنه أفلاطون “يجعلنا الحب مكتملين مرة أخرى”.

وتختلف أنواع الحب من شخص لآخر ومن وقت للثاني، ورغم أن اللغة العربية تحتوي على واحد من أثرى القواميس الخاصة بتعابير ودرجات الحبّ إلّا أن اللغة اليونانية القديمة قد عبرت عن ذلك من منظور مختلف، ونذكر من أنواع الحب في اللغة اللاتينية القديمة هنا أربعة فقط.

أغابي: الحب غير المشروط

 أغابي هي كلمة لاتينية تعبر عن نوع من الحب يتمحور على نكران الذات أو الإيثار، وبمعنى آخر الحب غير المشروط، وقد يرى البعض هذا النوع بالمتطرف الذي ليس له وجود ولذلك يُسمى بالحب الروحي.

إيروس: الحب الروماني

 إيروس في اللغة اللاتينية هو الحب الرومانسي والعاطفي والجنسي، حيث يعبر هذا النوع عن الشغف والرغبة الجنسية، وبهذا يتشابه بشكل كبير مع فكرة الحب في العصر الحديث.

فيليا: الحب الحَنون

أما عن فيليا حسب اللاتينية فهو الحب الذي ينشأ في علاقات الصداقة القوية، والذي يعتمد على الثقة والدعم والحب المتساوي بين الأفراد.

استورجي: حب العائلة

ويظهر استورجي (حسب اللاتينية)  بين الوالدين والأطفال بشكل كبير، حيث يعبر عن وجود رابطة قرابة قوية بين طرفين، ولهذا قد يمكن تطبيقه على بعض العلاقات الرومانسية التي تخلو من رغبة الجسد.

أثبت العلم الحديث أن عملية دراسة الحب صعبة للغاية، خاصة أن المشاعر ليست مادية لنتمكن من قياسها، وتقول الدكتورة دانييل فورشيه:

من الصعب أن ندرس الوقوع في الحب، بسبب الطبيعة الذاتية للتجربة، حيث تنفرد حالة كل شخص عن الأخرى بخصائص مميزة.

ولكن من المؤكد أن الرجال والنساء يختلفون في تعبيرهم عن العواطف وكذلك وصفهم لنفس الأفكار، ولكن في النهاية استطاع العلم التوصل إلى نتائج تزيل الغموض عن هذا الموضوع.

إقرأ أيضًا

على عكس المتوقع، الرجل يقع في الحب أسرع!

رسخت الثقافة العربية والموروثات الشرقية فكرة وقوع النساء في الحب بشكل أسرع، بل ودعمت السينما بأفلامها ذلك، ولكن في الواقع العكس صحيح.

حيث يقول جوناثان بينيت وديفيد بينيت، خبراء المواعدة ومؤسسي شركة Double Trust Dating، أن الدراسات الحديثة أثبتت وقوع الرجال في الحب بشكل أسرع، بل ويقومون بالتعبير عن مشاعرهم بشكل أسرع من النساء.

وحسب الدراسة فإن هذا يرجع إلى علم الأحياء، الذي يشير إلى كون النساء أكثر حذرًا عند الدخول في أي علاقة لأسباب تطورية، من حيث كون النساء يسعين لتكوين أسرة وإقامة علاقات دائمة من أجل البقاء.

في حين أن الرجال عادة ما يخسرون بنسبة أقل، وقد لا نعتبر أن هذا السبب يمكن تعميمه على كل الحالات، ولكننا يجب أن نأخذه في عين الاعتبار.

من يعترف بالحب أولاً؟

على عكس ما نعتقده، فقد كشفت الدراسة ذاتها أن العديد من الرجال يقولون ” أحبك” أولًا في علاقتهم العاطفية بالطرف الآخر، حيث أفاد الرجال المشاركين في الدراسة، أنهم قد وقعوا في الحب في وقت سابق، كانوا يعبرون ب” أحبك” في وقت أبكر مما أفادت به النساء. 

من يقول ” أنا أحبك” كثيرًا؟

فيما وجدت الأبحاث أنه بعد توطيد الثقة في العلاقة العاطفية بين الطرفين، تميل النساء إلى قول “أحبك” بشكل أكثر من الرجال، وهذا ما تؤكده عالمة النفس وخبيرة العلاقات الدكتورة دانييل فورشيه ، حسب قولها تعني تلك الكلمة الكثير بالنسبة للنساء أكثر من الرجال.

ولكن هل هناك احتمال أن يقول الرجال من تلقاء نفسهم ” أنا أحبك” لنسائهم؟

تجيب فورشيه : “ربما لا” حيث تقول أن الرجال يعرفون تمامًا أن النساء يعتبرون “أحبك” شيئًا رومانسيًا، ولهذا يقولون ما تريد نساءهم سماعه بهدف تعزيز العلاقة ليس إلا.

ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أن علم الأحياء يركز على المنظور التطوري للنساء، حيث أن النساء يقلن “أحبك” بمعنى الالتزام في العلاقة، بمعنى أن هذا يضمن لهن القدرة على الاقتران بشريك، بحيث لا يمكنهن التكاثر إلا من خلال تلك العلاقة.

الرجال ليسوا أقل حساسية 

تنتشر العديد من الصور النمطية الخاطئة في مجتمعنا حول أن الرجال لا يستطيعون التعبير عن عواطفهم، وأن النساء أكثر حساسية من الرجال، على اعتبار أن الحساسية جزء أصيل من الضعف لا القوة التي من المفترض أن يتّصف بها الرجل.

على النقيض نشرت مجلة (موخير أوي)  الإسبانية تقريرًا، وضحت فيه نوع الجنس الأكثر حساسية، كاشفة خطأ الكثير من الصور النمطية في المجتمع.

قالت المجلة أن هناك مجموعة من العواطف وهي الرقة والعطف والرحمة، تنتاب الشخص الذي لديه درجة من الحساسية، وهذا ما يساعد الشخص على التعرف على العالم المحيط من حوله.

مشجعة الرجال على التغلب على الصور النمطية التي تعوقهم من التعبير عن مشاعرهم، واعتبرت المجلة أن وصف الرجال بأنهم أقل حساسية من النساء شئ خاطئ تمامًا.

حيث أن هذا التصنيف تم بناءه على البنية الجسدية فقط دون الاهتمام بالعوامل النفسية، وهذا ما يجعل المجتمع يصف الرجل الذي يعبر عن مشاعره وحنانه تجاه الآخرين بأنه “ناعم” حيث يتم ربط إظهار الجوانب الحساسة بالمواقف الإنسانية فقط.

كما أشارت المجلة إلى أن النساء اللاتي يتهربن من إظهار حساسيتهن، في الحقيقة يهربن من جزء من أنوثتهن، مهتمات أكثر بجانب القوة الذي يتم ربطه بيولوجيًا بالرجال.

فيما شجعت المجلة الأب والزوج على إظهار مشاعرهم، مؤكدة على أن فقدان الرجال الحساسية يؤثر سلبًا على العائلة، حيث أنه في تلك الحالة لا يستطيع الأب توصيل مشاعر الحنان والحب لأبنائه مما يجعلهم يفقدون الآمان في علاقتهم.

الحب فن يجب إتقانه

هل ترغب في الحصول على حب يدوم مدى الحياة؟ هناك من يجعل علاقته تزدهر وآخر يهدمها قبل أن تبدأ؟

كل تلك الأسئلة تجعلك تتوجه إلى سؤال أكثر أهمية ألا وهو هل الحب يمكن أن يكون فنًّا يمكن تعلمه؟ هذا الذي يجعلك تحصل على حياة غنية بالحب من خلال قدراتك الخفية.

إن كلمة الوقوع في الحب ليست صحيحة، فالمحبة فعل إيجابي، والإنسان فيه ينهض ويخطو ويسير ويتعلم.

هذا ما قاله Erich Fromm في كتابه The Art Of Loving، معبرًا عن ضرورة اجتهاد كل شريك من أجل إنجاح العلاقة العاطفية.

ومن أهم ما يُمكن عمله للحصول على ثمار جيدة في العلاقة هو التعبير عن العواطف بشكل جيد، تلك المهارة التي تسمى بالذكاء العاطفي الذي يلعب دورًا أساسيًا في نجاح العلاقة أو فشلها.

ما هو الذكاء العاطفي

هو باختصار القدرة على إدراك المشاعر الشخصية وكذلك مشاعر الآخرين، وإدارتها بل والاستجابة لها والتعبير عنها بشكل صحيح، فالأشخاص الأذكياء عاطفيًا هم من لديهم القدرة على الاتصال بمشاعرهم والتعبير عنها ولا ينكرونها أو يخفونها، بل يُسخرّونها لحل المشكلات وانجاح العلاقات.

خطوات تُكسبك مهارة الذكاء العاطفي

الصداقة

الصداقة هي صمام الآمان للعلاقة العاطفية السعيدة التي تدوم إلى الأبد، حيث يعتبر الطرفان كلا منهما صديقان فانهم تلقائيًا يدعمون بعضهم البعض، ويهتمون بالتفاصيل الداخلية لعالم الآخر الصغير حيث أن هذا ما يقوم به الأصدقاء.

التواصل الفعّال

الشريكين الحريصين على تطوير مهارة  الذكاء العاطفي بينهما، يعملان على ممارسة التواصل الجيد حيث يُصبح باستطعاتهما توصيل أفكارهم للطرف الآخر بسهولة، ولا يجدون ضيق في التعبير عن احتياجاتهم العاطفية ومشاعرهم بشكل جيد خاصة من الرجال.

كما أنك لا تجدهم كثيري اللوم والانتقاد والحدة في النقاش فيقبلون الآخر بكافة تفاصيله.

إدارة الصراع

أثبتت الكثير من البحوث التي تم إجراؤها على الأزواج، أن الثلاث دقائق الأولى في النقاش هي التي تحدد نتائجه، فإذا بدأ النقاش بشكل قاسي فإنه يستمر على ذلك النحو.

ولكن الأزواج الأذكياء عاطفيًا يستطيعون إدارة الخلافات بشكل فعّال، مع إدراك وجهة نظر الطرف الآخر والرؤية من منظوره.

الاحترام العميق

قد نجد في مجتمعنا الشرقي قلة مفهوم الاحترام بين الزوجين خاصة من جانب الطرف الأقوى ناحية الأضعف، ولكن الزوجين الذين يتصفان بالذكاء العاطفي يستطيعان التعبير عن مشاعر الإعجاب تجاه بعضهم البعض، بل ويقدّران احتياجات الشريك الآخر وصفاته وانجازاته ويثبتان ذلك معنويًا ولفظيًا.

الحدود الصحية

هي مهارة يفتقر إليها الكثيرون، حيث يتركون أي مصدر خارجي يؤثر على علاقتهم، ولكن في الواقع الصحي للعلاقة العاطفية السليمة يجعل الطرفين يتعاملون بحدود صحية عند إقامة علاقات أخرى.

فهم يتعاملون مع العالم الخارجي من خلال نافذة زجاجية من الوضوح والصدق بحيث تمنع أي قوى خارجية قد تفصل العلاقة أو تُمارس تحدّي ضدها.

يجب أن نُدرك أن المحبة هي نور الحياة، ومن يرغب في الإبقاء على علاقة حميدة مع شريكه ليس عليه سوى الحب بطريقة صادقة وصحيّة، والعمل على روي زرعة الحب بالالتزام والسهر على نمائها، وعلى حسب تعبير هنري ديفد ثورو “لا يوجد علاج للحب سوى الحب أكثر”.

شارك الموضوع
دينا الألفي

صحفية وكاتبة محتوى حر، مهتمة بالقراءة في جميع المجالات، ولكني أهتم بالأدب بشكل خاص، عملت بالكتابة لأكثر من ست سنوات، اغتنيت بأرشيف متنوع.