تمثل الألعاب البارالمبية حدثًا رياضيًا عالميًا خاص بالرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويضاهي في أهميته دورة الألعاب الأولمبية. ويتنافس فيه المشاركون من مختلف أنحاء العالم في مجموعة متنوعة من الرياضات. لقد تأسست هذه الألعاب بهدف إتاحة الفرصة للأشخاص ذوي الإعاقات لإظهار قدراتهم، وتحقيق إنجازات رياضية على المستوى الدولي.
وتأتي دورة باريس هذا العام لتتيح المشاركة في مجموعة متنوعة من الرياضات المصنفة وفقًا لنوع ودرجة الإعاقة، وتأثيرها في الأداء. مثل تصنيف SM11 للرياضيين الذين يعانون من فقدان كامل للبصر. ويعد هذا التصنيف ضروريًا لضمان تكافؤ الفرص بين المتنافسين، وتعزير قيم المساواة والشمولية ضمن هذه الفئة من الرياضيين والرياضيات.
تاريخ تأسيس الألعاب البارالمبية
تعود جذور الألعاب البارالمبية إلى عام 1948. عندما أقيمت أول مسابقة رياضية للأشخاص ذوي الإعاقات الحركية في مستشفى “ستوك ماندفيل” بلندن، بتنظيم من الطبيب لودفيغ غوتسمان. كانت هذه المسابقة بمثابة البذرة الأولى للألعاب البارالمبية الحديثة. وفي عام 1960، شهدت روما أول دورة ألعاب رسمية، حيث اجتمع 400 رياضي من 23 دولة للمشاركة في 8 رياضات.
منذ ذلك الحين، أصبحت هذه الألعاب جزءًا أساسيًا من الأحداث الرياضية العالمية. حيث تقام بالتزامن مع الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية كل 4 سنوات. وتطورت هذه الألعاب بسرعة لتصبح حدثًا ضخمًا يجذب ملايين المتابعين من حول العالم. على سبيل المثال، شارك في دورة ريو 2016 البارالمبية 4328 رياضيًا من 159 دولة، وسجلت رقمًا قياسيًا في عدد المشاهدين الذي بلغ 4.1 مليار شخص. أما خلال دورة باريس الحالية، فقد بلغ عدد المشاركين 4,463 من 170 بلدًا يتنافسون في 22 نوعًا من الرياضات.
أنواع الرياضات المشاركة
تشمل الألعاب البارالمبية مجموعة واسعة من الرياضات التي تم تعديلها لتناسب قدرات المشاركين ذوي الإعاقات المختلفة. ومن بين الرياضات الأكثر شعبية، نجد الآتي:
- كرة السلة على الكراسي المتحركة.
- السباحة.
- ألعاب القوى.
- ركوب الدراجات.
إضافة إلى رياضات أخرى، كسباق الزوارق، والفروسية، ورفع الأثقال، والبارا جودو، والتجذيف. وتمثل كل رياضة فرصة للرياضيين لإظهار مهاراتهم في بيئة تنافسية عادلة. والجدير بالذكر أنه يتم تصنيف الرياضيين وفقًا لنوع الإعاقة وشدتها لضمان التنافس المتكافئ من خلال نظام تنقيط من 1 إلى 4.5. على سبيل المثال، في السباحة البارالمبية، يتنافس الرياضيون الذين يعانون من إعاقات مختلفة في فئات مصممة خصيصًا لهم وفقًا لتأثير إعاقتهم في أدائهم. ما يتيح لكل فردٍ فرصة التميز.
الألعاب البارالمبية من أجل المساواة والشمولية
تؤدي الألعاب البارالمبية دورًا حيويًا في تعزيز روحي المساواة والشمولية في المجتمع. فهي ليست مجرد منافسة رياضية، بل هي منصة للتوعية بأهمية دعم الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم في المشاركة الكاملة في جميع جوانب الحياة. فمن خلال هذه الألعاب، تكسر الصور النمطية السلبية عن ذوي الاحتياجات الخاصة. وتشجع المجتمعات على تعزيز قيم التقدير والتنوع.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم الألعاب البارالمبية في تعزيز الصحة البدنية والنفسية للرياضيين، وتشجعهم على تجاوز التحديات والقيود التي يواجهونها.
وكمثال على التأثير الإيجابي الذي يمكن أن تحدثه مثل هذه الفعاليات في نفسيات الرياضيين والرياضيات هو الاهتمام الكبير بالبنية التحتية لدعم الرياضيين في ريو 2016. حيث استثمرت المدينة آنذاك في تطوير منشآت رياضية ومرافق عامة لتكون متاحة لجميع الأفراد، بغض النظر عن قدراتهم الجسدية. كما تم إنشاء مركز تدريب بارالمبي عالمي في ساو باولو ليكون نقطة ارتكاز للرياضيين من جميع أنحاء العالم.
الألعاب البارالمبية في باريس
تعد دورة الألعاب البارالمبية 2024 في باريس حدثًا رياضيًا مميزًا، حيث يتنافس الرياضيون ذوو الاحتياجات الخاصة في مجموعة متنوعة من الرياضات المصنفة وفقًا لنوع ودرجة الإعاقة. وبالتالي، تهدف هذه التصنيفات التي تحمل اختصارات مثل WH1، SM11، وT13، إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين الرياضيين من نفس الفئة الوظيفية.
ومن بين الرياضات البارالمبية البارزة هذا العام؛ كرة السلة على الكراسي المتحركة، حيث يتم تصنيف اللاعبين وفقًا لنظام تنقيط يعتمد على مستوى الإعاقة، ما يضمن توازن الفرق في المباريات. إلى جانب رياضة البوتشي، التي تتطلب دقة عالية، وتمارس فقط في الألعاب البارالمبية. وتضم تصنيفات من BC1 إلى BC4، حيث يتراوح اللاعبون بين مستقلين تمامًا، وآخرين بحاجة إلى المساعدة.
أما رياضات مثل كرة القدم للمكفوفين والمبارزة على الكراسي المتحركة، تخصص لفئات محددة من الرياضيين وفقًا لنوع الإعاقة. وتضم تصنيفات دقيقة تضمن المنافسة العادلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن ألعاب القوى البارالمبية، ورياضة الفروسية، والسباحة البارالمبية تصنف اللاعبين بناءً على مجموعة من العوامل مثل ضعف البصر، الإعاقات الجسدية، والقدرات الذهنية.
كما تتضمن الدورة أيضًا رياضات مثل التنس وتنس الطاولة على الكراسي المتحركة، الرماية، ورفع الأثقال، حيث يتم تصنيف اللاعبين وفقًا لإعاقتهم ما يسهل تنظيم المنافسات ويضمن تكافؤ الفرص. هذه التصنيفات المتعددة تبرز الإصرار على ضمان مشاركة الرياضيين في منافسات تعكس قدراتهم بشكل عادل.
قد يروق لك أيضًا: عزيزة نايت سي بها تُطلق تاجة سبورت
وكخلاصة، يمكن القول إن الأمل الذي تبثه الألعاب البارالمبية في نفوس الأشخاص في وضعية إعاقة في أنحاء العالم دليل على نبل الرسالة التي يبعثها المنظمون كل 4 سنوات من خلال توفير منصة عالمية للتنافس العادل، وتعزيز قيم المساواة والشمولية في المجتمعات.