بعد عودتها القوية إلى المنافسات الأولمبية، أثبتت سيمون بايلز للجميع تميزها كأفضل لاعبة جمباز على مستوى العالم. حيث ارتفعت بين مترين و3 أمتار، في أول قفزة لها في دورة الألعاب الأولمبية بباريس 2024. والتفتت، ثم نزلت على قدميها بابتسامةٍ عريضة أمام تصفيقات الجمهور. أكسبها هذا الأداء الرائع الميدالية الذهبية. وأكّد على مكانتها كرمزٍ للتفوق والصمود في عالم الرياضة النسائية.
فعندما تحلق سيمون في الهواء، تتعالى تصفيقات الجمهور الحاضر، وتحفها أعين مواطنيها الفخورين بما تحققه أيقونة الجمباز الأميركي. فها هي مازالت تثبت أنها بالفعل لاعبة لا تُضاهى في إبداعها الرياضي. حيث حققت إلى حدود الساعة الميدالية السابعة لها في الألعاب الأولمبية. ما يرفع رصيدها إلى 39 ميدالية في مسيرتها الرياضية بين الألعاب الأولمبية وبطولة العالم. معززةً بذلك رقمها القياسي باعتبارها لاعبة الجمباز الأكثر تحصيلاً للميداليات في التاريخ.
من هي سايمون بايلز، ملهمة وفخر الأميركيين؟
وراء تألق سيمون بايلز على منصات التتويج تكمن قصة ملهمة مليئة بالصعوبات والتحديات. إذ واجهت في طفولتها، ظروفًا صعبة عندما لم تتمكن والدتها من رعايتها وشقيقيها بسبب مشكلة إدمانها المخدرات. ما أدى إلى عيشها في كنف جديها بعد أن حصلا على حق التبني والرعاية لها ولأخويها. ولم تكن تلك الصعوبات في الطفولة سوى بداية لتحديات أكبر كانت تنتظرها في حياتها المهنية والشخصية.
الصراع مع الاكتئاب ورحلة التعافي النفسي
لم تشتهر بايلز بقصص نجاحها والميداليات التي أحرزتها في رياضة الجمباز في مختلف المحافل الدولية فحسب، بل باتت تعرف أيضًا بفشلها الذريع الذي تلقت انتقادات لاذعة بسببه. ففي دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو 2021، كانت بايلز تخطّط لمزيدٍ من التألق والميداليات الذهبية بعد نجاحها الباهر في ريو 2016. لكن في منتصف إحدى قفزاتها، فقدت تركيزها بشكل مفاجئ، فقررت الانسحاب من نهائي المسابقة الجماعية بسبب أزمتها النفسية. قرارٌ عانت بسببه الكثير نظرًا لوصفها بالأنانية من طرف العديد من معجبيها وبعض الإعلاميين والمؤثرين. لكن بالنسبة لها، كان قرارًا صائبًا مكّنها من الانسحاب من المنافسات لمدة عامين للتعافي والحصول على العلاج النفسي. ولقد صرحت في وقت لاحق: “ربما شعرت بأنني سأدخل في حالة اكتئاب، لكن كان هناك جزء مني يمنعني من تصديق ذلك”. وتتحدث للصحافة دائمًا عن أهمية الرعاية النفسية لأنها مكنتها من العودة إلى صالة الألعاب الرياضية. بعد أن كانت تعتقد أن مسيرتها الرياضية انتهت في أولمبياد طوكيو.
حادث الاعتداء الجنسي الذي تعرضت له سيمون بايلز
على الرغم من الصعوبات النفسية الهائلة التي واجهتها، عادت سيمون بايلز إلى ساحة الجمباز العالمية، وأثبتت أنها قادرة على التغلب على كل الصعاب. بما فيها الاعتداء الجنسي الذي كانت قد تعرضت له من قبل طبيب الفريق السابق لاري نصار حسب ما صرحت به لصحيفة نيويورك ماغازين، مؤكدة أن الحادث يعتبر تجربة مؤلمة أثرت في حياتها المهنية. إذ قالت: “عندما أفكر في ما مررت به خلال السنوات السبع الماضية، أجد أنه لم يكن من المفترض أن أعود إلى الفريق الأولمبي، كان يجب أن أعتزل قبل فترة طويلة من المشاركة في طوكيو”. ورغم كل ذلك، قررت بايلز أن تستمر في مسيرتها الرياضية. ولم تسمح لهذه المحنة بأن تثبط عزيمتها.
كيف دعمها نجوم هوليوود؟
لم يكن أداء سيمون بايلز المذهل في أولمبياد باريس محل إعجاب الجمهور العادي فحسب، بل اجتذب أيضًا اهتمام نجوم هوليوود الذين حضروا لمشاهدتها وتشجيعها. من بينهم؛ النجم توم كروز، وسنوب دوغ، وليدي غاغا، وأريانا غراندي، الذين حضروا إلى المدرجات لمتابعة أداء بايلز وتشجيعها. كما أعرب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن إعجابه الكبير بأدائها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واصفًا إياها بأعظم لاعبة على مر العصور.
عرض نيتفليكس: الجانب الآخر من حياة سيمون بايلز
إلى جانب تألقها في المنافسات الرياضية، استحوذت سيمون بايلز على اهتمام الجمهور من خلال برنامجها الوثائقي على نيتفليكس. يقدم هذا البرنامج نظرة متعمقة على حياتها الشخصية والمهنية. ويسلط الضوء على تحدياتها وإنجازاتها داخل وخارج صالة الجمباز. إذ يعرض هذا البرنامج الوثائقي قصة حياتها المؤثرة، ما يبرز جوانب جديدة من شخصيتها ويزيد من تقدير الجمهور لها.
وختامًا، تظل سيمون بايلز رمزًا للتفوق والصمود في عالم الرياضة عمومًا، والرياضة النسوية على وجه الخصوص. إذ أثبتت قدرتها على التغلب على المحن والتحديات الشخصية والمهنية. إن إنجازاتها المذهلة في أولمبياد باريس 2024 وأداءها الرائع يشهدان على إصرارها وعزيمتها التي لا تُقهر. وسواء في المنافسات الرياضية أو من خلال قصتها التي تُعرض في البرنامج الوثائقي على نيتفليكس، تستمر بايلز في إلهام ملايين الفتيات الصغيرات والنساء حول العالم. مؤكدةً أن الإرادة الصلبة والشجاعة والمثابرة يمكنهم تحقيق المستحيل.