أمومة وتربية

الطلاق بطريقة حضارية هو المنقذ لأطفالك

الطلاق بطريقة حضارية هو المنقذ لأطفالك
شارك الموضوع

تأثير الطلاق على الأطفال قد يكون له عواقب وخيمة على المدى البعيد.

الأسرة عبارة عن بنية متكاملة من العلاقات الحيوية بين الآباء والأبناء ببعضهم، وحدوث أي خلل داخلها قد يؤثر بالدرجة الأولى على الأطفال.

لك أن تتخيل معي أن يكون هذا الخلل هو انفصال عمودي الأسرة وهما الوالدين، قد يكون لهذا تأثير سلبي ومؤلم للغاية على الصحة النفسية للأطفال في حالة عدم إدارة هذا الخلل ومحاولة تخفيفه من قبل الأبوين معًا.

في دراسة أجريت في بريطانيا لقياس مدى تأثير الطلاق، على مجموعة من الأطفال الذين يعيشون محنة طلاق الوالدين وتمت متابعتهم لمدة سنتين.

وجدوا حدوث تدني في تحصيلهم الدراسي، وظهور سلوكيات غير سوية وعدوانية متزايدة، توصلت هذه الدراسة إلى حاجة هؤلاء الأطفال لمساعدة نفسية كبيرة لتخطي الأمر.

كيف يمكن لأطفال أن يتحملوا كل هذا العبء والشعور بالنقص والثقة؟

هل سيكون من السهل عليهم تخطي هذه المشاعر السلبية عند رؤية أطفال في أعمارهم يعيشون حياة طبيعية مع آبائهم، يخرجون ويلعبون، يتلقون الدعم منهم!!

الآثار السلبية على نفسية الأطفال بسبب الطلاق

إما أن تكون هذه الآثار قصيرة أو طويلة المدى وهي بالطبع تعرقل النمو النفسي والفسيولوجي للطفل.

مصاحب لحالة من الاضطراب العاطفي لجميع أفراد الأسرة، ولكن بالنسبة للأطفال يكون الأمر مربكًا ومحبطًا للغاية.

مشاكل سلوكية واجتماعية

تشير الدراسات إلى أن معظم الأطفال الذين تعرضت عائلاتهم للطلاق اكتسبوا صفات عدوانية تجاه زملائهم أو المجتمع إضافة إلى ارتفاع مستويات العصيان لديهم بدرجات متفاوتة مما تجعل الطفل معزول ومنبوذ اجتماعيًا.

فالطفل في هذه الحالة يكون أكثر عرضة للإصابة بسلوكيات عنيفة ومعادية للمجتمع. فقد يتراكم الغضب بداخله ويحاول إفراغه فيما حوله من ناس أو أشياء. 

على المدى الطويل قد يؤدي ذلك إلى تطوير عقلية إجرامية، خاصة خلال سنوات المراهقة نظرًا لما تحتاجه هذه المرحلة الحرجة في عمر الطفل من اهتمام واحتواء ومراقبة شديدة لسلوكياته.

وهو ما قد يفتقده الأطفال في حالة طلاق الوالدين.

ضعف التحصيل الدراسي

الطلاق وخاصة ذاك الذي تتخله المشاكل والنزاعات بين الطرفين، يمكن أن يؤثر بشكل كبير وسلبي على نفسية الأطفال وتركيزهم فيعيق قدرتهم على التعلم في المدرسة. 

على المدى البعيد، تعثر في التعلم والتحصيل الدراسي يعيق الآفاق المهنية للطفل كشخص بالغ، مما يجعل من الصعب الحصول على وضع اجتماعي واقتصادي لائق به في المستقبل.

مشاكل في العلاقات الشخصية

فشل علاقة الوالدين وهما المثل الأعلى بالنسبة للطفل قد ترسخ فيه بعض الحقائق والمعتقدات الخاطئة عن العلاقات الشخصية بشكل عام.

فيراودهم شكوك حول الحب والانسجام في العلاقة، مصاحب لمشكلات كبيرة تتعلق بالثقة ويجدون صعوبة في حل النزاعات في العلاقة.  فالأطفال في هذه الحالة يكبرون بعقلية سلبية بشأن العلاقات وتكوينها.

مشاكل نفسية وعقلية محتملة

وفقًا للأكاديمية الأمريكية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، فإن العديد من الأطفال يعتبرون أنفسهم السبب وراء طلاق والديهم.

يمكن أن يؤدي ذلك إلى إجهاد هائل وضغط على عقل الطفل، فيتولّد لديهم مجموعة من الأفكار السلبية والحزن المستمر والاكتئاب واضطراب التكيف مع المجتمع.

الاتجاه لسلوكيات خطرة

تصرفات المراهقين في الغالب تتسم بالمخاطرة والميل لتجربة ما هو غير مألوف أما في حالة المراهقين ذوو والدين مطلقين، فهم أكثر عرضة للانخراط في سلوك محفوف بالمخاطر، مثل تعاطي المخدرات والكحول والنشاط الجنسي المبكر لأنهم قد يحاولون بذلك التعويض عن نقص الحنان أو اللحظات الدافئة في حضن الأبوين.

كما قد يلجأون لهذه السلوكيات المنحرفة كوسيلة للتنفيس عن قلقهم وإحباطهم.

إقرأ أيضًا

كيف يمكن للآباء تخفيف تأثير الطلاق على الأطفال

ربما يكون أفضل طريقة لمنع الطفل من المعاناة هي حل النزاع والعودة معًا كعائلة سعيدة.

ولأننا نعرف أن الواقع صعب وبقاء الزوجين معًا هو مستحيل أحيانًا وقد يكون إخراج أحد الطرفين من الحياة اليومية للصغار هو الأفضل لمصلحتهم وصحتهم النفسية، فيكون في بعض الحالات انفصال الطرفين تمامًا أفضل بكثير من النزاعات والصراع الدائم بينهما.

كل ما يجب معرفته هو الطريقة المثلى في التعامل مع الأطفال بعد الطلاق حتى لا يقعوا ضحية لفشل هذه العلاقة.

تسوية الخلافات بشكل حضاري

الطفل يجب أن ينعم بطفولة طبيعية، حتى لو كان الوالدين لا يعيشان معًا، فالأمر ليس بالمستحيل فقط يعتمد على تفهم ورقي الآباء ومدى وعيهم بهذا الأمر.

فلا يجب أن تقيد أو تمنع الطفل من مقابلة الطرف الآخر. الطفل لديه كامل الحق الوصول إلى كلا الوالدين. 

لا يجب أن يشعر الطفل أنه عالق في المنتصف بين جبهتين متناحرتين، كلا منها تحاول النصر بأي وسيلة أو ثمن… فالأطفال في هذه الحالة يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق.

الحفاظ على روتين طبيعي للحياة

لا تدع الطلاق ونزاعاته يفسد روتين وسكينة أطفالك وخاصة الأطفال الرضع ومرحلة ما قبل المدرسة فهم يحتاجون قدر أكبر من الاهتمام والرعاية الصحية كالرضاعة المنتظمة والاستحمام والنوم بشكل كافي.

لا يجب أن يشعر الطفل بأي خلل أو تقصير في روتينه المعتاد عليه قبل مرحلة الطلاق، فالجوهر هنا هو إحساس الطفل بالحياة الطبيعية.

مراقبة وتتبع الأنماط السلوكية للمراهقين

مخاطر هذه المرحلة وارتباطها بالسلوكيات الخطرة كالإدمان والجنس المبكر جعلت المهمة أكبر على الآباء.

فيجب أن يولي الآباء اهتمامًا وثيقًا لما يفعله المراهقون وفيما يقضون وقتهم واهتمامهم وكذلك وضعهم الدراسي والأكاديمي.

تمكين الأطفال ومساعدتهم على التكيف

يجب ألا يشك الأطفال في قدرتهم على التعامل مع التغييرات أو أنهم المسئولون عن هذه النتائج وفشل العائلة حتى لا ينتهي بهم المطاف ضحايا عاجزين أمام تغيرات الحياة القاسية وبالتالي يكونون عرضة لمشاكل صحية وعقلية كبيرة. 

علم طفلك أنه يمتلك القدرة الكافية على التأقلم والتعامل مع الوضع والتغيرات الحاصلة بعد الطلاق.

الحفاظ على علاقة جيدة ومحايدة بين الطرفين

خلق علاقة جيدة وحضارية بين الطرفين بعد الطلاق أمر ضروري للغاية، أعلم أن الأمر ليس بهذه السهولة خاصة في مجتمعنا الشرقي حيث تشتد الخلافات بعد الطلاق أكثر من قبله.

ولكن في حالة وصولك للنصيحة الأخيرة فأنت بالفعل تفكر في مصلحة أطفالك النفسية والعقلية وستحاول التفكير في الأمر.

قد يساعد التواصل الإيجابي ودفء الوالدين وانخفاض مستويات الصراع على تكيف الأطفال مع وضع الطلاق بشكل أفضل، وكذلك تنمية احترام الذات وتحسين الأداء الأكاديمي .

الحصول على المساعدة

إذا شعرت بانعدام الخبرة وبصعوبة في مساعدة الأطفال على التكيف والتعامل معهم خلال هذه المرحلة الجديدة فهناك العديد من البرامج التي قد تجدها متاحة في بلدك للمساعدة في تقليل تأثير الطلاق على الأطفال. 

حيث يتم تعليم الآباء مهارات واستراتيجيات الأبوة والأمومة المشتركة لمساعدة الأطفال على التعامل مع هذه التغيرات.

لمساعدة أطفالك يجب أن تكون صحتك النفسية متوازنة لذلك بعد قرار الطلاق يفضل اللجوء لمتخصص نفسي محترف ليساعدك على التكيف مع الوضع الجديد وتقليل مستوى التوتر لديك.

قرار الطلاق ليس بالأمر السهل على الآباء أو حتى الأطفال ولكن ما نشاهده حولنا كل يوم من تشتت وضرر على الأطفال جعلنا نفكر في أن نساهم ولو بشكل بسيط في حل الأمر.

تذكر هذا دائمًا، لا يجب أن يكون الطلاق عائقًا أمام نمو الأطفال وصحتهم النفسية.

المراجـع:
The Psychological Effects of Divorce on Children
Mothers and their children after divorce

شارك الموضوع
هاجر سويفي

كاتبة ومدونة.