حياة

بين الغزل والتحرّش خط رفيع وارتباك في المفاهيم

بين الغزل والتحرّش خط رفيع وارتباك في المفاهيم
شارك الموضوع

في أماكن العمل والدراسة أو حتى التجمّعات العائلية قد نتعرّض لبعض المواقف المزعجة التي قد نختلف في تصنيفها.

قد تراها أنت تحرّش صريح بينما البعض يتّهمك بالمبالغة في الأمر، هل من المقبول الثناء على زميل لك في العمل لما يرتديه؟ هل عناق التهنئة مقبول؟

هل التعليقات حول العمر أو الجنس مسموح بها؟ متى تصبح المجاملة تحرّشًا جنسيًا؟

الاختلاف بين الغزل والتحرّش يكمن في الدافع

في بعض الأحيان يصعب وصف التحرّش بأنه مجاملات فحسب، الفرق الرئيسي بين الاثنين هو الدافع.

في العادة عندما نمدح شخصًا ما، فإن الدافع الأساسي هو جعل الشخص يشعر بالرضا والتقدير وهذا ما يساعد في إقامة علاقة وبناء الثقة بين الطرفين.

من ناحية أخرى فالتحرّش له دافع أساسي للسيطرة والترهيب وانتهاك حدود الشخص، يمكن أن يجعل الشخص يشعر بعدم الارتياح بالإضافة إلى الإهانة والتخويف.

غالبًا ما تكون معرفة الدافع خلف المواقف التي نتعرض لها غير واضحة 100%، لذلك سأعرض عليك بعض السيناريوهات التي قد تشرح لك الفرق بين الغزل المحبب والتحرّش الصريح.

السيناريو الأول

موقف بين مدير وموظفة جديدة بالعمل بخصوص أدائها خلال الشهر السابق.

الإطراء: لقد فاق أداءك خلال الشهر الماضي توقعّاتي، وكان هناك تحسّن كبير منذ انضمامك، إنني أتطلّع إلى مناقشة هذا الأمر معك في تقييم الأداء الأسبوع المقبل.

التحرّش: ما رأيك في الذهاب لتناول العشاء بعد العمل لمناقشة أدائك خلال الشهر الماضي، لقد قمت بعمل جيد وأعتقد أننا يجب أن نحتفل، أتمنى أن تفهمي ما أعنيه؟

السيناريو الثاني

موظف لزميلته في العمل بعد حصولها على مشروع كبير.

الإطراء: نحن جميعًا فخورون حقًا بك، فقد أصبحت وجهة لشركتنا، فلديك طريقة ذكية في التواصل والتفاوض من أجل الفوز بالمشاريع الكبرى.

التحرّش: منذ أن وضعنا وجهك الجميل هذا في المقدمة ساعدنا في الفوز بالعديد من المشاريع، فالعملاء في الغالب يريدون التعامل مع الجميلات.

عند التفكير في هذه السيناريوهات يجب مراعاة أن الكلمات ليست دائمًا ما توضح الدافع، تساهم لغة الجسد ونبرة الصوت أيضًا بشكل كبير في ما يتلقاه الآخرون ويفهمونه.

النسوية وارتباك المفاهيم

لقد غيّرت النسوية وجهات النظر السائدة في مجموعة واسعة من المجالات داخل المجتمع الغربي.

بدءًا من الثقافة إلى القانون، قامت الناشطات النسويات بحملات من أجل الحقوق القانونية للمرأة كحقوق التعاقد، وحقوق الملكية، حقوق التصويت وكذلك حق المرأة في السلامة الجسدية والاستقلالية.

وسعت النسوية لحماية النساء والفتيات من العنف المنزلي والتحرّش الجنسي والاغتصاب وكذلك حقوقها في مكان العمل.

وسط الارتفاع الأخير المثير والمطلوب للنشاط النسوي في الوطن العربي، يبدو أن ارتباكًا طفيفًا قد تسلل حول فكرة مكافحة التحرّش الجنسي. 

مع إدانة التحرّش الجنسي والسلوك التمييزي، فإن المجاملات حسنة النية والمغازلة المقبولة بين الجنسين سوف تُفهم على أنها تحرّش.

النسوية ببساطة هي الرغبة في معاملة الجميع على قدم المساواة بغض النظر عن جنسهم.

لا داعي للتعقيد ولا يوجد أي جزء من هذا التعريف يضرّ أو يمنع المغازلة، أو إخبار شخص ما أنه يبدو لطيفًا اليوم.

ما نعنيه بشكل أعمق هو أنه لا ينبغي أن تخاف النساء من مواجهة عبارات المدح أو الغزل سوى في حال كانت بطريقة عدوانية أو مثيرة للريبة أو القلق وعدم الارتياح على نحو غير اعتيادي، وكل أنثى تستشعر ذلك بحدسها القوي.

جامل أو غـازل بذكاء!

المجاملة ومدح الآخرين في الغالب يكون إشادة شخصية وتصرف يدل على الكياسة والاحترام للشخص الآخر. وعند التطرق لمدح الرجل للمرأة أحيانًا ما يساء فهمه.

فمدح الرجل للمرأة مثلا بإخبارها أنها ترتدي فستان جميل أو طلتها اليوم مشرقة، لا يعني بالضرورة أنه ينظر لها بطريقة جنسية. طالما لا يوجد أي تاريخ للإيحاءات الجنسية أو المضايقة من قبل هذا الشخص.

بكل بساطة عليك تقبل الإطراء كما هو عليه كتعبير مهذب أو الإعجاب بالفستان الذي ترتدينه.

إننا ندرك مدى أهمية المدح والتحيات المهذبة وإقامة علاقات ودية بين الجنسين سواء في بيئة العمل أو في أي موقف آخر، سأقترح عليك عزيزي الرجل بعض المبادئ التي من شأنها مساعدتك في خلق إطراء خالي من أي مخاطر ليحميك من إساءة الفهم.

تأكد من وجود علاقة محترمة وواضحة مع الطرف الآخر، أي أنكما تعرفان بعضكما البعض منذ فترة كافية وتفهمان مساحة كلا منكم و احتياجاته العاطفية، أما إذا كانت معرفتك بالطرف الآخر ليست واضحة ومدتها قصيرة وتخشى أن يساء فهمك فعليك الامتناع عن هذا.

إقرأ أيضًا

يفضل عدم المبالغة في تكرار المدح أو المجاملة خاصة لنفس الشخص حتى لا تثير الشكوك داخل الطرف الآخر فغالبًا ما يتم تصنيفها على أنها مضايقة.

فيجب أن يكون المدح تصرف مهذب ويتخلله تقدير لمجهودات الطرف الآخر، فمثلا عند إتمام مهمة كبيرة أو عمل متميز قام به.

يجب أن تكون مباشرًا ومحددًا في إطراءك دون أي إشارة جنسية على الإطلاق، يمكنك الاكتفاء بمدح سماتها الشخصية التي تساعدها على الإنجاز، أو فستانها الجديد أو الإعجاب بشيء ما، دون التطرق في تأثير هذه السمة أو الزي عليك أبدًا.

أعلم أن الأمر قد يكون مزعج ومرهق نفسيًا، أن نبحث دائمًا وندقق في نوايا الآخرين وفي أفعالنا.

فهو شيء لم نكن نعتاده سابقًا، كانت المجاملات و حتى الغزل أمر بسيط وسهل لمدح الناس وعادة ما ننتظره ممن حولنا، الآن يجب أن نكون يقظين في نوايانا وأفعالنا لفعل الأشياء الصحيحة في سياقها الصحيح.

شارك الموضوع
هاجر سويفي

كاتبة ومدونة.