قضايا المرأة

المهبل… لعبة الموروث القَذِرة لتحطيم كيان المرأة!

المهبل… لعبة الموروث القَذِرة لتحطيم كيان المرأة!
شارك الموضوع

يُغذّي هوس المجتمع تصورات الآخرين عن أجسادنا.

وإذا تصورنا كل الضغوط اليومية التي تتعرض لها المرأة، سيسهل علينا فهم الحواجز الخرسانية التي تصنعها المرأة حول نفسها، إذا ما حاول آخرون اقتحام أسوار حريتها ومساحتها الخصوصية!

ولن تستغرق الكثير من الوقت، لتدرك هذه النظرة الوضيعة لجسد المرأة، والتي تبدأ من جعل فرجها أداة لتبادل السُّباب والشّتائم بين الرجال، ولا تنتهي عند إدانتها بأفظع وأقسى الألفاظ، إذا ما ظهر منها جزءًا من جسدها!

مغالطة جسد المرأة المثالي

أدّى التحول التاريخي من الستينيات من تفضيل الجسم السمين إلى النحيف، إلى ظهور عارضات أزياء مثل: البريطانية ليزلي لوسون، المعروفة باسم Twiggy، وكان ذلك بالتزامن مع “الموجة الثانية” من حركة حقوق المرأة.

ورغم ذلك يمكنني القول أن الفكرة القائلة بأن المرأة أصبحت فجأة متحررة في شعورها تجاه جسدها من قبل بداية الألفية هي مغالطة كبرى!

وعلى الرغم من عدم ذيوع وسائل الإعلام بالشكل المتعارف عليه الآن، إلا أنه من السبعينيات وحتى اليوم، هناك انطباع مجتمعي عام ينصح المرأة بألا يظهر جسدها إلا في صورة أنيقة بدون أية عيوب!

وإذا نظرنا إلى واقعنا المعاصر من بعد الألفية، سنجد أن وسائل التواصل الاجتماعي كان لها الدور الأكبر في شيطنة النظرة لجسد المرأة وتغذية مشاعر الخوف لدى أعداد متزايدة من النساء اللاتي أصبحن يخجلن من شكل أجسادهن!

ومما يدل على ذلك، دراسة استقصائية لمؤسسة Common Sense Media، أكدت على أن أكثر من ربع المراهقات عبر الإنترنت يتملكهن مشاعر متضاربة حول نشر صور عادية لأجسادهن!

حين يتم وصم مهبل المرأة كأنه من مرادفات الفضيحة!

في العصور القديمة، تم إطلاق عدة ألقاب على مهبل المرأة للهروب من التصريح باسمه كأنه سُبّة، أو شيئًا مشينًا، كيلا نقول صراحةً “مهبل”!

وليس بمستغرب أن الكثير من هذه المصطلحات، كانت مُصاحبة بإهانة المرأة، إلى جانب مصطلحات منحطّة أخرى لن يروق لأحد سماعها.

وحتى وقت طويل من تاريخ البشرية، كان المهبل إلى حد بعيد، موضوعًا محظورًا وشيئًا لا يمكن مناقشته علانية. وفي الواقع، لم يكن هناك مصطلح طبي لمهبل المرأة حتى عام 1680، وقبل ذلك، كانت الكلمة اللاتينية المُعبّرة عنه تشير إلى بما معناه – “غمد السيف”.

لذلك لا تتفاجأ عندما أخبرك، أنه كان يُنظر إلى المهبل والأجزاء التناسلية الأنثوية الأخرى لفترة طويلة على أنها أجزاء تشريحية غامضة. تقول كريستين لابوسكي، وهي ممرضة سابقة تخصصت في أمراض النساء، وهي مؤلفة كتاب It Hurts Down There، وهو كتاب عن ألم الفرج:

حتى اليوم، نميل إلى أن نكون غامضين بشأن المهبل!

وهناك حلقة من السلسة الشهيرة Sex and the City، حيث تكشف فيها شارلوت – إحدى الشخصيات الأربع -، أنها لم تنظر إلى مهبلها مطلقًا.

وقد تركت هذه العبارة انطباعًات متناقضة لدى الكثيرات اللاتي شاهدن الحلقة.

وإذا طالعت بعض المدوّنات الأجنبية في ذلك الشأن، ستجد عددًا من الفتيات اللاتي ذكرن تجاربهن السابقة في اكتشاف المهبل، واحدة منهن أغلقت عليها باب الحمام، وأسندت إحدى رجليها على المرحاض، لتكتشف بنفسها ذلك الجزء من جسدها مثار اهتمام المجتمع!

وذكر عدد من هؤلاء أنهن تفاجأن بشكل المهبل في المرة الأولى ومن حوله الشعر الداكن النابت بغزارة أحيانًا كأنها عانة كثيفة لشاب!

مما غذّى فيهن أفكار المجتمع السلبية السابقة، وكان ذلك سبب لمزيد من الارتباك والاضطراب الناجم عن ضعف التربية الجنسية!

حب الجسد مرادف لحب الذات

تنشأ الفتاة العربية على مجموعة من العادات والتقاليد البالية التي تقودها في النهاية للخجل من جسدها، ولذلك فإن احتمالات النجاح في حب الذات بالنسبة إليها تتضاءل للغاية مع الضغط المجتمعي اليومي الذي يسحقها بلا رحمة!

وفي الوقت الذي تبدأ فيه الفتيات العربيات في المرور بالتغيرات الهرمونية في مرحلة المراهقة، يتسلل إليهن ذلك الشعور الجمعي بالاشمئزاز من أجسادهن سواء الأجزاء الجنسية منها، كالمهبل ونحوه أو حتى الدهون في مناطق البطن والذراع وصولًا إلى أجزاء عادية للغاية مثل القدم!

وإذا صح التعبير، ففي ذلك الوقت الباكر من اكتشاف الذات، تنفجر في وجه البنت العربية عاصفة كراهية ذاتية، لا يصبح الانفكاك منها سهلًا، وهو الأمر الذي يزلزل الثقة بالنفس ويضرب مشاعر احترام الذات في مقتل.

إقرأ أيضًا

وتظهر الآثار المدمرة من وراء ذلك في مواقف يومية قد تبدو من بعيد تقليدية عابرة مثل شراء ملابس داخلية جديدة.

فهناك آلاف الفتيات في المنطقة العربية يتركن مهمة شراء ملابسهن الداخلية للأمهات، لغلق الباب أمام أية مواقف محتملة قد تنشأ في أعقاب ذلك، مواقف من شأنها أن تؤثر على احترام كل فتاة لجسدها!

كل هذه الأفكار الكامنة تخلق في الداخل مشاعر غضب قد تخرج للسطح يومًا ما، إذ إننا لا يمكننا أن نتعلم حب أنفسنا إلا إذا كان لدينا قدرًا صحيًا من الثقة بالنفس، ولكن قد يستحيل ذلك، في بيئة ساخطة وناقمة على أعضاء الجسد الأنثوي الناعم!

ولذلك فإن التخلي عن أية مفاهيم مشينة حول الجسد، من شأنه أن يدعم احترام الذات وتأكيد النظرة الإيجابية الجسدية والعاطفية والروحية، ويتطلب ذلك تكاتف دور الأسرة والأصدقاء والمجتمع!

مفاهيم العُذرية التقليدية… رصاصة المجتمع الأخيرة على جسد المرأة

لا يجب أن نغفل الدور الجوهري الذي لعبته الدكتورة نوال السعداوي في دعم المرأة العربية لتتعافى من مفاهيم المجتمع الخاطئة، بشأن جسدها.

وفي كتابها “المرأة والجنس” أشارت السعداوي إلى حادثة قديمة لرجل اقتحم عيادتها مع فتاة، وطلب من السعداوي بانفعال أن تقوم بفحص الفتاة التي هي زوجته!

” تزوجنا بالأمس، واكتشفت أنها ليست عذراء”، بهذه العبارة القبيحة، ابتدأ الرجل كلامه وسط ذهول السعداوي.

من عجرفة ذلك الزوج الذي ملأت رأسه خرافات المجتمع بشأن جسد المرأة ومفاهيم العذرية التي يتم تلقينها يوميًا بشكل خاطئ من طرف الأمهات أنفسهن للأسف!

ولما سألته السعداوي كيف عرف ذلك، قال لها: هذا شيء معروف، لم أر الدم الأحمر! وبعد فحصها، وجدتها السعداوي عذراء، لكن غشاء بكارتها كان مختلفًا عن الأنواع الشائعة.

فلم يكن من النوع الذي يتمزق مع الإيلاج بل مع الولادة، وكانت فرحة الفتاة غامرة بعد سماعها ذلك، وبدا أن الزوج اقتنع، غير أن السعداوي علمت، أنه عندما وصل للمنزل ألقى عليها يمين الطلاق!

 وربما ستنهال عليك لكمات المفاجأة، عندما أقول لك أن الذي حمى هذه الفتاة من قتل أهلها لها هو أن نوال السعداوي ذهبت لبيت الأسرة وأقنعتهم أن الطب يؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن ابنتهم عذراء!

هل يمكننا أن نتصوّر الآن ملايين الحالات لفتيات وُضعن في مواقف حرجة ومُهينة تصل للضرب، الطلاق وإزهاق الروح من طرف الزوج، أسرة الزوج أو أسرهن بسبب عدم وجود خرافة الدم ـ ‘بلونه الأحمر’ ليلة الدخلة!

إن تلك الحادثة مع مثيلاتها، تؤكد على الطابع الأبوي الذكوري المستبد والتخلّف الفكري المعرفي الضاربة جذوره حتى الآن في المجتمع العربي ودوره في إهانة كل ما يتعلق بجسد المرأة.

وهو الأمر الذي يصل لعدم التورع عن قتل المرأة، إذا خالفت ما استقر في اليقين الجمعي بالضرورة حتى لو خالف ذلك، كل ما له علاقة بالمنطق والعلم ومبادئ الإنسانية!

المراجع
Brief History of the Vagina
How I’ve Learned To Love My Vulva
Talking shit about our vaginas
شارك الموضوع
فريق يارا

فريق المحرّرين بموقع «يارا».