بزنس وريادة أعمال

المشروعات النسائية بين حاضنات ومسرعات الأعمال

المشروعات النسائية بين حاضنات ومسرعات الأعمال
شارك الموضوع

تحتاج الشركات الناشئة إلى دعم مؤسسات الدولة؛ لتستطيع تجاوز العقبات الاقتصادية، وفي المنطقة العربية، تحتاج الشركات الناشئة، التي تقودها نساء، إلى قوانين حاسمة، تسمح بتهيئة سوق العمل؛ لئلا يكون عائقًا في طريق الريادة النسائية.

ولذلك فإن من مهام ما يُعرف بحاضنات ومسرعات الأعمال: توفير الدعم الكافي لإيجاد مصادر التمويل، ورسم خطط استراتيجية قوية، واستغلال رأس المال على نحو يسمح بتحقيق أهداف الاستثمار.

حاضنات الأعمال هي البداية الحقيقية لمشروعك

يميل كثير من رواد الأعمال، في المنطقة العربية، إلى بدء المشروعات برأس مال كبير، غالبًا ما يقارب ضعف رأس المال الممنوح للمرأة، وما لا تدركه الكثيرات هو أن ضعف تمثيل المرأة، في مجال الأعمال، هو فرصة ذهبية لتوجيه صفعة مدوية على وجه عقبات سوق العمل.

ويجب أن نعترف، بأن تمكين المجتمع لريادة الأعمال النسائية، هو أمر ضروري لتعزيز التمكين الاقتصادي، والرفاهية الاجتماعية، للمجتمع ككل، فالمرأة لا تنفق على نفسها فحسب، بل على أطفالها أيضًا، وفي بعض الأحيان قد تتولى مسؤولية الأسرة بأكملها.

ووفقًا لبحث أجرته شركة Bain & Company، فإن الشركات الناشئة التي تقودها النساء، عندما تُتاح لها فرص عادلة، تحقق نتائج اقتصادية متميزة، مقارنة بالشركات الناشئة التي يقودها الرجال.

وفي منطقتنا العربية، نلاحظ أن تلك المسألة هي بمثابة قلق دائم لرائدات الأعمال، اللواتي يتمتعن بالموهبة والمهارة، ولكن يفتقرن إلى الدعم الخارجي، وثقة مؤسسات الدولة، ووسائل التمويل الكافية. . ومن هنا تأتي أهمية حاضنات الأعمال.

وحاضنات الأعمال هي مؤسسات تهدف لاحتضان وتوسيع نطاق الشركات الناشئة، في بيئة عمل من المستشارين ورجال الأعمال، بغرض تعزيز التعلم من الأقران، وبناء نماذج أعمال تنافسية، وعادة ما تساعد حاضنات الأعمال الشركات الصغيرة، خاصة في مراحلها الأولى، على النمو والتوسع، من خلال توفير مساحات العمل المناسبة، وتسهيل الاتصال بشبكة واسعة من رواد الأعمال الناجحين.

ويمكن لبرامج حاضنات الأعمال، أيضًا، أن تخلق بيئة عمل، أكثر شمولًا، من خلال إشراك المزيد من المستثمرين، للتفاعل مع الشركات الناشئة في برامجهم المختلفة، بما يخلق المزيد من الفرص الحقيقية في سوق عمل لا يعترف سوى بالأفضل.

إقرأ أيضًا

حاضنات ومسرعات الأعمال… ما الفرق بينهما؟

في منطقتنا العربية، غالبًا ما نخلط بين حاضنات ومسرعات الأعمال، ونظن أنهما يمثلان نفس المفهوم، إلا أن هناك بعض الفروق الرئيسية بينهما، حيث تعمل المسرعات على “تسريع” نمو شركة قائمة بالفعل، بينما “تحتضن” حاضنات الأعمال الأفكار التجريبية، التي يمكن تحويلها لمشروع أو شركة ناشئة.

 لذلك، فإن مسرعات الأعمال تهتم بتوسيع نطاق الأعمال، بينما تركز الحاضنات بشكل أكبر على الابتكار، وتحويل الأفكار من على الأرض إلى سوق العمل، وتتمثل إحدى الاختلافات الكبيرة، بين المسرّعات والحاضنات، في كيفية هيكلة البرامج الفردية، فعادةً ما يكون لبرامج مسرعات الأعمال إطار زمني محدد.

وعادةً ما تمنح مسرعات الأعمال، في المراحل المبكرة، استثمارًا أوليًا صغيرًا، مقابل مبلغ صغير من الأسهم، ويتم التخطيط لإدماج الأفكار الاستثمارية الكبرى بشكل تدريجي، بحسب نتائج الشركة الناشئة، وأرباحها الأولية.

يقول مايك بوت، المدير العام لشركة Brandery:

الهدف من برامج، مسرعات الأعمال، هو مساعدة الشركة الناشئة، على إنجاز ما قد يقرب من عامين في العادة، من بناء الأعمال، في غضون بضعة أشهر فقط.

والشركة الناشئة الناجحة هي التي تستفيد من كل من حاضنات ومسرعات الأعمال، واعتمادًا على الجهة الراعية، يمكن أن تركز حاضنات ومسرعات الأعمال على سوق معين أو قطاع معين، على سبيل المثال، قد تبحث الحاضنات أو المسرعات التي ترعاها مستشفى، عن شركات ناشئة في مجال التكنولوجيا الصحية.

تسريع ريادة الأعمال النسائية

أصدرت منظمة Global Entrepreneur Monitor (GEM) تقريرها عن ريادة الأعمال النسائية في عام 2015، وأشارت فيه إلى أن أكثر من 200 مليون امرأة تدير عدة أعمال ناجحة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك منطقتنا العربية.

وأشارت إلى أن الفضل في ازدياد نسبة مشاركة المرأة في عالم المال والأعمال يعود، في كثير من الأحيان، إلى دور مسرعات الأعمال، وما توفره هذه المؤسسات من تثقيف للنساء بمتطلبات سوق العمل، ومنحهن أدوات تنافسية يمكن من خلالها إثبات جدارتهن في سوق العمل.

ورغم أن مسرعات الشركات الناشئة لا تلقى، في كل الأحوال، استحسانًا من قبل رواد الأعمال الأوروبيين، في مجال التكنولوجيا، إلا أن الوضع يختلف تمامًا بالنسبة للمرأة العربية، إذ غالبًا ما تحتاج المرأة العربية، إلى إجراءات سريعة تدعمها، من أجل الوقوف على أرض صلبة في سوق العمل العربية، من حيث توفير الفرص العادلة، بحيث لا يكون للذكور أفضلية لأسباب غير مهنية.

ولا يمكن تسريع ريادة الأعمال النسائية، في المنطقة العربية، بمجرد اللجوء لمؤسسات تسريع أعمال معروفة، إذ يجب أولًا أن يكون لدى المرأة هدف محدد من وراء ما تفعل، ولإنجاز هذه الأهداف، وتطويرها بمرور الوقت، يجب، في بعض الأحيان، تطوير آليات التسويق، والمبيعات، وتكنولوجيا التشغيل.

ويجب ألا تنجرف رائدة الأعمال العربية وراء استنزاف كل مواردها، في البحث عن مسرعات أعمال لوقت طويل، فقد أشارت الأبحاث الحديثة منGlobal Accelerator Learning Initiative (GALI) إلى أن الوقت الذي يتم إهداره في التخطيط، من أجل التواصل مع المسرعات المثالية، قد يقلل في الواقع من أداء الشركة على المدى الطويل.

تحديات المرأة في سوق العمل العربي

ليس سرًا أن عدم المساواة بين الجنسين ما يزال يسيطر على مقاليد الأمور، في المنطقة العربية، ومن بين أكبر ملامح الخلل أن بعض مسرّعات الأعمال العربية، قد تفضّل تطوير أعمال الشركات الناشئة، التي يملكها رجال، لا نساء.

وكما نعلم، تتلقى النساء تمويلًا أقل، من المؤسسات الحكومية والخاصة، وتواجه الكثيرات مشكلات في عرقلة سير العمل، وبدون “الحلفاء الذكور” في المراحل المبكرة من العمل، قد يكون من الصعب لامرأة عربية أن تحقق أي نجاح يُذكر، في كثير من الأحيان.

بينما يمكن أن تعمل حاضنات ومسرعات الأعمال على خلق التوازن بين الجنسين، ومنح المرأة أقصر طريق لإنجاز أعمالها! وقد تكون المرأة العربية مدفوعة باختيار أكثر من مسرع أعمال، تحت وطأة زخم سوق العمل، والتنافسية الهائلة مع رواد الأعمال الآخرين.

وكل ذلك سيكون سببًا كافيًا لارتباك العمل نفسه، مما يشوّش الاختيارات الصائبة على مستوى الإدارة أو التسويق، ولذلك فالمجتمعات الديمقراطية، التي تؤمن بحقيقة المساواة بين الرجل والمرأة، هي في حقيقة الأمر تكون بمثابة مُسرِّع أعمال، إلى جانب مسرّعات الأعمال العملية التي تقتحم سوق العمل بآلياتها المختلفة.

كيفية تختارين مسرعات الأعمال المناسبة

بعد النجاح في الخطوة الأولى واستغلال حاضنات الأعمال الاستغلال الأمثل، وبدء النزول لسوق العمل، يجب على رائدة الأعمال أو صاحبة المشروع تحديد سبب اختيار مسرع الأعمال، وتحديد ما إذا كانت هناك ضرورة لإدخال تقنيات أحدث، أو نقل خبرات أفضل.

ونظرًا لخصوصية المنطقة العربية، وما تكتظ به من صراعات سياسية واقتصادية في نفس الوقت، فإن اختيار مسرعات الأعمال يصبح تحديًا لا يُستهان به، ويتطلب تجاوزه إعداد خطة محكمة، قبل الشروع في استنزاف الموارد المتاحة.

وقد يُستحسن لو تتشارك النساء في مجموعات، لعمل ما يُشبه التكتل، في مواجهة القواعد الذكورية لسوق العمل العربي، خاصة لو تداخلت هذه القواعد مع آلية عمل مسرّعات الأعمال.

ومع مسرّع أعمال يتيح مميزات مثالية، قد يكون عمل أكثر من امرأة في نفس المشروع، بشرط الكفاءة، بمثابة وقود يدفع عربة قطار الشركة الناشئة لتحقيق أهدافها في فترة وجيزة.

ويجب أن يتوائم ذلك مع طبيعة الخيارات التي يقدمها مسرّع الأعمال، وآلية التمويل، وبناءًا على ذلك قد تكون هناك أفضلية لمسرّع عمل عن آخر، وقد تكون الفرصة للفوز بمسابقات بعض مسرّعات الأعمال أكبر من غيرها.

وقد يكون لمسرّع أعمال خبرات فائقة بمجالات عمل الشركة الناشئة، فترجح كفته عن مسرّع آخر، وكل هذه العوامل تحدد اختيار مسرّعات الأعمال، ومدى ملائمتها مع حجم أعمال الشركة الناشئة.

 في غزة… حاضنات ومسرعات أعمال تدعم ريادة المرأة

لا تقتصر غزة على كونها رمز الصمود والكفاح، في سبيل تحرير فلسطين، بل هي أيضا بيئة واعدة؛ لاتخاذ خطوات فعالة لتوفير فرصًا حقيقية أمام المرأة، ولكن بعد أن فرضت إسرائيل حصارًا على غزة، في عام 2006، كان من الصعب على العديد من الفلسطينيين تأمين الوظائف!

ومع ذلك فإن كثيرًا من مسرعات الأعمال الفلسطينية، تدعم مشروعات ريادية للشابات الفلسطينيات، وهناك حاضنات أعمال، مثل حاضنة الجامعة الإسلامية في غزة، تتيح الفرصة لبدء مشروعات مستقلة، وتحديداً في مجال التكنولوجيا.

ولا يخفى على أحد الدور الذي تلعبه الجامعة الإسلامية، في غزة، من توفير النفقات، والتكاليف الباهظة، لاسيما على المرأة الفلسطينية، لبدء مشروع وتطويره، وإلى جانب ذلك توفر الجامعة الخطط الاستراتيجية، وآلية التسويق، اللازمة لتوسعة حجم الشركات الناشئة.

حاضنات ومسرعات الأعمال الفلسطينية تحارب البطالة

تمثل حاضنات ومسرعات الأعمال، في فلسطين، طوق نجاة، لاسيما في مرحلة ما بعد التخرج من الجامعة، إذ تعاني النساء في قطاع غزة، من ندرة فرص العمل، وبحسب الجهاز المركزي الفلسطيني للإحصاء، فقد بلغ معدل البطالة في قطاع غزة خلال الربع الرابع، من عام 2014 ، ما نسبته 42.8%.

وسجلت أعلى المعدلات في الفئة العمرية 20-24 سنة، وكانت النسبة الأكبر من النساء!

ولا يوجد أكثر من خمس حاضنات أعمال في غزة، بما في ذلك الحاضنة الأهم في الجامعة الإسلامية، والتي تم إنشاؤها بدعم من البنك الدولي، وتستقبل الجامعة الإسلامية نحو ألف فكرة سنويًا من رواد الأعمال في غزة، بالإضافة إلى مسرعات الأعمال التي أطلقتها مؤخرًا مؤسسات دولية في قطاع غزة، مثل مسرّع غزة سكاي جيكس، الذي أطلقته مؤسسة Mercy Corps.

وتقدم حاضنات ومسرعات الأعمال فرصة ذهبية لمئات الشباب والفتيات بفلسطين، لاسيما في قطاع غزة وما حولها، لإيجاد بدائل جديدة للتغلب على أشباح البطالة، من خلال ابتكار أفكار جديدة في مجالات العمل.

وبحسب محمد سكيك، مدير حاضنة الأعمال والتكنولوجيا في الجامعة الإسلامية، فإن مشروعات المرأة الفلسطينية تشكل حوالي 53% من إجمالي المشروعات المحتضنة، وهي الأكثر نجاحًا بين كل أعمال الحاضنة!

رنا القرناوي… رائدة تطوير برمجة الويب

لم تنتظر الفلسطينية رنا القرناوي، 25 عامًا، تخرجها من الجامعة، لتستوعب الواقع المرير المتمثل في أنها لن تجد وظيفة غالبًا، رغم قدراتها الإبداعية في هندسة الكمبيوتر، بل آمنت القرناوي بقدراتها وإمكاناتها، وبدأت في البحث عن تمويل لفكرتها لتأسيس شركة متخصصة في تطوير الويب!

تقدمت القرناوي بأوراقها، لحاضنة الأعمال والتكنولوجيا، في الجامعة الإسلامية بغزة، وفازت في المسابقة! وبالفعل أصبحت مديرًا لشركة Genius Soft، وهي شركة لتطوير وبرمجة الويب، وإنتاج تطبيقات الهواتف الذكية، والمشروعات الإحصائية والبحثية عبر الإنترنت.

تقول القرناوي:

لقد أتاح لنا مجال، تكنولوجيا المعلومات، الفرصة لتحدي الحصار المفروض على قطاع غزة، حيث نستخدم قدراتنا الهندسية وإبداعنا لتطوير عمل الشركات التجارية الكبيرة، التي يوجد مقرها خارج غزة، ويتم ذلك من خلال تطوير برامج وتصاميم مختلفة حسب الطلب عبر الإنترنت.

تتجه القرناوي، مثل مئات الشابات الفلسطينيات الأخريات، إلى حاضنات ومسرعات الأعمال، في قطاع غزة، لتحويل أفكارهن إلى مشروعات ناجحة عبر تمويل كافي، وخطط عمل مناسبة، وقد عبّرت القرناوي، عن امتنانها، لكل أوجه الدعم، الذي تلقته من حاضنة أعمال الجامعة الإسلامية، في غزة.

إقرأ أيضًا

مريم عطيوي… رائدة تكنولوجيا تطبيقات النقل

وإلى جانب القرناوي، كانت الفلسطينية مريم عطيوي، أول امرأة تحصل على تمويل من مسرّع أعمال، لمشروعها المسمى “وصلني“، يتيح لك هذا المشروع مشاركة المعلومات حول خدمات النقل وحجز سيارات الأجرة، من خلال تطبيق الهاتف المحمول والموقع الإلكتروني!

ويسمح ذلك التطبيق للعملاء بفاعلية مشاركة البيانات، حول خدمات النقل، في مدن عربية مثل القاهرة وغزة وعمان، ويوفر آليات متطورة لحجز وسائل المواصلات بطريقة سهلة وآمنة، ويشكل ذلك عامل جذب في المنطقة العربية بأكملها!

وقد تم اختيار شركة العطيوي، كواحدة من أفضل 25 شركة ناشئة، في العالم العربي في المسابقة التي أقيمت في جامعة زايد، بدولة الإمارات العربية المتحدة، لتكون أول خطوة رائدة، في مجال التكنولوجيا في غزة، على المستوى الدولي!

شارك الموضوع
فريق يارا

فريق المحرّرين بموقع «يارا».