الروحانية والتديّن أمران قد يختلفان كليٌة عند البعض وقد يُكمّلان بعضهما عند آخرين، فحين يتعلّق الموضوع بالدين أو التديّن في رمضان على وجه الخصوص، يكون الصيام والصلاة في أول قائمة الممارسات التي نقوم بها.
أما فيما يخص الروحانية، يذهب البعض إلى أكثر من ذلك، من خلال التعمّق في الرسالة والهدف الأولي من ممارسة الصيام.
لذلك، لا ينبغي الخروج من الشهر الفضيل دون أن يكون الفرد قد اكتسب بعض العادات الصحيحة للحفاظ على نفحة الروحانية لما تبقى من أشهر السنة.
التوسع في العبادات
يعرف شهر رمضان بكثرة العبادات، فيميل الناس للتعبّد أكثر به، بل هناك من يحصر ممارساته التعبدّية فقط في هذه الفترة من السنة، أمّا بالنسبة لمن يسعون إلى بناء علاقة حقيقية مع الله والصدق مع الذات فتجدهم لا يختلفون كثيرًا في أيامهم العادية عن رمضان.
التوسع في العبادات لا يتمثّل في طقوس تعبّدية فقط ولكن بالتأكيد يشملها كالصلاة وقيام الليل وصيام ستة أيام من شوال مثلًا، لقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام الدهر“، أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
العمل بإحسان يُعّد عبادة أيضًا، فمهما كان نوع العمل الذي يُزاوله الشخص، يمكنه من خلال إتقانه التقرّب من الله عبر خدمة الآخرين حتى لو كان ذلك بأجر ومقابل.
التأمل واليوغا
انتشرت في السنوات الأخيرة ثقافة اليوغا والتأمل في رحاب الوطن العربي، وبات العديد من الناس يعلمون الفوائد الجمّة لهما، فاليوغا تبدو كرياضة ذات فوائد صحيّة كبيرة.
حيث تُعرف بقدرتها على حرق الدهون، تخفيف آلام الظّهر والمساعدة على النوم بشكل أفضل، ولكن ما هو أبعد من هذا هو قدرتها إذا مورست بانتظام على تجديد طاقة الجسم ومنح إحساس بالسكينة والاسترخاء، وهو الطريق الأسرع طبعًا إلى تعزيز الهدوء والسلام الداخلي الجوهري في تقوية سمة الروحانية عند الفرد.
إعرف أكثر عن اليوغا
الرياضة
مما لا شك فيه أن الرياضة تُطوّر الحالة الجسدية للفرد وتقيه أمراض متعددة كما تُحسّن الحالة المزاجية عمومًا، ما تمّ اكتشافه مؤخرًا قد يكون غريبًا بعض الشيء.
فقد لوحظ ترابط ما بين النشاط الرياضي والتطور الروحي للشخصية.
تُعد ظاهرة الروحانية الرياضية عملية لإضفاء القيم المعنوية والأخلاقية أثناء الأداء الرياضي، حيث يشترك ممارسي الرياظة بنموّ مشاعر الحب والفرح وقيم الرحمة والقوة والتوازن والاحترام.
ما يطلق عليه عالم النفس المختص في الرياضة، مارك نيستي Mark Nesti؛ “التواجد في المنطقة” – being in the zone.
الصدقة والتطوّع
قد تغيب كثيرًا ثقافة العمل التطوّعي في المجتمع العربي لأسباب اقتصادية ومعيشية بشكل رئيسي، فمعظم الأشخاص لا يمتلكون الوقت الكافي للانخراط في نشاط بدون مقابل.
فشاع أن التطوّع يختص به الأثرياء فقط وميسوري الحال، وهذه مغالطة كبرى، فأحيان كثيرة يقدم يد العون والمساعدة للمحتاجين من ينتمون لطبقات اجتماعية كادحة أيضًا، حيث الأفراد يُدركون معنى الحاجة والاحتياج.
كما أن الصدقة والتصدّق مما يملكه المرء من شأنه أن يزيد من سمة التعاطف الأصيل في شخصية الإنسان وتقوية الروحانية لديه.
كما لها فضائل أخرى أيضًا، فعن سيد الخلق أنه قال، “داووا مرضاكم بالصدقة”، كما أنه صلى الله عليه وسلم قال: “إذا أردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم“، رواه أحمد.