كيف تُربّي ابنة قويّـة وسط ثقافة سامّة

الأبوة الرائعة بسيطة، لكنها صعبة. لذا ركز على الأشياء الكبيرة. توقف عن القلق بشأن الأمور الصغيرة وركز على الأشياء المهمة.

هذا ما تقوله دكتور ميج ميكر، مؤلفة كتاب جديد يركز على البنات.

د. ميج ميكر هي أم وجدّة وطبيبة أطفال بخبرة 30 عامًا، وهي مؤلفة لكتب تربية الأبناء، أحدثهم قد صدر للتو: “تربية ابنة قوية في وسط ثقافة سامة“.

لقد ساعدت عائلات لعقود من الزمان في التغلب على الصعوبات المتعلقة بسنوات المراهقة، واختصرت هذه الخبرة في مجلد مقروء لا يحدد فقط المشكلات، بل يقدم خطوات يمكن للعائلات اتباعها لمساعدة بناتهن على تخطي مرحلة المراهقة مع الحفاظ على أخلاقهم وقيمهم سليمة، علاقتهم قوية، ومستقبلهم مشرق.

في حديث طرحت ميكر استراتيجيات التربية الخاصة بها عبر تلك السنين، بما في ذلك بعض التحديات الفريدة الحديثة، مثل تلك المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي.

كن عمليًا حول تحديد وقت الشاشة

يشعر الكثير من الآباء بالقلق حول الوقت الذي يقضيه أبناؤهم المراهقون في استخدام هواتفهم المحمولة.

وذلك لأنه يبعدهم عن التفاعل مع الحياة الواقعية، ويقلص من الوقت الذي تقضيه العائلة معًا، وبسبب الآثار السلبية التي يمكن أن تحدثها الأجهزة الإلكترونية على الأطفال.

تعتقد ميكر أن إحدى أفضل الطرق التي يمكن للوالدين من خلالها معالجة استخدام المراهقين للإلكترونيات هي معالجة استخدام هواتفهم هم شخصيًا:

ما أحاول فعله حقًا بدلاً من جعل الآباء يركزون على مساعدة الفتيات في تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ووقت الشاشة، هو القول بأن الأسرة بأكملها بحاجة إلى القيام بذلك.

وأنا أقول أياً كان ما عليك القيام به لأنهم أطفال، والساعات التي يقضيها الآباء على هواتفهم كل يوم… اقتطع بعض الوقت، ربما ساعة كل مساء، أو ساعتان – ساعة في الصباح ، وساعة في المساء، حيث يضع كل فرد في الأسرة الشاشة بعيدًا.

يساعد هذا الانفصال المتعمد عن الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الكمبيوتر والتلفزيون على تسهيل النقطة التالية لـميكر.

ستتحدث الفتيات إلى آبائهن و يخبرونهم بما يحدث في حياتهم- إذا كان آباؤهم يستمعون إليهم.

قالت ميكر: “من أفضل الطرق التي يمكنك القيام بها هي التخلص من الأشياء التي تُشتّتك وأن تدع بناتك يعلمون أنك مُتـاح لأجلهن. وإن طرحت سؤالاً، فأنت موجود بالفعل للاستماع إلى الإجابة. لأنني اكتشفت أن الفتيات سيتحدثن إذا كن يعرفن أنك حقًا تستمع وترغب في الاستماع وليس المقاطعة”.

إذا كنت تصغي إلى ابنتك، فمن الأسهل معرفة ما يجري. وإذا كنت تعرف ما الذي تعاني منه، ما الذي تتحمس له، وما تخاف منه، فأنت تعرف ما الذي يجب عليك معالجته بصفتك أحد الوالدين.

تعتقد ميكر أن المراهقين يحتاجون إلى انضباط صارم وأن هذا الانضباط يجب أن ينبع من حدود واضحة خلال فترة شبابهم:

إحدى الطرق التي يشعرون بها بالأمان مع ذلك الوالد هي أنهم يعرفون القواعد، ويعرفون الحدود، ويعرفون ما يمكنهم فعله وما لا يمكنهم فعله. وبالفعل، فإن السبب الذي يجعلنا نضع حدودًا وقواعد للأطفال الصغار هو أننا نريد أن نظهر لهم كيف يبدو العيش بانضباط وحدود.

وبعد ذلك مع تقدمهم في العمر، نحتاج إلى تعليمهم كيفية إقامة تلك الحدود لأنفسهم. وفي النهاية – ما تفعله الأم الجيدة – تقول،كما تعلمون، هذه هي الطريقة التي تعيش بها مع التحكم بالنفس جيدًا لأنك لا تستطيع تحقيق النجاح في أي شيء في الحياة بدون ضبط النفس.

يجب أن يتعلم الأطفال ضبط النفس من آبائهم

يعد تعليم ضبط النفس هذا أمرًا حيويًا لمساعدة فتياتنا على المضي في هذا العالم الحديث المُربك المعقّد والذي غالبًا ما يكون سامًا، ولمساعدتهن على أن يصبحن راشدات مع أكبر عدد ممكن من الخيارات المتاحة أمامهن.

بصفتي أمًا، فقد تحدثت كثيرًا مع أشخاص يشعرون بالقلق من أن التشدد أو التطفل أو مراقبة المراهقين كثيرًا سيؤدي إلى كبتهم، مما يعيق نموهم ليصبحوا بالغين أكفاء. سألت ميكر عن هذا، وقد ردت بكلمات مطمئنة.

الأمر الصحيح هو العكس تمامًا. الأطفال يتعلمون كيف يفكرون جيدًا من خلال مشاهدة شخص بالغ وهو يتخذ قرارات جيدة ويفكر جيدًا.

ميكر

“الأمر يتعلق بقدرة الطفل العاطفية والفكرية والعقلية على اتخاذ قرارات جيدة. يجب على الأطفال أن يتعلموا كيفية صنع القرارات السليمة من خلال رؤية تلك التي تم صنعها لأنهم غير قادرين على اتخاذ قرارات حكيمة في مراحل العمر المختلفة بحياتهم. لذا فإن ما يفعله الآباء حقًا هو أنهم يظهرون للأطفال كيفية تعلم وضع حدود صحية لأنفسهم. فالأطفال لا يعرفون كيفية وضع حدود وأين يتم وضعها ما لم يروا الآباء يفعلون ذلك أولاً”.

ميكر محقة بالفعل. نحن نحتاج لتعليم أطفالنا، بما فيهم أبناؤنا الكبار، التحكم في النفس. إنه درس لا يتم تعليمه في يوم أو شهر أو شيء يمكن إتقانه ببلوغ سن الـ 11.

إنه درس مدى الحياة، يتجسد يومًا بعد يوم بواسطة آباء يهتمون بشدة بأطفالهم.

تُقدم ميكر حلول أبوية عملية

كذلك فإن ميكر وعملها كلاهما عطوف وواقعي تجاه الآباء ومليء بالأمل للعائلات التي تعاني.

فبدلًا من لوم الآباء أو جعلهم يشعرون بأن تربية أطفالهم جيدًا هي مهمة مستعصية، تبسط ميكر الأمر كالآتي:

عَلّم الأم التي تشعر بالكثير من الخزي والذنب -لأن كل أم تشعر بالذنب- أنها إذا أطعمت طفلها الطعام الخاطئ في الوقت الخاطئ، اشترت مقعد السيارة الخاطئ، أرسلته إلى المدرسة الخطأ، فقد انتهى أمره.

أنا أقول أن الأبوة الرائعة بسيطة، لكنها صعبة. لذا ركز على الأشياء الكبيرة. توقف عن القلق بشأن الأمور الصغيرة وركز على الأشياء المهمة.

القوائم الطويلة بالمشاكل المخيفة دون حلول أو خطوات عمل هي مجرد أسلوب ترهيبي.

ما الفائدة الحقيقية من تنبيه الآباء إلى العثرات الكامنة دون تقديم أي حل أثناء توجيه بناتهم في تلك اللحظات؟ تتجنب ميكر هذا في كتابها من خلال تقديم إرشادات حازمة وعطوفة للعائلات التي ترغب في تربية بنات أقوياء.

إقرأ أيضًا

في حين أن العديد من الموارد متاحة لعائلات الأطفال الرضع والأطفال الصغار وحتى الأطفال في سن ما قبل المدرسة، إلا أن هناك عددًا أقل بكثير متاح لآباء المراهقين وسن ما قبل المراهقة.

أيتها الأمهات، أيها الآباء، على الرغم مما يخبركم به المجتمع، فمن الممكن الصمود خلال سنوات المراهقة مع بقاء علاقتكم ببناتكم سليمة ومع إيمان عائلتكم وأخلاقكم القوية.

تمر العديد من العائلات بنفس هذه السنوات معكم، وهم يعملون على تربية أطفال أصحاء وذوي خلق.

أنتم لستم بمفردكم وكذلك أطفالكم.

	The Federalist
التاريخ	2020/02/04
الكاتب	هولي شير