قضايا المرأة

هل تخيف قوة الشخصية عند المرأة الرجل الشرقي؟

هل تخيف قوة الشخصية عند المرأة الرجل الشرقي؟
شارك الموضوع

قوة الشخصية عند المرأة في المجتمع العربي سيف ذو حدّين، قد يخدمها في مكان ويهدمها في أماكن أخرى ربما.

أي طالع أشد سوءًا من أن تكون المرأة في مجتمع لا يقدس إلا الفحولة ويقود بالعصا قطيع النساء.

مليكة أوفقير- كاتبة مغربية

عانت المرأة الكثير من الاضطهاد والتقييد المادي والمعنوي والتسلط الأبوي على حريتها وفكرها وقدراتها وجسدها. وحتى يومنا هذا تقبع الكثير من النساء تحت أشكال متعددة من الاضطهاد تحت مسميات كثيرة أكثرها استخدامًا وشيوعًا الخوف على المرأة والحفاظ على الشرف.

وكأن المرأة لا تستطيع قيادة نفسها وتهذيب ذاتها والحفاظ على شرفها، وتحتاج لآخر يقبله المجتمع ليشرف عليها ويقوّم اعوجاجها!

ومع ازدياد محاولات نشر الوعي والجمعيات والمنصات التي تطالب بتوعية المرأة وتعليمها وتدفعها للتمسك بحقوقها وتحقيق ذاتها. أصبحت المرأة العربية أكثر قوة وجرأة للتمسك بذاتها وتحقيق ما ترغب هي فيه وما تُقَدِّر هي أنه يناسبها.

وهنا ظهر للعلن مشكلة جديدة لم تكن موجودة أو لم تكون مطروقة بهذا القدر، وهي عدم تقبل الشريك استقلال المرأة وقوتها وطموحها.

فمع ازدياد حالات العنف الأسري والزوجي و كثرة أحداث التحرش والاغتصاب ازدادت قوة المرأة ورغبتها بالاستقلال والتحرر وكأن القوة تُخلق من رحم المعاناة وما أجمل هذه القوة إن خلقت من رحم الوجود “المرأة”.

ماذا تعني قوة الشخصية عند المرأة؟

أول قضيّة نفكر بها حول فكرة قوة الشخصية عند المرأة أنها تبحث عن المساواة مع الجنس الآخر وهذا غير صحيح، وهنا يجب أن ننوّه أننا لا نتحدث عن كل امرأة مستقلة أو متعلمة، أنا أتحدث عن المرأة التي فهمت حقًا معنى ذلك ومارسته وأحاطت به بكل جوانبه ولم تأخذ القشور عن ذلك فقط.

الحقيقة أنَّ هذه المرأة لا تبحث عن المساواة لأن المساواة أمر غير صحّي بالنسبة لها، فالرجل يختلف عن المرأة واحتياجات كلّ منهما تختلف أيضًا، لكن تبحث عن العدل والإنصاف. وأعني بذلك أن تأخذ فرصتها بغض النظر عن جنسها واعتبار معيار الكفاءة هو الوحيد للحكم بأي عمل تتقدم إليه أو تقوم به.

فقد أصبح من الشائع أن المرأة قد تأخذ فرصة جيدة أو تُقيّم بشكل جيد فقط لأنها امرأة. وهو أمر قد يعطيها أفضيلة عند بعض الرجال، أو على النقيض من ذلك فقد يجعلها كونها امرأة عند البعض تصنف بدرجة أقل، كونها بنظرهم لا تمتلك الكفاءة والقدرات!

وبالحالتين هو أمر ينتقص من كيانها كإنسانة عاملة مستقلة.

لذلك تسعى المرأة المستقلة للحصول على فرص عادلة لا تستغل أنوثتها أو وجودها. وإنما تعتمد على شهادتها وخبراتها وابتكارها بالعمل والتزامها. والمرأة المستقلة هي امرأة تمتلك الوعي في تعاملها مع ذاتها ومع الآخرين، ذكيّة في علاقاتها الاجتماعية والعاطفية، تدير علاقاتها بذكاء خاصة مع شريكها.

ولا يعني ذلك تسلّطها على الرجل، لكن قوتها واستقلالها يعطيان للعلاقة توازن جميل يفتقده العالم اليوم، وهو السبب في اختلال الكثير من العلاقات وتفتت جوهر الأسر.

المرأة المستقلة تطوّر ذاتها، تفكيرها غير سطحي فليس لديها الوقت لإضاعته. المرأة الذكية لا تقارن نفسها بالآخرين وتمتلك حسن التصرف داخل المنزل وخارجه لذلك هي شريك مناسب بكل المعايير.

تظهر قوة الشخصية عند المرأة من الناحية المادية أيضًا. فهي لا تختار شريكها وفقًا لوضعه المادي وإنما لشخصيته، لذاته ولتوافقهما العقلي والعاطفي. المرأة المستقلة تعرف كيف تكون أنثى جميلة بكل الأوقات فتهتم بذاتها ولديها كاريزما خاصة دون أن تجعل شكلها الخارجي هو كل ما تملك.

وقد أصبحت شخصية المرأة المستقلة القوية المتعلمة هدفًا للكثير من النساء العربيات ونقول هدفًا لأن المرأة العربية تُخلق محتجزة خلف الكثير من القيود ولا تستطيع تقرير من تكون دون تعب وسعي وكسر قيود.

قوة الشخصية عند المرأة تجذب الرجل أم تُخيفه؟

يُقال أن الرجل يحب المرأة الذكية والناجحة طالما أنها لم تتفوّق عليه، وفق دراسة تحدّثت عنها صحيفة INDEPENDENT البريطانية بعنوان ” الرجال مهددون من قبل النساء الذكيات” ذكرت أن الرجال ينجذبون لمواعدة النساء الذكيات لكنهم حقيقة لا يحبون الاستمرار بذلك.

تم تقسيم مجموعة من الرجال قرابة المئة رجل ونيف إلى قسمين، حيث تمت قراءة سيناريو افتراضي يتضمن امرأة تفوقت عليهم أو امرأة أقل منهم في ذكائها ثم جعلوهم يتخيلونها كشريك بعلاقة رومنسية.

صنف الرجال المرأة التي تفوقت عليهم كشريك مرغوب فيه ووقع الاختيار عليها، حيث ذكرت الدراسة أن “الرجال يشكلون انطباعات إيجابية ويظهرون اهتمامًا أكبر بالنساء اللاتي أظهرن ذكاء أكثر، ومع ذلك، فإن الجزء الثاني من الدراسة، عندما سُئل الرجال عما إذا كانوا سيواعدون حقًا مثل هذه المرأة في الحياة الواقعية. أظهرت النتائج أن الرجال شعروا بتوتر طفيف عند ذكر ذلك.

كأن الرجال تخيلوا مواجهة هذا السيناريو في الحياة الواقعية وقاموا بتغيير رأيهم، ومالوا إلى تصنيف المرأة الذكية على أنها أقل جاذبية، وأكدوا عدم رغبتهم في الاتصال أو التخطيط لموعد مع المرأة الذكية، وحتى أننا كثيرًا ما نسمع في مجتمعاتنا أنَّ الضعف والخنوع هي صفات أنثوية بامتياز تثير الرجل وتزيد رغبته لشريكته!

والحقيقة أنَّ الرجل الشرقي الذي لا يزال متمسك بالأفكار القديمة البالية عن المرأة يهاب ويخاف المرأة المستقلة القوية لأنه يعرف أنها تعي حقوقها وتستطيع الدفاع عن نفسها، لا تتستر أو تسكت عندما تتعرض للعنف أو الأذى المعنوي.

والبعض منهم بطبيعة الحال لم يتعلّم أن يُعامل الأنثى بتحضر واعتاد على أنها أقل منه شأنًا لذلك تخيفه هذه المرأة القوية الواثقة التي تُزاحمه في العمل وقد تتفوّق عليه ولا تخضع له بالمنزل خاصة أن البعض يقرنون رجولتهم بضعف الآخر وإذلاله.

ولكن الحق يقال أنَّ هذا الأمر لا يمكن أن يعمم فهناك أيضًا الرجل الحقيقي الذي يعي دوره ضمن المجتمع ويدرك دور غيره لن ير المرأة ندًا بل شريكًا أساسيًا في التقدم والتطور، وقد يرى أن ذكاءها وقوتها هما مصدرا جمالها.

إقرأ أيضًا

ولم يكن الرجل هو العائق الوحيد بوجه المرأة بل المرأة أيضًا فهناك الكثير من المدافعات عن النظام الأبوي أكثر من الرجال، وتخيفهن المرأة المستقلة وطموحها وقوتها، يحضرني هنا قول الشاعر السوري نزار قباني “أريد أن اسأل لماذا في بلادي تقف النساء ضد حرية النساء؟”

أقول له لأن النظام أبوي أقنعها أنَّها ضعيفة وخاضعة وأن خضوعها وإذلالها جزء من كيانها لذلك تشعر أنَّ كل امرأة أخرى تكسر هذه القيود تهدد وجودها خيفةً من تغير وضعها الحالي الذي اقتنعت أنها لا تستطيع العيش دونه!

المرأة القوية وهاجس العلاقة المتوازنة

لا أدري لماذا يعتريني الشعور أحيانًا أن العلاقة بين الرجل العربي والمرأة العربية هي علاقة عقارية ينطبق عليها كل ما ينطبق على العلاقات العقارية من معاينة، ودفع رسوم، واستملاك… إن الرجولة كما يفهمها مجتمع الرجال لدينا هي القائمة على الكسر والقمع وإلغاء إرادة المرأة.

بهذه الكلمات لخص الشاعر السوري نزار قباني معاناة المرأة العربية بعلاقاتها. فهل يجب أن تعاني دائمًا وهل ستحصل النساء المستقلات على علاقة صحية متوازنة؟

الإجابة هنا تعتمد على الشريك ومدى تقبله وفهمه للآخر . والمرأة المستقلة تستطيع أن تدير جميع علاقاتها فهي سيدة منزل وربة بيت وقائدة بالعمل، يقول الكاتب “رون آردين”:

تُعد النساء مستمعات ممتازات فعليًا ومن خلال أبحاث أجريت باستخدام الأشعة المقطعية: ثبت أن المرأة عندما تتحدث فإن سبعة مراكز كاملة من عقلها تكون مشاركة في هذه العملية.

لكن في الحقيقة تعاني المرأة العربية الكثير من الويلات. فهي متهمة دائمًا من المجتمع بأن قوة شخصيتها واستقلالها لن يتيح لها إقامة علاقة طويلة الأمد، ويجب عليها أن تقدم التنازلات لتحصل على علاقة مستقرة.

يبحث الطرفين ويصارع كلٌّ منهما في ميدانه الخاص فالمرأة تسعى للوصول إلى الاستقلال. أما الرجال، فالقسم الأكبر منهم يحب وينجذب للمرأة المستقلة ولكن يرتبط في آخر المطاف بالمرأة الخاضعة.

لذلك نجد أمثلة كثيرة عن علاقات فاشلة بسبب غيرة الرجل من نجاح زوجته أو شريكته. مما يؤثر سلبًا على علاقتهما بشكل مباشر أو غير مباشر. لذلك نقول المرأة المستقلة هي المرأة الأجمل في العلاقات، ولكنها الأقل حظوظًا في عالمنا العربي في الحبّ كما في الزواج، وهي تحارب وتبني على جبهات عدة بوقت واحد.

شارك الموضوع
هلا أحمد

مواطنة سورية أعيش بتركيا من مواليد 1993 بدولة الإمارات. أحمل ماجستير في التاريخ القديم ومهتمة بشؤون المرأة، عملت في التدريس وكاتبة محتوى.