عزيزة نايت سي بها وجه مغربي بارز في ساحة الإعلام العربي ومُحاورة سياسية مُتمكّنة.
مختصة الشؤون الدولية ورئيسة التحرير بفرانس 24 التي استضافت ما يقارب 600 شخصية عربية مرموقة من عالم السياسة والأعمال والثقافة والأدب من خلال برنامجها الحواري المعروف ‘ضيف ومسيرة’ تحمل ماجستير في الصحافة من معهد العلوم السياسية بباريس، وشاركت في العديد من المنتديات الدولية في كندا، أستراليا وأوروبا.
لم يكن هذا المسار المهني المميّز ضمن مخططاتها المستقبلية أثناء دراستها للعلوم الرياضية في الثانوية العامة بمدينة الدار البيضاء المغربية، فقد كان التوجه المُزْمَع هو الهندسة أو الطيران، غير أن الكتابة الصحفية كان لها كلمتها الأخيرة في حياة عزيزة نايت سي بها، فهي ما أحبته بشكل عفوي منذ الصغر ومارستها ببراعة من خلال مشاريع المقالات والحورات في مقاعد الدراسة.
مسيرة مشرّفة لما يُقارب 25 سنة لإعلامية عربية من الوزن الثقيل في مجالها بالتأكيد، لم تتوانى عن الانخراط المجتمعي والإنساني في مشاريع شخصية بموازاة عملها في عدد من المؤسسات الإعلامية مثل صحيفة “لوماتان” المغربية و”إذاعة مونت كارلو الدولية”.
في الثامن من مارس 2021 أطلقت عزيزة نايت سي بها «تاجة سبورت» وهي أول منصة إعلامية باللغتين العربية و الفرنسية، تختص حصريًا بتغطية الرياضة النسائية بشمال إفريقيا و الشرق الأوسط. أجرينا حوارًا مع عزيزة حول هذه المبادرة الإعلامية الأولى من نوعها في المنطقة العربية، وإليكم كامل تفاصيل الحوار.
حدثينا عن مشروعك الوليد ومبادرتك الإعلامية السباقة تاجة الرياضية؟ وما السر وراء ‘تاجة’ كاسم لمجلة تُعنى بتغطية مواضيع المرأة في المجال الرياضي؟
بداية زُهرة، شكرًا جزيلًا على الاهتمام بمجلة تاجة وتخصيص حوار للحديث عن الموضوع.
المشروع هو مشروع منصة إعلامية هي الأولى من نوعها، باللغتين العربية و الفرنسية، التي تُعنى بالرياضة النسائية بالعالم العربي أو بشمال أفريقيا والشرق الأوسط. الفكرة من ورائها هي إلقاء الضوء على الاستحقاقات النسوية الرياضية ثم الترويج للرياضة لدى النساء والفتيات عامة لأهميتها بداية الصحية بطبيعة الحال لكن كذلك كأداة لتفعيل وتمكين مكانة المرأة في المجتمع بفرض والاهتمام بالذات إلى غير ذلك.
وأخيرًا، هناك كذلك اهتمام بالحديث عن الإعلاميات الرياضيات بدول المنطقة كونهن موجودات لكن لانتحدّث عنهن كثيرًا وقليلًا ربما ما نراهم في البرامج الرياضية وإن كان عددهن يزداد أكثر فأكثر كل يوم.
تاجة هي كلمة باللغة العربية تعني الإكليل الذي يوضع على الرأس، والمعنى هو نفسه معنى كلمة تاج إلا أن الكلمة المذكر التي هي تاج معروفة أكثر من الكلمة المؤنثة والتي هي تاجة.
وبالتالي فقد وجدت بأن ذلك يصف بالضبط ما نريد تقديمه عبر المنصة الإعلامية؛ أن الرياضة هي الرياضة لكن عندما يمارسها الرجال يُلقى عليها الضوء أكثر وبالتالي فهي معروفة أكثر من الرياضة عندما تمارسها النساء مثلها مثل كلمة تاجة.
الرمزية وراء إطلاق تاجة الرياضية في الثامن من مارس واضحة جدًا، ومع ذلك نريد أن نعرف ماذا يعني ذلك لكِ على المستوى الشخصي وما هي الرسالة التي رغبت في توجيهها من خلال إطلاق والإعلان عن تاجة في هذا التاريخ؟
الثامن من مارس ليس بالنسبة لي يوم المرأة كما يقال ولكن حقيقة هو اليوم العالمي للدفاع عن حقوق المرأة وإطلاق المنصة في هذا اليوم كان مهم جدًا لأنه يعني كل ما أؤمن به، أي للدفاع عن حقوق المرأة يجب اليوم اتخاذ مبادرات، فالحقوق تؤخذ غلابًا ولا تُعطى.
وبالتالي عوض أن أقول في الثامن من مارس من كل سنة أن الرياضة النسوية لا تحظى بالاهتمام مع العلم أن لدينا استحقاقات نسوية لكن لا نتحدث عنها، أن أجيالنا الجديدة والمقبلة تحتاج لأمثال يحتذى بها في الرياضة النسوية.
أردت أن أقدّم مبادرة، أقدم جواب وليس فقط أنتقد وأنتظر، بالنسبة لي هذا ما يلخص طريقة تفكيري في اليوم العالمي للمرأة في الثامن من مارس.
لاحظنا على تاجة تغطية لاستحقاقات وإنجازات رياضيات من مختلف البلدان العربية مع ملف خاص للرياضة النسائية المغربية، هل نستطيع أن نقول أن تاجة هي مجلة موجهة لكل العرب؟! وهل ستعملين على نشر وتوزيع الشق الورقي منها في دول عربية أخرى غير المغرب؟
نعم تاجة هي موجهة لكل الدول في المنطقة، سواء سكانها عرب أو أمازيغ أو أكراد أو غير ذلك، الفكرة فقط هو أن في كل عدد من المجلة، أغلبيته سوف تخصص لدولة من دول المنطقة، بما معنى أن في جميع الأعداد سوف تجدين مقالات مثلاً عن بطلات ونساء من كل الدول…
فإذا أخذنا العدد الأول على سبيل المثال، هناك نساء من العراق، لبنان، من الأردن وتونس…وغير ذلك. لكن خصصنا ملف خاص وكبير الذي يغطي تقريبًا ثلثي العدد للدولة الأولى التي اخترناها وهي المغرب.
بالتالي قررنا أن نخصص كل عدد لنشر هذه المعلومات، ففي كل مرة سندقق في الوضعية في دولة ما والفكرة أن نغطي جميع الدول بطبيعة الحال للحصول على هذه المعلومات ولنقل صورة حية ميدانية عما يحدث من سياسات عامة، من مبادرات جمعوية، من استحقاقات نسائية ومن اهتمام اجتماعي بالرياضة النسوية.
فقط أريد أن أذكر أن المجلة هي مجلة رقمية PDF Format موجودة على الموقع ويمكن تصفحها بشكل مجاني ولن يكون لها نشر ورقي في أي دولة حتى في المغرب فهي غير موجودة بالشكل الورقي، بداية لأسباب بيئية، وكذلك لنصل لأكبر عدد من سكان المنطقة.
لأننا نعرف أن استعمال الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي كبير جدًا في منطقتنا، بالتالي كان التوزيع الرقمي هو الأهم وأضيف فقط كما أشرت مسبقًا أن كل عدد من المجلة يركّز على دولة لكن الموقع يركز على جميع الدول وسوف يكون فيه محتوى أسبوعي يغطي جميع الدول وليس دولة واحدة.
هند صبري هي فنانة ومهتمة بقضايا المرأة، برز صوتها ودفاعها عن المرأة والفتاة العربية بقوة مؤخرًا، ما الذي يعنيه لك أن تكون هي عرابة العدد الأول لمجلتك وكيف تحقق هذا الأمر؟
نحن فخورون جدًا، وأنا شخصيًا فخورة جدًا بكون هند عرابة العدد الأول، هند صبري كانت من بين الشخصيات التي تحدثت لها عن المشروع قبل أن يكون مُتقّدمًا في إنشائه، ورحبت بالفكرة وكانت سعيدة جدًّا حين طلبت منها أن تكون عرابة العدد الأول.
طلبت من فنانة وهي ليست رياضية وإن كان لديها اهتمام كبير بالرياضة وهذا ما تشرحه في الحوار الذي أجريناه مع بعض.
لكن أردت أن ندخل إلى بيوت جميع السكان في المنطقة ونتحدث عن شخصية محبوبة لدى النساء ويمكن أن يستمعن إليها أكثر من شخصية رياضية فقط.
أردت شخصية مشهورة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لاسيما أنها اليوم من كبار النجمات في السينما المصرية وإن كان تونسية الأصل. وأردنا أن ننقل كذلك عبر شخصيات رياضية لكن أردت أن أنقل عبر شخصية فنانة مثلها، الحقيقة أنني فكرت فيها أكثر لأنها تدافع عن قضايا المرأة كفنانة أكثر منها لكونها ممثلة وسينمائية.
هند صبري كانت من بين ضيوفي في ‘ضيف ومسيرة’ برنامجي على فرانس 24، ونحن على اتصال منذ ذلك الوقت وأعتز بأن أقول بأنها صديقة وبالتالي طلبت منها عبر صداقتنا فقبلت بالموضوع.
ما الذي تأملين وعازمة على تحقيقه من خلال إطلاق مشروع إعلامي كهذا؟
كما قلت في البداية، إلقاء الضوء على الاستحقاقات الرياضية النسائية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، الترويج للرياضة لدى الفتيات والنساء منذ الصغر للتأكيد والتركيز على أهمية الرياضة بالنسبة لهن اجتماعيًا وصحيًا بطبيعة الحال وكذلك للحديث عن مواضيع ربما لا نراها في منصات أخرى.
وأذكر كمثال رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد كانت معنا في العدد الأول بطلة المغرب للتنس في الكراسي المتحركة وفي كل عدد سوف تكون معنا بطلة أو شخصية رياضية من ذوي الاحتياجات الخاصة وعلى الموقع دائمًا سوف نتحدث عن ذلك.
كما لدينا فقرة عن الاقتصاد والرياضة لأن الفكرة كما قلت هي تمكين المرأة لكن هي كذلك المشاركة في تفعيل دور المرأة في المجتمع وقد يكون ذلك عبر شق اقتصادي حيث ستكون لدينا فقرة أسبوعية إن شاء الله عن الاقتصاد والرياضة وأهمية الرياضة النسوية في بناء اقتصادات الدول.
كصحفية وإعلامية عربية بارزة، نرى أنك حرصت على إطلاق الموقع الإلكتروني، إلى أي مدى تؤمنين بأهمية الإعلام الرقمي اليوم وهل تعتقدين أن الصحافة الورقية كما يعتقد البعض سوف تندثر مع الوقت؟
بالنسبة للإعلام الرقمي، أعتقد أنه مهم جدًا وعلى الأقل استعمال الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي مهم جدًا، لكن هذا لا يعني أن كل من يفتح موقع يسمى بموقع إعلامي، فأخلاقيات المهنة سواء كانت على الورق أو على الإنترنت يجب أن تبقى هي نفسها.
لا أعرف حقيقة إن كانت الصحافة الورقية تندثر مع الوقت لكن أعتقد أن كل الصحف الورقية أصبحت لها مواقع اليوم لأنك تصلين إلى جمهور أكبر عبر الإنترنت.
لكن الأهم ليس هو الوسيلة هل هي رقمية أم ورقية، الأهم هو ما نقدمه من منتوج إعلامي، هو خلقيات المهنة التي نتعامل بها وهو المهمة التي تناط بنا كإعلاميين والتي نراها نحن كهدف نعمل من أجله.
ما العوامل التي ساعدت في تشكيل المرأة الرائدة والأيقونة الإعلامية التي تمثلينها اليوم؟
بداية لا أسمي نفسي أيقونة إعلامية وأركّز على هذا الموضوع، ما الذي ساعد في تشكيل مسيرتي سأقول، لا أعرف إن كنت امرأة رائدة أم لا! لكن ما ساعدني هو أولًا حب ما أعمله ودعم عائلتي وأهلي، وهو إيماني بأن كل من يضع أمام أعينه أهدافًا يمكن أن يصل إليها إذا صابر وجدّ من أجلها وهذا ما ساعدني في الحياة.
فعندما كنت أشتغل في المغرب أو عندما عدت إلى الدراسة وانتقلت إلى فرنسا. عملت وحصلت على منحة ولم تكن حياتي بسهولة كبيرة، بل عملت وكدحت لأصل إلى كل ما وصلت إليه اليوم وأنا فرحة بذلك.
وأعتقد أن على جميع الناس أن يقوموا بنفس الشيء وهو يجب العمل للوصول إلى ما وصلنا إليه لأن ذلك يسمح لكِ بأن تتذوقي أكثر النجاح الذي تبلغينه ولا يمكنكِ أن تضعي مسؤولية إخفاقاتك على ظهر أحدٍ آخر، فنحن مسؤولون عما نقوم به ويجب العمل والعمل الجاد لبلوغ أهدافنا.
والحياة في بعض الأحيان صعبة وتكون أصعب في بعض المناطق التي فيها أزمات وحروب وغير ذلك. فنحتاج دائمًا إلى مثل وقدوة نرى فيها مثال للنجاح والتي تسمح لك عندما تستيقظين كل صباح بأن تقولي ربما أصل إلى هذا المكان في يوم من الأيام.
من النادر جدًا أن لا يكون لدى كلّ شخص ناجحٍ قدوة أو مثال أعلى يتطلع له أو شخص واحد يحترمه بشدة. بما أنكِ أطلقتِ مُبادرة إعلامية كبيرة عن المرأة فهل بإمكانك استحضار امرأة واحدة فقط أثرّت بشكل كبير في حياتك الشخصية أو في مجال عملك أو هما معًا؟
بطبيعة الحال هناك العديد من الشخصيات الملهمة التي التقيت بها في حياتي الشخصية أو في حياتي العملية أو المهنية لكن قدوتي وإن طُلب مني استحضار امرأة واحدة فستكون جدتي رحمها الله ‘لالة كبيرة’ وهي جدتي من جهة والدي.
امرأة توفي زوجها وهي شابة في الثلاثينات تقريبًا، خلف لها العديد من الأطفال وخرجت من دور المرأة التي كان زوجها يعتني بها وبالعائلة وبكل شيء لتُصبح ربة البيت، قررت ألا تتزوج مرة أخرى وإن كانت تعيش في الأطلس وفي مجتمع محافظ إلى حد ما لكن فرضت نفسها وأصبحت من أهم شخصيات القبيلة والمكان الذي تعيش فيه وانتقلت بعد ذلك لتسكن في المدينة.
جدتي امرأة أمازيغية هي التي علمتني اللغة الأمازيغية وتعلمت بعد ذلك أن تتحدّث بالدارجة المغربية. وسواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة هي مثلي الأعلى وهي من علمتني على الأقل تكوين شخصيتي. وأكون فخورة حتى عندما عماتي وحتى والدي وبعض أفراد العائلة يرون أن هناك تشابه جسدي بيني وبينها رحمها الله.
توفيت جدتي بأسبوع قبل انطلاق قناة فرانس 24 وكان الأمر صعبًا بالنسبة لي لأنها واكبت العديد من محطات حياتي لكن لم تسمح الظروف أن تشاهدني على التلفزيون عندما بدأت بأول نشرة إخبارية. لكن أعتقد أنها تسهر علي حيث هي وتبقى القدوة الأهم في حياتي.
ما هو بصراحة رأيك الشخصي حول وضعية المرأة في الوطن العربي اليوم؟
سوف أرد على هذا السؤال محاولة أن أكون إيجابية وأقول أني فخورة بكوني امرأة في هذه المنطقة لأن رغم كل الصعوبات ورغم وجود مجتمعات محافظة وهناك في بعض الأحيان تحرش بالنساء والعديد منهن يُسلبن حقوقهن.
تبقى المرأة في هذه المنطقة امرأة تُدافع عن نفسها، وعن أبنائها والمجتمع، تبقى امرأة ذات شخصية فريدة من نوعها لم تستسلم أبدًا.
وهذا ربما يساعدنا في كل دول المنطقة على مواصلة الكفاح من أجل الحقوق التي يجب أن تكون لنا وإن لم تكن فهناك العديدات من النساء الرياديات اللواتي لازلن في بعض الأحيان يدافعن حتى بحياتهن عن حقوقهن وحقوق باقي النساء.
إقرأ أيضًا
البعض يرى أن هناك مبالغة في خطاب النسوية وأنها أصبحت عبارة عن سلاح أيدولوجي يُستخدم لخدمة أهداف راديكالية، ما هي أفكارك الخاصة حول موجة النسوية بشكلها الحالي في الوطن العربي وهل ترين أية فروقات في ما تُطالب به المرأة العربية ونظيرتها في البلدان الغربية؟
بالنسبة للنسوية، أنا سعيدة بأن أقول بأني نسوية وأعتقد بأن أي إنسان لديه عقل يجب أن يكون نسويًا، فما معنى النسوية؟ النسوية معناها فقط هو أنه يجب أن نتعامل مع النساء مثلهن مثل الرجال.
يعني لا يجب أن يكون هناك تفرقة بين الرجل والمرأة. من يرى أنها سلاح أيديولوجي يُستخدم لأهداف راديكالية، ردّي هو كالتالي:
هناك من الراديكاليين من قتل نساء، من عذّب نساء، من تحرّش بنساء، من اغتصب نساء، هؤلاء هم الراديكاليون. أما أن يكون للنساء صوت للدفاع عن حقوقهن و لو كان الصوت صاخبًا ولو عليَ صوتهن فقد حان الوقت أن يُسمع صوت النسويات. وإن اعتبر البعض أن ذلك راديكالية فهذه مشكلتهم ليست مشكلتنا نحن.
وكفى أن نعتقد كل مرة أن المرأة تُستخدم لأهداف بل المرأة لديها دماغ وتستخدمه هي لأهدافها وحان الوقت بأن يكون هدف الكل هو المساواة بين المرأة والرجل. ولا أتحدث عن المساواة في القوانين والأوراق وعلى الورق لأن هذا موجود في العديد من الدول لكن هذا لا يعني أنه يُطبق على الميدان.
لكن عندما أخرج في الشارع دون أن أخشى أن يتم التحرش بي أو اغتصب. عندما أدخل إلى عمل وأعرف أن لا أحد يتسائل إذا كنت إمرأه أو رجل وسوف يغير طريقة تعامله معي إذا كنت امرأة آنذاك سوف نكون قد بلغنا المساواة ونحن بعيدون كل البعد عن ذلك حتى اليوم.
بالتالي فكل من يقول أن هناك راديكالية في الخطاب النسوي، أقول له من الأحسن أن تهتم بالراديكالية الحقيقية التي تروح ضحيتها نساء وليست ما تسميه أنت بالراديكالية التي تجعل النساء يدافعن عن حقوقهن اليوم.
المرأة تطالب أينما كانت ..كما قلت بهذه المساواة، بطريقة التعامل، بحرية التحرك، بالحرية في جسمها، بالحرية في اختياراتها ولا نريد أن يُفرض عليها من طرف العائلة أو المجتمع. نفس الطريقة التي نربي بها الولد يجب أن نربي بها البنت ..فلا يمكن أن نقول لا هناك تقاليد ..نفس المبادئ التي نلقنها للولد يجب تلقينها للبنت.
لا علاقة للجنس بالتربية. فكونها امرأة لا يعني أن تخفض صوتها ولا تتحدث ولا تأخذ مبادرات، الأهمية تكمن في التربية وهي نقل المبادئ للأبناء وهذا الموروث هو الأهم، فليس هناك فرق إن كانت بنت أو لد، وهذا ما تطالب به المرأة في العالم سواء كانت عربية أو غير عربية.
ما هي القضايا أو المجالات الأخرى غير الرياضة النسائية التي تعتقدين أنها حازت على اهتمام إعلامي ضئيل؟ وما الذي يمكن لصناع المحتوى الرقمي العربي القيام به برأيك لإبراز أكبر لهذه المواضيع؟!
عبر ‘ضيف ومسيرة’ برنامجي على فرانس 24، استقبلت تقريبًا 600 شخصية من كل دول المنطقة، نصفها من النساء على الأقل، استقبلت نساء من الرياضة، من عالم المال والأعمال والفن وغير ذلك، هناك العديد والعديد من المجالات التي فيها اهتمام إعلامي بالمرأة ضئيل.
مثلاً عندما تشاهدين برنامج تلفزيوني ويكون الموضوع سياسي أو اقتصادي، ترين مائة بالمائة من الضيوف في الأغلب من الرجال، رغم وجود كفاءات سياسية واقتصادية ومالية لدى النساء، فهو ما يعتبره المجتمع أنه مجال ذكوري.
فعندما نتحدث عن الموضة، عن حقوق المرأة، والعائلة نرى النساء …ولكن عندما نتحدث عن البزنس، المال والاقتصاد، وعن السياسة وكل هذه الأمور الجدية نرى رجالاً فقط في الإعلام.
ولا نرى اهتمام حتى بالكفاءات الموجودة، فهناك العديد من سيدات الأعمال الناجحات في العالم العربي، هل نراهن كثيرًا في الإعلام؟ لا أعتقد، على الأقل لو قمنا بمقارنة فلن تجدي نفس الشيء.
هناك اهتمام ضئيل بالسياسيات مثلًا، ليس فقط المعلقات ولكن السياسيات المتواجدات، نتحدث ربما عن المجتمع المدني لكن ليس عنهن.
المشكل هو إن لم تكوني ترين سياسيات، اقتصاديات أو سيدات أعمل في الإعلام، كيف يمكن أن نعطي فكرة للجيل الجديد والفتيات الصغيرات أنه يمكن أن تصلي إلى أي مكان تحلمين به وتبلغي أي مهنة تريدين أن تمتهينيها، لأن الفتاة الصغيرة إن لم ترى أمثلة في الإعلام فهي ستعتقد أن هذا العالم ذكوري.
وكفى اليوم من هذا العالم الذكوري، لاسيما أن هذا ليس نضال جمعوي فقط بل اليوم أثبتت الدراسات أن المساواة بين الرجل والمرأة وتمكين وتفعيل دور المرأة في المجتمع له مردود اقتصادي وردة فعل مباشرة على اقتصاد الدول. كفى أن نرى العالم بعين واحدة ونمشي برجل واحدة، للتوازن يجب الاثنين.
كيف ترين تاجة الرياضية في المستقبل؟ وهل سنرى فريق تاجة الرياضية في أوائل صفوف الصحفيين الرياضيين لتغطية أحداث وفعاليات رياضية عربية أو عالمية حيث تشارك المرأة والفتاة العربية؟
أرى أنه سوف نصل في الخمس سنوات المقبلة إن شاء الله إلى مجلة شهرية تغطي كل الأخبار التي تخص الرياضة النسوية.
حتى اليوم بما أننا في مجلة نصف سنوية رغم أن هناك موقع الذي يهتم ليس فقط بتغطية آخر الأخبار بل محتوى يحفّز الفتيات والنساء سواء من خلال الاستحقاقات الرياضية أو تشجيعهن على ممارسة الرياضة.
لكن نتمنى طبعًا أن نشارك وسوف نكون حاضرين في الأحداث والفعاليات العالمية لتغطيتها بطريقتنا نحن، ليس فقط الأخبار اليومية لكن لننقل قصص النجاح التي يمكن أن تكون أمثلة يحتذى بها بالنسبة للفتيات والأجيال المقبلة.