قضايا المرأة

هل تُعَوّض تطبيقات المواعدة الإلكترونية طرق الارتباط التقليدية؟

هل تُعَوّض تطبيقات المواعدة الإلكترونية طرق الارتباط التقليدية؟
شارك الموضوع

اعتاد الشباب العربي في الماضي القريب على الطرق التقليدية للزواج.

كانت إحدى هذه الطرق قائمة على لقاء وتعارف في بيت أحد الطرفين في كثير من الأحيان، إلى أن انتشرت مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة الإلكترونية في العشر سنوات الأخيرة، وباتت هي رُبّان السفينة الذي يتحكم بمقاليد الأمور.

ويمكن بذلك اعتبار تطبيقات المواعدة وليدة ثورة مواقع التواصل الاجتماعي على عكس أدبيات الثقافة الشعبية القديمة التي كان لا غنى عنها في مباركة العلاقات العاطفية في نظر الآباء والأمهات!

هل تقتل تطبيقات المواعدة الإلكترونية الرومانسية؟

ليست هناك إجابة محددة للأسئلة التي تربط بين غياب الرومانسية وانتشار تطبيقات المواعدة الإلكترونية.

إذ أن ذلك سيختلف بحسب كل تجربة، ومدى نجاحها أو فشلها، وإذا كنت من مرتادي موقع المواعدة الأشهر Tinder وغيره، ربما يكون لك رأي خاص في هذه المسألة، والذي سيعتمد بدرجة كبيرة على ما إذا كان لك تجربة شخصية على مثل هذه المواقع والتطبيقات!

ويمكنك اعتبار كل مواقع وتطبيقات المواعدة الإلكترونية مثل سوق ضخم يزدحم يوميًا بعلاقات عاطفية لا نهاية لها، لقد أحدث كل ذلك حراك غير طبيعي في الاعتراف بالعواطف الجياشة لآخرين.

يمكنك بضغطة زر أن ترسل كلمة: ‘أحبك’ لشخص ما وفي الأسبوع التالي بل اليوم التالي، ترسلها لشخص آخر، كل ذلك أصاب الكثيرين بالارتباك وأحدث هزة أرضية في مفهوم الرومانسية!

وفي حين أنه لا يزال من المحرج إلى حدٍ ما الاعتراف للأهل باستخدام تطبيق مواعدة عند الوصول لمرحلة الارتباط الرسمي، فإنه من غير المعروف للآلاف ما إذا كانت مثل هذه التطبيقات يمكن أن تقود الزواج لبر الآمان في المستقبل.

وما إذا كان يمكن الاعتماد عليها لتضفي طابع الرومانسية للأبد على العلاقات العاطفية!

إقرأ أيضًا

الجانب السلبي في تطبيقات المواعدة الإلكترونية

الدور الرئيسي الذي لعبته بجدارة تطبيقات المواعدة الإلكترونية هو التغلب على رهاب الأسماء وتوفير الزمن واختصار الطريق الطويل للتعارف، غير أن تلك الميزة الرومانسية الحالمة قد تنقلب عيبًا في أقرب لحظة!

وذلك ببساطة لأن العلاقات العاطفية مثل مولودك الأول، فهو بحاجة للزمن الكافي للنمو والتغذية والشعور بالأمان والثقة المُتبادلة، ومتى اختصرنا كل تلك المسافة سيقع الخلل حتمًا لا محالة!

ونحن نعلم، أن معظمنا يقضي وقته على وسائل التواصل الاجتماعي عبر فيسبوك وتويتر، وتحميل صوره الشخصية على إنستغرام، وإبلاغ من حوله عن الطعام والموسيقى والفيلم المفضّل له.

وكلنا يعلم أن البعض أو أغلبنا يُزيّف في سبيل ذلك بعض الحقائق أو ربما كل الحقائق أو يُجمّلها، ولذلك من يضمن لنا أن تكون رومانسية تطبيقات المواعدة الإلكترونية مبنية هي الأخرى على التزييف؟!

“تموت الرومانسية إلا في خطابات السياسة” قد تبدو هذه العبارة صحيحة إلى حد بعيد.

فالعلاقات العاطفية عبر الإنترنت عمومًا، يمكن اعتبارها كالتجارة، تعتمد على العرض والطلب فقط، والحديث بجدّية عن رومانسية مثل هذه العلاقات ونجاحها في الوصول حتى خط النهاية ربما لا يصبح له قيمة، في غياب المعرفة الحقيقية الكامنة وراء السر الذي قد يدفع شخص للتخفي خلف الإنترنت بحثًا عن الزواج!

النسوية وتطبيقات المواعدة الإلكترونية

قد تجد في بعض المدوّنات اعتراضات من بعض النسويات العربيات على بعض السلوكيات المتداولة في تطبيقات المواعدة الإلكترونية، وأغلبها يدين عدم جدية بعض الشباب عبر مثل هذه التطبيقات وما يتبع ذلك من انتهاء العلاقات العاطفية قبل حتى أن تبدأ!

إن العدوان الذكوري على الكيان الأنثوي موجود في كل مكان، غير أن الملاحظ أن العالم الافتراضي الذي تتيحه شبكة الإنترنت قد أعطى الفرصة لكل المتلاعبين بالعواطف والمشاعر التي يتم استهلاكها سريعًا، كأنها مجانية بلا حسيب ولا رقيب يُخضعها للمساءلة!

والكثير من النسويات ناقشن على الملأ تجاربهن العاطفية المسمومة برجال تلاعبن بمشاعرهن، وكانوا السبب في رحلة علاج سيئة لهن، للتعافي من علاقة لم يكن لها من الأساس أن تنشأ. وكمؤمن بمبادئ النسوية، يمكنني القول أن ذلك قد ازداد في أعقاب حملة #metoo.

لا شك أن هناك بعض الرجال الجيّدين والمُحترمين على تطبيقات المواعدة الإلكترونية، لا شك في ذلك أبدًا، وكذلك الأمر بالنسبة للفتيات والسيدات، ولا شك عندي، في اكتمال تجارب الكثيرين عبر الإنترنت عمومًا بالزفاف والسعادة، ولكن لا يمكن أن نغض الطرف، عن التجارب السيئة التي حمل أصحابها على أكتافهم مرار التجربة لسنوات!

الخوف الدفين من مبادئ النسوية

قلة من الرجال يفهمون المبادئ الأساسية للنسوية ويسعون لتحقيق ما يمكن تسميته شراكة حقيقية عبر تكوين أسرة مستقرة تعتمد على كل من الرجل والمرأة لا الرجل بمفرده!

فالنموذج الكلاسيكي للمواعدة بين الرجل والمرأة كان في السابق وحتى الآن يعتمد على مدى قوة الرجل، وثرائه وقدرته الجنسية. ويعتمد على القدر الذي تتمتع به المرأة من جمال وسهولة انقياد وخضوع لرغبات الرجل.

وهو الأمر الذي انتقل لساحات تطبيقات المواعدة، الشيء الذي ترفضه النسوية وتدينه بشدة!

والمفارقة في هذا، هو أن بعض الفتيات العربيات يخفن من الاعتراف بحقيقة أفكارهن عن النسوية عبر تطبيقات ومواقع المواعدة، يقلقن من الصدام المتوقع و”طيران” الزوج المنتظر.

ولذلك فمن المطلوب، أن تعترف الفتاة بحقيقة مشاعرها وأفكارها وحقيقة خوفها المسيطر عليها، وأن تحدد في قرارة نفسها ما إذا كانت تريد المواعدة والحديث العابر عبر الإنترنت فحسب، أم الزواج وتكوين أسرة مستقرة!

والحقيقة هي أنك لست مضطرًا لتجعل الآخرين يؤمنوا بمثل ما تؤمن به، عليك فقط أن تدافع عما يستحق أن تؤمن به، وفي العلاقات العاطفية لا مهرب من المصارحة بحقيقة أدوار كل طرف من طرفي العلاقة في تحديد مسؤولياته والتزاماته.

ليست هذه فقط هي مبادئ وأفكار النسوية فحسب، بل هي بديهيات المنطق في العلاقات الإنسانية، لاسيما إن أردنا تكوين أسرة مطمئنة لا يضربها غياب الاستقرار في مقتل!

هل ينجح الزواج عن طريق تطبيقات المواعدة؟

نقضي يوميًا زمنًا طويلًا في المقارنة بيننا وبين الآخرين على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

وليست مفارقة بعيدة عن الذهن، أن ذلك قد يصاحبنا بعد إتمام الارتباط وتكوين أسرة، فكما أن الشاب والفتاة يقعان في حب بعضهما سريعًا بعد عدة منشورات ودردشات بينهما، قد يجد الطرفان أن ما بينهما لا يزيد عن كونه علاقة عاطفية افتراضية مثل تطبيقات المواعدة الافتراضية!

وإذا توصل الطرفان لمثل هذه النتيجة البائسة أو ما يقاربها، قد يجد الاكتئاب طريقه لعش الزوجية، الذي كان من المفترض أن تظلله السعادة المزعومة عبر الوعود المعسولة في الماضي، والتي كانت تتم عبر رسائل نصية لا تتوقف إشعاراتها عن الضجيج حتى ساعات الليل المتأخرة!

واسأل نفسك إذا مررت بهذه التجربة ووصل ما بينكما إلى هذه الدرجة، هل يمكن حينها ترميم العلاقة العاطفية والبدء من جديد!

المفاجأة التي لا يتوقعها الطرفان، أنه في هذه اللحظة يتعرفان على بعضهما بشكل آخر مختلف، يرى كلاهما حقيقة الآخر دون تجميل، وفي اللحظة التي يؤمنان فيها بضرورة إعمال العقل من جديد، يمكن لكليهما رؤية ميزات في الآخر بشكل ربما يتجاوز توقعاته!

إن إعمال العقل في مثل هذه المواقف هو كرصاصة الرحمة لأي اكتئاب ناجم عن سرعة الارتباط، ورصاصة الرحمة لمحاولات هدم الأسرة الجديدة الناشئة.

إن الأمر الذي يعزز شعورنا بالسعادة والرضا، هو عدم إغفال ما للطرف الآخر من إيجابيات، والفكرة الشائعة بعدم وجود سلبيات في الأسرة الناجحة المستقرة هي فكرة خاطئة وساذجة للغاية، فنجاح الأسرة هي عملية مستمرة تنمو مع الوقت ولا تتوقف!

إقرأ لنفس الكاتب

إلى أي مدى نجح تطبيق هوايا في تكوين علاقات مستقرّة؟

شيماء علي هي واحدة من الشركاء المؤسسين والمتحدثة الرسمية في “هوايا“، وهو واحد من أبرز تطبيقات المواعدة العربية.

وقد أمضت شيماء ما يزيد على العشر سنوات من مسيرتها كمسؤولة تدريب في مكتبة الإسكندرية في مصر ، وساعدها ذلك في التواصل مع مئات الأفراد من الشباب والفتيات سنويًا!

وفي حوارها الحصري مع المجلة، قالت شيماء علي أن الكثير من منصات التعارف العربية تفتقر إلى الجدية وإلى المفردات السليمة للتعارف الصحي، وهو الأمر الذي ظهر في خوارزميات تطبيق هوايا، الذي اهتم بتوثيق جميع الأعضاء الجدد باستخدام خاصية التحقق الذاتي بصورة شخصية منعًا لاحتمالات التلاعب وتزييف العلاقات العاطفية.

أحاول مع زملائي في إدارة التطبيق، أن نوفر الحلول المتاحة في رحلة البحث عن زواج، ويصلنا يوميًا عشرات الرسائل من أمهات، يسألن عن طريقة استخدام تطبيق هوايا لبناتهن. أشعر بالامتنان لترحيب العالم العربي بتجربتنا الرائدة للتعارف وبقصص الارتباط الناجحة التي تمت من خلال هوايا.

ترى شيماء علي أن “هوايا” نجح بدرجة معقولة في تكوين زيجات ناجحة وأسر مستقرة، ورغم ما يشوب بعض التجارب من فشل، إلا أن التطبيق فتح الباب لمئات بل وآلاف من الشباب العربي الذي يبحث عن فرص غير تقليدية للزواج.

وعبر منصات التطبيق على فيسبوك وإنستغرام، يتم تقديم خدمات استشارية عبر مجموعة واسعة من المقالات التي تتناول النصائح اللازمة في العلاقات العاطفية، وكيفية تجاوز التجارب التي لم يحالفها التوفيق.

أنصح الشباب بالجدّية التامة، وعدم اللعب بمشاعر الفتيات، الأمر أخطر من مجرد التلاعب بمشاعر الغير، قد تدمر الصحة النفسية لشخص وأنت لا تدري، الجدّية هي عنوان تكوين الأسرة المستقرة.

شيماء علي

وفي النهاية، لا أستطيع الجزم ما إذا كانت العلاقة العاطفية عبر تطبيقات المواعدة الإلكترونية هي الخيار الأمثل لك.

أنت وحدك يمكنك تحديد ذلك، ولكن إذا كنت يومًا على أعتاب طرق أبواب أحد هذه التطبيقات الإلكترونية، فما عليك سوى أن تلتزم بالجدّية التامة والابتعاد عن تزييف حقيقتك وعدم التلاعب بمشاعر الآخرين سواء كنت رجل أو امرأة.

شارك الموضوع
فريق يارا

فريق المحرّرين بموقع «يارا».