ألم ينهش في جسدي بالكامل، يجعلني غير قادرة على ممارسة يومي، حتى أن شكلي تغير، وزني ازداد بشكل ملحوظ، ودورتي متقطعة، وعندما تأتي يصاحبها المزيد من الألم الذي يفوق الاحتمال، مما جعلني أفقد الثقة بنفسي وقلب حياتي رأسًا على عقب.
هذا ملخص مختصر فقط للعشرات من الشهادات التي قرأنا عنها واستمعنا لها لكي نعرف أكثر عن الواقع الخفيّ لمرض يطيح بصحة ومعنويات العديد من النساء ويؤثر بشكل سلبي على جودة حياتهن.
هذا هو حال واحدة من كل 10 نساء في العالم ممن يعانين من مرض صعب التشخيص والفهم يقلب حياتهن رأسًا على عقب.
ورغم كون الكثيرات يتعايشون مع هذا الذي ينهش في أجسادهن إلا أن القليل منهن من تكتشفنه والأقل ممن تتعالجن منه لعدم وجود علاج واضح له.
إنه مرض متلازمة تكيس المبايض – Polycystic ovary syndrome الذي انتشر بشكل كبير في الآونة الأخيرة.
متلازمة تكيس المبايض مرض شائع في سن الإنجاب
متلازمة تكيس المبايض هو أحد اضطرابات الغدد الصماء الشائعة الانتشار بين النساء في سن الإنجاب الناتجة عن اختلال هرمونات التكاثر.
حيث تصاب واحدة من كل 10 نساء بهذا المرض في العالم، أي ما يقرب من 10 إلى 15% وقد تصل إلى 20% في بعض المجتمعات من النساء في سن الإنجاب (15 -44 سنة) وأكثر من نصف هؤلاء النساء ليس لديهن أعراض.
وهو عبارة عن أكياس تتشكل بسبب تراكم السوائل في غشاء رفيع داخل المبيض، ويختلف حجم تلك الأكياس من صغير الى كبير يقارب حجم حبة البرتقال.
وتصاحب تلك المتلازمة المرضية إصابة أنظمة أخرى مثل الجهاز التناسلي ونظام التمثيل الغذائي ونظام الأوعية الدموية والقلب بالإضافة للجلد والشعر.
أهم الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بتكيس المبايض
تتعرض النساء في جميع أنحاء العالم للإصابة بمتلازمة تكيس المبايض، ورغم عدم معرفة السبب الرئيسي للإصابة.
إلا أنه قد يزيد خطر التعرض له إذا كانت السيدة مصابة بالسمنة وداء السكري أو لديها أم أو أخت أو عمة مصابة بمتلازمة تكيس المبايض، حيث أنه غالبًا ما يحدث في العائلات، ولكن هناك عدة عوامل قد تكون سببًا في الإصابة وهي:
زيادة الأنسولين بالجسم
الأنسولين هو المصدر الأساسي للطاقة داخل الجسم، والذي يتم إنتاجه داخل البنكرياس مما يسمح للخلايا باستخدام السكر.
وإذا قاومت الخلايا عمل الأنسولين، ترتفع بالتالي مستويات السكر في الدم، فينتج الجسم المزيد من الأنسولين بدوره للتغلب على ذلك.
وتؤدي زيادة الأنسولين تلك إلى زيادة إنتاج هرمونات الذكورة (الأندروجين) مما يصعّب عملية التبويض (الاباضة).
العامل الوراثي
تعتبر أهم الأسباب الأساسية للإصابة بمتلازمة تكيس المبايض حيث أثبتت الدراسات أن هناك أنواع معينة من الجينات ربما تكون لها صلة بالمبيض متعدد الكيسات.
التهاب منخفض الدرجة
أظهرت الأبحاث أن النساء المصابات بهذا المرض لديهن نوع من الالتهاب المنخفض الدرجة وهو مصطلح يتم استخدامه لوصف إنتاج خلايا الدم البيضاء من المواد لمكافحة العدوى الشيء الذي يحفز المبيضين على على إنتاج المزيد الأندروجينات التي تؤدي بدورها إلى حدوث مشاكل في القلب والأوعية الدموية.
الأندروجينات الزائدة
تسمى الأندروجينات أيضًا “الهرمونات الذكرية”، حيث أنها تتحكم في تطور الصفات الذكورية مثل الصلع الذكري.
وتصنع النساء عادة كميات صغيرة من الأندروجينات، إلا أن المصابات بمتلازمة تكيس المبايض لديهن عدد أكبر من الأندروجينات أكثر من المعتاد.
مما يجعل هناك صعوبة لديهن في إطلاق البويضة خلال الدورة الشهرية، كما أنها قد تسبب زيادة نمو الشعر وحب الشباب.
متلازمة تكيس المبايض و أبرز أعراضها
رغم أن حالات الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض لا ترافقها أي أعراض، إلا أن هناك بعض الحالات التي تصاحبها أعراض تلك التي قد تتشابه مع حالات أخرى.
وتظهر عادة في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينيات، ولهذا من الضروري الرجوع للطبيب المختص من أجل الحصول على التشخيص المناسب والدقيق، وتلك العلامات هي:
عدم انتظام وألم في الدورة الشهرية
يعتبر هذا العرض أهم أعراض متلازمة تكيس المبايض.
حيث أن الدورات الشهرية غير المنتظمة والنادرة أو الطويلة أكثر العلامات شيوعًا للإصابة بهذا المرض.
فقد تمر المرأة المصابة بتسع دورات فقط في السنة وأحيانًا أقل من ثمانية، وأكثر من 35 يوم بين الدورتين، أو قد تأتي كل 21 يومًا أو أكثر وقد يكون دم الحيض غزيرًا للغاية بشكل غير طبيعي، مع وجود ألم شديد عند نزوله.
ألم الحوض
وجود ألم شديد في منطقة الحوض بشكل متواصل.
عدم توازن الهرمونات خاصة الأندروجين
من أعراض متلازمة تكيس المبايض، عدم اتزان هرمونات الجسم بشكل ملحوظ.
خاصة هرمون الذكورة المعروف باسم الأندروجين هذا الذي يؤدي الى ظهور علامات جسدية غير مرغوبة، مثل (الشعرانية) تلك التي تعاني منها 70% من النساء المصابات بالمتلازمة.
حيث تؤدي الى ظهور الشعر بغزارة في الوجه والصدر والظهر والأرداف، وأحيانًا ترقق الشعر أو الصلع والبشرة الدهنية وانتشار حب الشباب، كما أن اضطراب الهرمونات يؤدي إلى تغير حجم وحساسية الثدي.
عسر الجماع
حيث تعاني المرأة المصابة بألم شديد خلال الجماع وشعور بعدم الراحة في منطقة البطن بعده.
تكيس المبايض
حيث يتضخم المبيضان ويمتلئان بالتكيسات المملوءة بالسوائل (البصيلات) التي تحيط بالبويضات، مما يؤدي إلى فشلهما في العمل بشكل منتظم، وهذا بدوره يؤدي في بعض الحالات إلى صعوبة الحمل.
الزوائد الجلدية وسواد الجلد
هي سدادات صغيرة زائدة من الجلد في الإبطين أو منطقة الرقبة، هذا إلى جانب سواد الجلد على طول تجاعيد الرقبة، وفي الفخذ وتحت الثدي.
مشاكل في الأمعاء والتبول
المصابة بمتلازمة تكيس المبايض قد تشعر بالألم الشديد خلال عملية التبرز، بسبب الضغط المتزايد على الأمعاء، كما أن لديها حاجة مستمرة لذلك.
بالإضافة إلى بعض المشاكل في التبول أيضًا الذي قد يكون متكرر طوال اليوم.
مضاعفات أخرى لم تكن في الحسبان
وجدت بعض الدراسات ارتباط متلازمة تكيس المبايض بمشاكل صحية أخرى لدى النساء المصابات ومن بينها:
داء السكري: أكثر من 50% من النساء المصابات بمتلازمة تكيس المبايض يعانين من مرض السكري أو مقدمات السكري.
ارتفاع ضغط الدم: حيث أن النساء المصابات بتلك المتلازمة أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنة بالنساء اللاتي لسن مصابات من نفس العمر، من المعروف أن ضغط الدم المرتفع من أهم الأسباب الرئيسية لأمراض القلب والسكتة الدماغية.
الكوليسترول غير الصحي: غالبًا ما تكون لدى النساء المصابات بتكيس المبايض مستويات أعلى من الكوليسترول الضار (LDL) ومستويات منخفضة من الكوليسترول الجيد (HDL)، وبدوره يزيد الكوليسترول من ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.
الاكتئاب والقلق: شائعان جدًا بين المصابات بمتلازمة تكيس المبايض.
توقف التنفس أثناء النوم: حيث أن النساء المصابات بهذا المرض يعانين من زيادة الوزن والسمنة الذي قد يسبب في توقف التنفس أثناء النوم بشكل لحظي ومتكرر، وقد يزيد هذا من فرص الإصابة بمرض القلب والسكري.
سرطان بطانة الرحم: تزيد مشاكل الإباضة والسمنة ومقاومة الأنسولين والسكر من خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم.
جرّب قراءة هذا المقال أيضًا
وإمكانية الحمل… الأمل موجود دائمًا
“التكيسات قد تحرمك من الإنجاب”
تلك الجملة التي تسمعها الكثير من الفتيات عندما تزرن طبيب النساء يكتشفن أنهن قد يُحرمن من أفضل شيء ممكن بالنسبة لهن في الحياة وهو الأمومة.
مما يتسبب في انهيار الكثيرات، ويؤدي إلى انفصال أخريات وتدمير حياتهم الأسرية، ومنهن من تفكر في اللجوء إلى علاجات الإخصاب في المختبر أو ما يسمى أطفال الأنابيب لتعويض هذا النقص.
ولكن وفق الكثير من الحالات فإن التكيسات لا تعيق بشكل مؤكد الحمل.
حيث يقول الخبراء أن تكيسات المبايض قد تؤدي إلى تأخر الحمل بسبب عدم قدرة المبايض على إنتاج البويضات بشكل منتظم مما يجعل فرصة الحمل أضعف.
ولكن هذا لا يمنع الحمل بشكل مطلق، ورغم أن التكيسات مسئولة عن % 25-30 من نسبة العقم بين السيدات إلا أنها ليست السبب الرئيسي، وهناك علاجات اتبعها الكثيرون للحد من ضعف التبويض مثل منشطات التبويض.
علاجات تخفف من وطأة المرض وتيسّر إمكانية الشفاء
لم يتوصل الطب الحديث حتى الآن إلى الأسباب الواضحة التي تؤدي إلى الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض، مما قد يقلل من التشخيص والعلاج.
وبالتالي فإن العلاج يتم بالأساس على الأعراض المصاحبة للمرض ومن تلك الطرق التي ينصح بها الطبيب:
– اتباع نظام غذائي صحي للحفاظ على الوزن وفقدانه بشكل طبيعي، هذا ما يجعل فترات الدورة الشهرية طبيعية ويمكن أن يقلل من نمو الشعر والاكتئاب.
– ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم، خاصة تلك التي تساعد على ضخ الدم للقلب، وتقوية العضلات.
– تناول الأدوية التي تساعد في تخفيف الأعراض المصاحبة للمرض والمحافظة على توازن هرمونات الجسم، منها الأدوية المخصصة لعلاج حب الشباب، وهنا من واجبنا التحذير بعدم تعاطي أي أدوية إلا بوصفة الطبيب المُعالج.
– التخلص من الشعر الزائد باستخدام الوسائل العديدة التي تساعد على ذلك.
-الابتعاد عن التدخين و الكحوليات نهائيًا بشتى أنواعها وأشكالها.
– أدوية متخصصة لعدم انتظام الدورة الشهرية ومشاكل الخصوبة والتي يتم أخذها بإرشاد الطبيب المختص، وفي بعض الأحيان يكون هناك احتياج لعملية جراحية بسيطة تسمى حفر المبيض بالمنظار (LOD) في حالة لم تكن أدوية الخصوبة ذات فعالية.
كان هذا المقال واحد من مجهوداتنا لمنح المصابات القوة عن طريق المعرفة، معرفة تفاصيل هذا المرض بهدف التوصل إلى طرق التعامل معه والتغلب عليه.
فمع العلاج والمتابعة مع المختص تتمكن الكثير من المصابات بمتلازمة تكيس المبايض من الحمل وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
وفي حالة المعاناة من الاضطرابات المزاجية الحادة كالقلق والوسواس يمكن الاستعانة بالاستشارات النفسية وطلب دعم الأصدقاء.
اكتشاف الحالة مبكرًا قد يجنب الكثير من المشاكل ويعطي الفرصة أكبر للشفاء بشكل أسرع، صحة المرأة أمر لا يجوز الاستهانة به.