حياة

القطايف… “تعويذة” رمضان السحرية!

القطايف… “تعويذة” رمضان السحرية!
شارك الموضوع

مع حلول شهر رمضان المبارك كل عام، تتداعى إلى أذهاننا زينة رمضان، والفوانيس، والوجبات الشهية اللذيذة، وتقفز إلينا من غياهب الذاكرة مشروبات التمر هندي والكركديه، وإذا كان لشهر رمضان تعويذة سحرية للحلويات، فمن المؤكد أنها ستكون القطايف!

فالقطايف منافس قوي على موائد الإفطار والسحور في ليالي رمضان، إنها الحلوى الرمضانية الأكثر شهرة في العالم العربي!

القطايف. . . تاريخ حافل!

 جاء اسم “قطايف” من كلمة “قطيفة”، أي الشيء ناعم الملمس، وتشير بعض الروايات التاريخية إلى أن أصلها يعود إلى عصر المماليك، حيث كان يتم تقديمها محشوة للضيوف.

ويعتقد البعض أنها أقدم تاريخيًا من حلوى الكنافة.

والواضح من الروايات التاريخية المتعددة ذات الصلة، أن أصل هذه الحلوى الرمضانية مما اختُلف فيه، وهناك دلائل قوية تشير لكونها تعود إلى العصر الأموي، حيث كان الخبّازون يصنعونها للأمير، لينالوا رضاه، وكانت تقلل من شعور الأمير بالجوع، إذا تناولها بالليل.

ويؤكد البعض أن الأندلسيين هم أول من ابتكر حلوى القطايف، فقد ظهرت، أول ما ظهرت، في إشبيلية وغرناطة، ومنها انتقلت إلى المنطقة العربية.

والبعض يؤكد أنها إنما ظهرت في العصر العباسي، وهناك روايات تشير للحقبة الفاطمية كأول زمن بدأ فيه الاهتمام بتصنيع هذه الحلوى، ورغم ما يبدو من اختلاف بين هذه الروايات التاريخية، إلا أن الشاهد منها جميعًا أن القطايف من أشهر الحلوى العربية وأقدمها أيضًا!

القطايف في قصائد الشعراء!

لم يقتصر وجود حلوى القطايف على الموائد الرمضانية فحسب، بل إنها أصبحت متداولة على ألسنة شعراء العرب.

وقد جاء ذكرها في عدد من الأغنيات والقصائد العربية، فارتباطها بطقوس رمضان المُحببة إلينا جعلها من علامات التراث العربي القديم.

وقد نظم الشاعر، أبو الحسن الجزار، عدة أبيات شهيرة في شأنها، ومنها:

ترى اتهمتني بالقطايف فاغتدت تصد اعتقادًا أن قلبي خانها
ومنذ قاطعني ما سمعت كلامها لأن لسانى لم يخاطب لسانها

وقد نظم ابن عنين في القطايف العديد من الأبيات في وصف محاسنها، ومنها:

وتقول إني بالفضيلة أجدر طويت محاسنها لنشر محاسني
كم بين ما طوي وآخر ينشر لحلاوتي تبدو، وتلك خفية
وكذا الحلاوة في البوادي أشهر

وكان ابن نباته يحب القطايف وينظم فيها القصائد، ومنها قوله:

وقطائف رقت جسومًا مثلما غلظت قلوبًا فهي لي أحساب
تحلو فما تعلو ويشهد قطرها الـفياض أن ندى على حساب

القطايف. . القرين التاريخي للكنافة

ورد ذكر القطايف، جنبًا إلى جنب مع الكنافة، في قصائد ابن نباته، الشاعر المصري، وفي قصائد الإمام البوصيرى، وأبو الهلال العسكري، والمر صفى، وعديد من الشعراء والأدباء المصريين.
وكانت الكنافة قرينًا شديد الارتباط بالقطايف في قصائد شعراء العرب.

يقول ابن نباته في الجمع بين محاسن القطايف والكنافة:

أقول وقد جاء الغلام بصحنه عقيب طعام الفطر يا غاية المنى
بحقك قل لي جاء صحن قطائف وبح باسم من أهوى ودعني من الكنى

وقد نظم سعد الدين العربي، هذه الأبيات، في وصف ما للقطايف والكنافة من هيئة مميزة:

قال القطائف للكنافة ما بالي أراك رقيقة الجسد
أنا بالقلوب حلاوتي حشيت فتقطعي من كثرة الحسد

وبخلاف القطايف، كانت الكنافة في عهد ابن رفاعة حكرًا على الأغنياء ووجهاء الناس فقط، ومن شدة ندرتها طلبها الشاعر المصري، الجزار، من أحد الوجهاء، فقال:

أيا شرف الدين الذي فيض جوده براحته قد أخجل الغيث والبحرا
لئن أمحلت أرض الكنافة إنني لأرجو لها من سحب راحتك القطرا
فعجل بها جوداً فما لي حاجة سواها نباتًا يثمر الحمد والشكرا

وقد كانت القصائد المنظومة بشأنها تتعجب من هيئتها، ومن اجتماع الناس عليها، ومن شكل بائع القطايف وهو يملأ علبته الصغيرة ثم يفرغ منها العجين، ليتحول العجين إلى قطع من الحلوى الشهية.

وقد ذاع صيتها في الكتب العربية التي تتناول أصل الطعام والشراب، حتى أصبحت جزءًا أصيلًا من الإرث الثقافى العربي!

القطايف… شعبية طاغية في رمضان!

من اليوم الأول لشهر رمضان الكريم يبدأ الخبّازون في البلاد العربية في إعداد أشهى حلويات رمضان، ومع صب الأمهات لخليط الطحين والبيكنج باودر والماء والخميرة والقليل من السكر يبدأ مفعول السحر الرمضاني في الانطلاق على الموائد الرمضانية!

تحظى هذه الحلوى بشعبية هائلة في العصر الحديث رغم تعدد أنواع الحلويات الرمضانية، ولا تتردد العائلات العربية في التباهي بوضع صواني القطايف لكل الضيوف القادمين!

وغالبًا ما ستجد أصدقاءك، مع أول ليلة من ليالي رمضان، ينشرون صورهم الضاحكة، على إنستغرام، بجوار قطع القطايف، كأنهم يلتقطون صورة لهم مع لاعب كرة قدم عالمي!

إن هذه الحلوى الرمضانية قادرة على نشر البهجة بطريقة غير اعتيادية!

القيمة الغذائية للقطايف!

تقول أخصائية التغذية، رزان شويحات، إن تقسيم الحلوى إلى مكوناتها الرئيسية يمكن أن يساعد في إيجاد طرق صحية أكثر لتناولها!

فالقطايف مثلًا تتكون من: لبن أو جبن أو مكسرات أو كريمة، وهذه كلها لها قيم غذائية مفيدة لجسم الإنسان، بدون الإسراف في تناولها!

لكن علينا تجنب القلي الزائد عن الحد! والحد من كمية الزيت والحشوة المفرطة التي لن تروق لأجهزتنا الهضمية!

ولتجنب الإصابة بأمراض خطيرة يمكن حشو ها بجبن قليل الدسم. حيلة أخرى، صحية للغاية!، هي أن تضيف القرفة إلى القطايف.

 واحذر شراء القطايف من المتاجر المجهولة! فمن الصعب حينها معرفة المكونات والقيم الغذائية الحقيقية لها.

وإذا اشتريتها من متاجر موثوقة فعليك أن تتحدى نفسك وتتحكم في تناول تلك المحشوة بالسكر!

وللتغلب على ذلك يمكنك حشو ها بالتمر، فاثنتان فقط من التمر، متوسط الحجم، يوفران لك حوالي 60 سعر حراري و 15 جرامًا فقط من السكر! ويمكن إضافة الحليب منزوع الدسم والشوفان للقطع، وذلك سيمنحك جرعة رائعة من الكالسيوم والألياف والبروتين!

كيف تحصل على القطايف المثالية

أصعب جزء عند إعداد القطايف هو العجين نفسه، فهو عادة ما يكون سميك جدًا!

ويجب أولًا مزج الخميرة والماء الدافئ والسكر، مع التقليب المستمر، ثم تركها على المنضدة لبضع دقائق حتى تصبح رغوية!

ثم يمكنك أن تضيف ما تشاء من المكونات الإضافية! واخفقها حتى تمتزج جيدًا!

ثم صب العجين بمقدار 1/4 كوب في دوائر على صينية مجهزة، واستخدم مغرفة لعمل حركة دائرية خفيفة للمساعدة في توزيع العجينة.

وعندما يكون السطح مغطى بالفقاعات، قم بتفريغ العجين من الهواء وتحقق من تساوي العجين! وإذا شعرت أن العجين سميك وتتحرك ببطء، قم بإضافة الماء الدافئ بمقدار ملعقة كبيرة في كل مرة!

ثم ضع العجين على منشفة ورقية لمدة 15 ثانية فقط، ثم اغمسها في الشراب وهي لا تزال ساخنة!  ثم أخرجها واتركها ليقطر منها الشراب الزائد!

ويمكنك إضافة الكريمة الثقيلة ونشا الذرة، بعيدًا عن النار، حتى تختفي الكتل البارزة منها، لمدة حوالي 2-5 دقائق.

وبمجرد اختفاء هذه الكتل أضف السكر حتى تصبح الكريمة سميكة ودسمة. وأضف ماء الورد في النهاية إذا رغبت في ذلك!

إقرأ المزيد من مطبخ عَشْتَار

أخطاء شائعة عند إعداد القطايف

رغم سهولة إعدادها إلا أن هناك بعض الأخطاء الشائعة عند عمل هذه الحلوى، لاسيما في المنزل، ومن أبرز هذه الأخطاء الشائعة:

1.عدم إضافة قدر كافي من الماء إلى العجين.

2. أن يكون الماء المستخدم في العجين ساخنًا لا باردًا.

3. عدم تعريض العجين للهواء لوقت كافي بعد خبزه.

4. أن يكون زيت الطهي غير ساخن بما فيه الكفاية.

ولا تنس في النهاية ضرر الإفراط في تناول السكريات! فالاعتدال مطلوب في كل شيء، لاسيما لحفظ صحة الجسد الذي لن يتردد في رفع الراية البيضاء إذا تجاوزت السعرات الحرارية الحد المسموح به!

شارك الموضوع
فريق يارا

فريق المحرّرين بموقع «يارا».